بعد مرور أربع سنوات على الأزمة بين الدول الخليجية وقطر، يبدو أنّ الإمارات العربية المتحدة التي تنتهج سياسة جديدة ترتكز على التهدئة والوساطات، قد استأنفت العمل على تحسين العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع الدوحة، وطيّ صفحة الخلاف، والنظر إلى المستقبل بإيجابية. وهذا ما بدا جليّاً خلال استقبال أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، في مكتبه بالديوان الأميري في 26 آب، الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان، مستشار الأمن الوطني في دولة الإمارات، والوفد المرافق له.
واللافت هو أنّ التواصل الإماراتي القطري يأتي في الوقت الذي تُعرب فيه واشنطن عن نيّتها تقليص وجودها العسكري في الشرق الأوسط، والتركيز أكثر على تهديدات في مناطق أخرى، وفقاً لِما ورد في مقال نشره موقع “ستراتفور” الأميركي، الذي عدّد التطوّرات المتزامنة في المنطقة على النحو التالي:
أوّلاً: قامت الولايات المتحدة بتنفيذ قرار سحب القوات الأميركية من أفغانستان، وهي أيضاً في مرحلة التفاوض على سحب المزيد من قواتها من العراق.
ثانياً: كانت أبو ظبي تتمتّع بعلاقات جيدة مع إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، وقد مكّنتها هذه العلاقات من المشاركة في حصار الدول الخليجية لقطر، إضافةً إلى تحمّل مخاطر عسكرية أكبر في اليمن وليبيا، من دون خشية الردّ الأميركي. لكنّ التطوّرات الآن تتمثّل في تسلّم الرئيس جو بايدن زمام السلطة، واهتمام الإماراتيين بالابتعاد عن هذه السياسة الخارجية التي تميل نحو المغامرة.
ثالثاً: قامت الإمارات بتطبيع العلاقات مع إسرائيل في آب 2020، عندما كان الإماراتيون يبحثون عن حلفاء جدد غير الولايات المتحدة يمكن أن يساعدوا في تعويض تقليص القوة العسكرية الأميركية في منطقة الخليج.
رابعاً: تهتمّ الإمارات العربية المتحدة بالاستقرار الذي يُعتبر عاملاً مهمّاً من أجل جذب المستثمرين والعمّال الأجانب. وقد أثارت العلاقات الأميركية الإيرانية المتوتّرة تساؤلات عن احتمال انجرار الإمارات، التي تستضيف قوات أميركية، إلى صراع إقليمي محتمل بين واشنطن وطهران.
وبعد عرض ما تقدّم، أشار الموقع إلى أنّ تحسّن العلاقات تدريجياً بين الإمارات وقطر له عناوين عريضة للمرحلة المقبلة. فقد يؤثّر إيجابياً على القطاعات الاقتصادية في البلدين، وعودة الاستثمارات المتبادلة. وأضاف الموقع أنّ شركات البناء الإماراتية تبدو جاهزة للاستفادة من سلسلة المشاريع التي لا تزال تحتاج الدوحة إلى إنهائها قبل تشرين الثاني 2022، موعد استضافتها لكأس العالم.
إقرأ أيضاً: “فايننشال تايمز”: تحوّل كبير.. كيف غيّرت الإمارات سياساتها؟
وتمهّد العلاقات لعودة الملاحة الجوية وتشجيع السياحة. ناهيك عن أنّ المستثمرين القطريين لطالما شكّلوا مصدر دخل رئيسي لقطاع العقارات في الإمارات. وكان القطريون يتردّدون على مراكز التسوّق والفنادق الفخمة في الإمارات.
ومن المرجّح أن تركّز استراتيجية الإمارات على الدبلوماسية بعد تطوّر العلاقات مع قطر، بدلاً من الاعتماد على القوة السريّة والعمل العسكري في دول أخرى مثل اليمن وليبيا وتونس. وبدا ذلك واضحاً بعد خفض أبو ظبي لقوّاتها في اليمن. كذلك الأمر بالنسبة إلى الساحة الليبية حيث لا تبدي الإمارات اهتماماً باللجوء إلى القوة العسكرية في هذا البلد، الذي من المقرّر أن تجري الانتخابات فيه في كانون الأول المقبل. ولا تهتمّ أيضاً أبو ظبي بالتدخّل المباشر في السياسة الداخلية لدول مثل تونس، وتفضّل استخدام المساعدات والدبلوماسية.