مذكّرات التوقيف بحقّ فنيانوس وخليل غير قابلة للتنفيذ

مدة القراءة 6 د

“إن لم تستحِ فاقضِ أمر أولياء النعمة في غرف التآمر، وصُمَّ أذنيك عن ارتياب أولياء الدم في غرف التمييز. إن لم تستحِ من تسخير القضاء الفاضح لردّ كلّ ارتياب مشروع، فاسمع صوت أهالي الشهداء، واحترم رغبتهم بعدما كشفوا مخطّطك، أنت ومشغّلك الطامح. ضحايا المرفأ لن يكونوا أوراق اقتراع للمُرشّح الحالم بالوصول إلى كرسيّ رئاسة الجمهورية، كما يسعى قاضي القضاة أن يكونوا مستخدماً دم الشهداء ودُمى القضاء”.

بهذه المقدّمة الناريّة خصّصت قناة NBN التابعة للرئيس نبيه بري نشرة كاملة توجّهت فيها إلى المحقّق العدلي طارق البيطار ورئيس مجلس القضاء الأعلى سهيل عبود متسائلة، بعد تقديم والد أحد ضحايا انفجار المرفأ دعوى ارتياب بحقّ البيطار، “ما هي التخريجة الجديدة (لرفض الدعوى) بعد كلّ القرارات الفاضحة التي ترتقي إلى مستوى الوقاحة في الدوس على الدستور والقانون وحتى أبسط الأعراف”؟!

يقول مصدر أمني بارز لـ”أساس: نحن في الأجهزة الأمنيّة، وفي حالات حسّاسة من هذا النوع، نلفت نظر السلطة السياسية إذا وُجِدت أيّ تأثيرات على السلم الأهلي والوضع الداخلي في معرض تطبيق القانون

واعتبرت محطة NBN أنّ “إمعان المحقّق العدلي في التحدّي وتجاوز صلاحيّاته لم يعد يجدي، والاستمرار في مكابرته مع مشغّليه يُعدّ جريمة ثلاثية الأبعاد”. وفي ما يشبه الإنذار نقلت المحطة عن الثنائي الشيعي قوله إنّ “المنحى الذي يسلكه البيطار سيدفع الأمور إلى ما لا تحمد عقباه”.

لم يعد هناك من سقف يضبط حدّة المواجهة المفتوحة بين المحقّق العدلي والثنائي الشيعي، خصوصاً بعدما أصرّ البيطار على تنفيذ مذكّرة التوقيف الغيابية بحقّ النائب علي حسن خليل.  

وما كان يشكو منه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وصارح به الرئيس برّي لجهة انزعاجه، وفق المعلومات، من التلميحات والتصريحات العالية السقف للوزير محمد مرتضى باتجاه البيطار وعبود، بات الخطاب الرسمي لعَيْن التينة يتجاوز فيه حتى سقف خطاب حزب الله تجاه المحقّق العدلي.

ورَفَعَ دخول برّي المباشر على خطّ التصدّي للمحقّق العدلي من منسوب التصعيد بعدما تولّى حزب الله في الفترة الماضية، وعلى لسان أمينه العام شخصيّاً، مهمّة الدعوة إلى تنحية البيطار.

 

بين برّي وعبّود

وتفيد المعلومات أنّه حتى وقت قصير كانت قنوات التواصل مفتوحة نوعاً ما بين برّي والقاضي عبّود. والخبثاء في السياسة كانوا يرون في هذا “اللينك” أمراً طبيعياً ومفهوماً ما دام الرئيس عون هو خصم الطرفين.

لكنّ اشتداد حدّة المواجهة على خط العدلية، بعد الرفض المتكرّر لكلّ الدعاوى المقامة ضدّ البيطار وبعض القضاة، أدّى إلى انقطاع حبل التواصل نهائياً، إلى درجة اتّهام عين التينة رئيس مجلس القضاء الأعلى باستثمار قضية تحقيقات المرفأ ضمن إطار “أحلامه لرئاسة الجمهورية”.

ويُتوقّع في الأيام المقبلة مُحاصرة المحقّق العدلي بعشرات من الدعاوى من بعض أهالي الضحايا التي تضاف إلى الدعاوى من جانب المدّعى عليهم من السياسيين، وهو الأمر الذي قد يؤدّي إلى إيقاف البيطار مجدّداً عن متابعة التحقيق ريثما يتمّ الفصل فيها تباعاً أمام محكمة التمييز.

تفيد المعلومات أنّه حتى وقت قصير كانت قنوات التواصل مفتوحة نوعاً ما بين برّي والقاضي عبّود

وتفيد الأوساط القضائية أنّ “الأخير ماضٍ في تحقيقاته طالما لا تأثيرات قانونية للدعاوى عليه، وسيصدر القرار الظنّيّ مطلع العام، وسيضمّنه عدم إعطاء أذونات بالملاحقة وتخلّف مدّعى عليهم عن الحضور وإصدار مذكّرات توقيف بحقّهم مع تفصيل التهم الموجّهة إليهم”.

وبعدما أعاد البيطار مذكّرة التوقيف بحقّ علي حسن خليل، الصادرة في 12 تشرين الأول الماضي، إلى النيابة العامة التمييزية، يستبعد مطّلعون تعميمها مجدّداً من جانب القاضي قبلان على قوى الأمن الداخلي. مع العلم أنّ مذكّرة التوقيف الصادرة بحقّ الوزير السابق يوسف فنيانوس في 16 أيلول الماضي لم تنفَّذ أيضاً.

وهنا يقول مصدر أمني بارز لـ”أساس: “نحن في الأجهزة الأمنيّة، وفي حالات حسّاسة من هذا النوع، نلفت نظر السلطة السياسية إذا وُجِدت أيّ تأثيرات على السلم الأهلي والوضع الداخلي في معرض تطبيق القانون. فالقوانين لم توضع كي تسبّب حرباً أهلية أو طائفية أو تهزّ الاستقرار العام”.

ولذلك يُتوقّع أن يُرسل اللواء عماد عثمان كتاباً إلى المحامي العام التمييزي يطلب فيه التريّث في تنفيذ المذكّرة ربطاً بتأثيراتها على السلم الأهلي.

 

الحلّ… في علم الغيب

أمّا الحلّ السياسي فلا يزال في علم الغيب مع سقوط كلّ المبادرات حتى الآن لفصل التحقيق العدلي عن ملفّ ملاحقة الرؤساء والوزراء والنواب، ومع تسليم الفريق الداعي إلى هذا الفصل بأنّ الحلّ لن يكون متاحاً عبر الحكومة وحتى عبر وزير العدل من خلال التراجع عن مرسوم تعيين البيطار محقّقاً عدلياً. 

وفي هذا السياق، برز موقف المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم في حديثه إلى صحيفة “الشرق” القطرية، حيث قال: “من المنتظر أن يُحسَم الجدل في مجلس النواب. فليس من صلاحيّات الحكومة التدخّل في عمل القضاء. أمّا السلطة التشريعية في مجلس النواب فيمكنها تحديد مَن تؤول إليه صلاحية محاكمة الرؤساء والوزراء والنواب، ولذلك الموضوع هو تفسير القوانين”.

وفي الإطارنفسه، تفيد مصادر مطّلعة أنّه “منذ البداية جرى في الكواليس درس خيار أن يحسم مجلس النواب الصلاحية لأنّه الجهة المعنيّة بتفسير القوانين. وآنذاك كان قابلاً للتنفيذ وحلّ الأزمة عبر إقناع بعض الكتل النيابية بالتصويت لمصلحة بتّ صلاحية المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء والنواب في ملاحقة السياسيين، لكنّ ما كان ممكناً في السابق بات صعباً جداً اليوم لأنّ الشعبوية تتحكّم بمختلف مواقف القوى السياسية كلّما اقتربنا أكثر فأكثر من الانتخابات النيابية”.

إقرأ أيضاً: “حالة تمرّد”… على محكمة التمييز؟!!

ومن المؤكَّد أنّ القوى نفسها التي ترفض التصويت اليوم على لائحة الاتّهام النيابية سترفض الشروع في تفسير الدستور لتكريس صلاحية “المجلس الأعلى” في ملاحقة السياسيين. وهذا الأمر ينطبق على جنبلاط وتيار المستقبل والقوات، فيما تكتّل لبنان القوي كان يتحدّث عن توفيرالنصاب والتصويت ضدّ.

مواضيع ذات صلة

هل يستبدِل برّي حليفه فرنجيّة بأزعور؟

يدور الاستحقاق الرئاسي في حلقة مُفرغة، أحد أبرز عناصر كَسرِها التوصّل داخلياً إلى تسوية تَمنع الثنائي الشيعي من أن يكون في جلسة التاسع من كانون…

مشاورات “الأعياد”: لا 65 صوتاً لأيّ مرشّح بعد!

تَجزم مصادر نيابية لموقع “أساس” بأنّ المشاورات الرئاسية في شأن جلسة التاسع من كانون الثاني قد تخفّ وتيرتها خلال فترة الأعياد، لكنّها لن تتوقّف، وقد…

السّيناريو البديل عن الانتخاب: تطيير الجلسة تحضيراً لرئاسة ترامب!

في حين يترقّب الجميع جلسة التاسع من كانون الثاني، يحتلّ عنوانان أساسيّان المشهد السياسي: من هو الرئيس المقبل؟ وهل يحتاج موظّفو الفئة الأولى، كقائد الجيش…

1701 “بضاعة” منتهية الصّلاحيّة؟

لا شكّ أنّ ما يراه المسؤولون الإسرائيليون “فرصة لا تتكرّر إلّا كلّ مئة عام” في سوريا تتيح، بعد سقوط نظام بشار الأسد، اقتطاع منطقة من…