خلال أيّام قليلة، يُفترض أن يقول المجلس الدستوري كلمته في شأن الطعن المقدّم من “تكتّل لبنان القوي” بخصوص التعديلات التي أُدخلت على قانون الانتخابات، وأهمّ تلك البنود اقتراع غير المقيمين بعدما أعاد المشرِّع توزيعهم على الدوائر الـ15 لمساواتهم بالمقيمين، بحيث ينتخبون حسب دوائر النفوس، فيما “التيار الوطني الحرّ” يضغط لحصرهم بالدائرة الـ16 التي كان يُفترض استحداثها لتمثيل المغتربين.
وبالانتظار، بدأت تعلو أصوات تشكو من إمكانيّة التمديد لمجلس النواب في حال جاءت نتيجة الطعن إيجابية، بمعنى التأكيد على حقّ غير المقيمين في أن يكون لهم دوائرهم التمثيلية التي أتى القانون على ذكرها حين إقراره بالنسخة الأولى، والتي حُدِّدت بستّ دوائر. فقد اعتبر النائب جهاد الصمد أنّ التصويت على قانون الانتخابات، في نسخته المعدّلة، “غير قانوني”، لأنّه تضمّن سلسلة أخطاء وهفوات شملت المهل القانونية، التي سها عنها المشرِّعون، الأمر الذي جعله عرضةً للطعن في أكثر من نقطة. الأهمّ أنّ الصمد لم يتردّد في الإشارة إلى أنّه في حال قبول الطعن، فإنّ ثمّة مشكلة ستفرض نفسها وتتّصل بآليّة تطبيقه في هذه الحالة، “مع احتمال عدم مشاركة المغتربين، أو سنُضطرّ إلى التمديد من أجل إيجاد آليّة لتمكينهم من المشاركة”.
يقول مصدر سياسي مطّلع إنّ معظم القوى السياسية، باستثناء “القوات”، تفضّل التمديد، لكنّ أيّاً منها لا يجرؤ على البوح بهذا الكلام
في الواقع، سيكون الصمد “الفدائي” الأوّل الذي يلفظ تعبير “التمديد”، ولو قسراً، بحجّة إيجاد آليّة لتمكين غير المقيمين من المشاركة في الانتخابات في حال قال المجلس الدستوري كلمته معطياً هؤلاء حقّ التصويت لستّة نواب يمثّلونهم. لكنّ خبيراً انتخابياً يؤكّد أنّ وقف مفاعيل التعديلات التي أقرّها مجلس النواب من خلال نشر غير المقيمين على كامل الخارطة اللبنانية، لا يحتاج إلى أكثر من مرسوم يتولّى توزيع المقاعد الستّة على الطوائف تبعاً للآتي: القارّات، وآلية الترشّح، وعمل هيئة الإشراف لمراقبة الإنفاق، وحجم الإنفاق المالي المتاح أمام المرشّحين.
بيد أنّ النائب جهاد الصمد يشير في حديث لـ”أساس” إلى أنّ “الآليّة القانونية لاقتراع غير المقيمين في الدائرة 16، التي وضعتها اللجنة المشتركة بين وزارة الداخلية ووزارة الخارجية، (تحتاج إلى إقرار في مجلس الوزراء)، معقّدة جدّاً لأنّها غير قابلة للتطبيق في الوقت المتبقّي قبل موعد الاستحقاق حتى لو حُدِّدت مواعيده في أيار المقبل. ولذلك ثمّة حاجة قانونية وماسّة إلى تمديد عمر مجلس النواب وإعادة النظر في تلك الآليّة لكي تصبح قابلة للتطبيق، خصوصاً أنّ أياً من القوى السياسية لا يستطيع أن يمنع المغتربين من حقّ المشاركة، ولذا قد يكون التمديد قسرياً إذا ما فرض المجلس الدستوري زيادة عدد النواب ستّة إضافيين، مع العلم أنّني من أكثر المطالبين بإجراء الانتخابات في موعدها لأنّها حاجة ماسّة لتجديد الشرعية، سواء من خلال فرض التغيير السياسي أو إبقاء الوضع على حاله”.
رغبة عامة بالتمديد؟
يقول مصدر سياسي مطّلع إنّ معظم القوى السياسية، باستثناء “القوات”، تفضّل التمديد، لكنّ أيّاً منها لا يجرؤ على البوح بهذا الكلام. ويذهب أبعد من ذلك، فيؤكّد أنّ رئيس “تيار المستقبل” سعد الحريري ورئيس الحزب التقدّمي الاشتراكي أبلغا رئيس مجلس النواب نبيه بري رغبتهما الشديدة في الذهاب إلى التمديد، لكن طلبا منه أن يقود هذا المشروع ويهندسه بهدوء تامّ منعاً للشبهة، ومنعاً لإثارة اعتراض الراغبين في فتح صناديق الاقتراع، ولا سيّما الفئات الموصوفة بالمستقلّة التي عادةً ما تحدِّد خياراتها في اللحظات الأخيرة، وقد تكون أكثر من غيرها متحمّسة للتعبير عن اعتراضها على الطبقة السياسية، وسيكون قرار التمديد بمنزلة صبّ الزيت على النار.
إقرأ أيضاً: رئيس الدستوري لـ “أساس”: غير معنيين بأيّ مقايضة
ومع ذلك، يلفت إلى أنّ مصير الانتخابات لا يزال على المحكّ، بانتظار رصد المواقف الدولية، وتحديداً الأميركية، اتجاه هذا الاستحقاق. خصوصاً أنّ ترك دفّة التحكّم بيد القوى السياسية سيدفعها إلى تغليب قرار عدم الاحتكام في الوقت الراهن إلى صناديق الاقتراع، إلا أنّ إصرار المجتمع الدولي، وتحديداً واشنطن وباريس اللتين ترفعان سيف العقوبات، هو الذي يجعل قرار التمديد غير محسوم. ولو أنّ احتمال تفشّي الوباء من جديد قد يدعم حجج “التمديديّين”، فضلاً عن المعوّقات القانونية التي قد يفرضها قرار المجلس الدستوري. لكنّ المصدر السياسي ذاته يعتبر أنّ الإدارة الأميركية تتّخذ من الاستحقاق النيابي ورقة ضغط لا هدفاً بحدّ ذاته، خصوصاً أنّ كلّ الاستطلاعات تؤكّد أنّ أفضل النتائج، التي قد تُحقَّق في حال إجراء الانتخابات في موعدها، قد تقلب بين 10 إلى 15 نائباً من ضفّة الثامن من آذار إلى الوسط. لذا فحتى لو خسر “حزب الله “الأغلبية النيايبة، هذا لا يعني أبداً تراجع نفوذه. وهو سيناريو يتماهى مع سؤال جوهري يطرحه مسؤولو “حزب الله” على أنفسهم: كيف استفدنا من الأكثرية النيابية التي بين أيدينا؟