حين يشترط الرئيس ميشال عون تمتُّع الرئيس المقبل للجمهورية بـ”التمثيل الصحيح، وأن يكون صاحب كفاءة ومتمرّساً في التوازنات القائمة”، تكون مروحة خياراته محصورة بين… “ميشال عون وجبران باسيل”.
لا ثالث لهذين الخيارين في الخلفيّة السياسية للجنرال الذي يجزم مَن يعرفه عن قرب أنّه مستعدّ لخوض معركة حياة أو موت كي يتيح انتقال كرسيّ الرئاسة الأولى إلى “مُستحقِّها”.
مصادر قريبة من رئاسة الجمهورية لـ”أساس”: قرار ميشال عون ثابت بالبقاء في قصر بعبدا حتى آخر يوم من الولاية، وعدم السعي إلى تمديدٍ رفضه سابقاً في موقعيْ رئاسة الجمهورية ومجلس النواب، وخاض معارك، حتى بوجه حزب الله، لعدم السير به
ولائحة “مُستحقّيها” على الأجندة العونية لا تشمل قائد الجيش جوزيف عون، ولا النائب السابق سليمان فرنجية، ولا رئيس مجلس القضاء الأعلى سهيل عبود، ولا الوزير السابق زياد بارود، ولا النائب الحالي ميشال معوّض، ولا أيّ مرشّح يلوح اسمه في الأفق…
المُسلَّم به أنّ أحداً لن يطلب في مجلس النواب بقاء ميشال عون في قصر بعبدا لحظة واحدة بعد 31 تشرين الأوّل 2022. حتى حزب الله، حليفه الأوّل والثابت، لن يكون، وفق العارفين، في وارد خوض معركة التمديد لميشال عون ولو في ظلّ مجلس نواب ممدَّد له في حال لم تجرِ الانتخابات النيابية في موعدها.
يحاذر حزب الله دوماً إطلاق أيّ موقف في ما يتعلّق بالشأن الرئاسي المقبل. وتتجنّب قياداته الردّ على سؤال يتكرّر على ألسنة خصوم حزب الله وحلفائه: هل سيُجيِّر حزب الله إلى جبران باسيل كلّ “رصيد الدعم” الذي قدّمه لميشال عون منذ قرار فرملة جلسات مجلس النواب على مدى سنتين ونصف، والوقوف بوجه انتخاب سليمان فرنجية رئيساً وصولاً إلى انتخاب عون، و”بضَهرِه” خمس سنوات من ولاية رئاسية لم تزِح فيها الضاحية عن تقديم المؤازرة للعهد القوي، وبالحدّ الأدنى التزام الحياد، في سياق المعارك التي خاضها عون بوجه خصومه، وآخرها الخلاف بين عون وحزب الله على بقاء سعد الحريري رئيساً للحكومة؟
تقول مصادر قريبة من رئاسة الجمهورية لـ”أساس”: “قرار ميشال عون ثابت بالبقاء في قصر بعبدا حتى آخر يوم من الولاية، وعدم السعي إلى تمديدٍ رفضه سابقاً في موقعيْ رئاسة الجمهورية ومجلس النواب، وخاض معارك، حتى بوجه حزب الله، لعدم السير به”.
لكن مع ذلك يتوجّس خصوم رئيس الجمهورية من خيارٍ رئاسيٍّ، مدعومٍ من حزب الله، قد يلجأ إليه عون ربطاً بمسار الأزمة، خصوصاً إذا مُدِّد لمجلس النواب الذي يعني تلقائيّاً “التمديد” لرئيس المجلس نبيه برّي.
يرى فريق لصيق بعون أنّ إعادة ترشيح نبيه برّي نفسه في الانتخابات النيابية، ثمّ إعادة انتخابه رئيساً لمجلس النواب، ستفتحان الباب واسعاً أمام مشروعيّة بقاء عون في موقعه
فهل نكون أمام تكرار نموذجين رئاسيّين في التمديد المغطّى خارجياً، وعبر تعديل المادة 49 من الدستور: التمديد للرئيس الراحل إلياس الهراوي ثلاث سنوات عام 1995، والتمديد للرئيس إميل لحود عام 2004 لثلاث سنوات انتهت في2007؟
طرح هذا السؤال يجوز في ظلّ كلام يتكرّر، في محيط عون، “عن رغبة “الجنرال” بالبقاء في القصر الجمهوري بعد ولاية رئاسية مُنِع خلالها من تنفيذ برنامجه الإصلاحي، وحورب وشُيطِن وخُوِّن وتعرَّض لـcharacter assassination هو والنائب جبران باسيل، الأمر الذي سيتيح له استكمال ما أتى من أجله. وطرح السؤال عن خيار الاستقالة في تكرارٍ لتجربة الرئيس بشارة الخوري في أيلول 1952 هو خارج الموضوع تماماً”.
كما يؤكّد قريبون من عون: “الاستقالة غير واردة، ولا أسباب موجبة لها أصلاً مهما كانت الضغوط”.
لكن ما بدأ يتسرّب من محيط قصر بعبدا والدائرة الداعمة لعون وباسيل يشي بحرب كبرى ستُتَوِّج سلسلة معارك مندلعة على خط بعبدا – عين التينة، لم تهدأ منذ العام 2016، تاريخ حجب برّي أصوات نواب كتلته عن التصويت لعون في انتخابات رئاسة الجمهورية.
إقرأ أيضاً: الحزب والرئيس وتهديد الانتماء العربيّ والدستور
ويرى فريق لصيق بعون أنّ إعادة ترشيح نبيه برّي نفسه في الانتخابات النيابية، ثمّ إعادة انتخابه رئيساً لمجلس النواب، ستفتحان الباب واسعاً أمام مشروعيّة بقاء عون في موقعه.
ويذكّر هؤلاء بأنّ انتخاب برّي رئيساً لمجلس النواب لولاية سابعة يعني احتكاره هذا الموقع منذ 30 عاماً. فقد شغله في المرّة الأولى في تشرين الأول من عام 1992، تاريخ انتخابه رئيساً لمجلس النواب، واستمرّ في هذا الموقع منذ ذلك الحين، وشهدت هذه المرحلة انتخاب أربعة رؤساء جمهورية!! وبذلك يتفوّق برّي على صبري حمادة الذي ترأس مجلس النواب 26 سنة…