حكومة ميقاتي… “على متن” ناقلة النفط الإيرانيّة

مدة القراءة 5 د

هل بتنا أمام مشهد “Deja vu” مع الرئيس سعد الحريري؟

المقصود بالسؤال هو: هل انزلق الرئيس المكلّف نجيب ميقاتي إلى نفق المراوحة القاتلة؟ على وتيرة هبّة باردة وهبّة ساخنة، لا تهدف إلا إلى كسب الوقت وتضييع “شنكاش” الحقائق والتعمية على العِقَد الفعليّة التي تحول دون ولادة الحكومة؟

يوم الخميس الماضي، اشتعلت حرب البيانات، ولو أنّها حرب ناعمة، بين الرئاسة الأولى والرئيس المكلّف، وانتهى السجال بـ”استدعاء” الأخير مساء إلى “منزل” رئيس الجمهورية الكائن في قصر بعبدا، من باب تهدئة الخواطر.

فعلاً يبدو ما يحدث وكأنّه “لعبة بيت بيوت” تُدار وفق مزاجية اللاعبين… فيما أرواح الناس تُقتل يوميّاً على مرأى من طبقة سياسية تمعن في ممارسة كلّ فنون الغنج والدلال… والوقاحة.

تفيد المعطيات أنّ العقدة الوحيدة المتبقّية هي عقدة حقيبة الطاقة التي يريدها التيار الوطني الحر لنفسه، ولو أنّ رئيسه يدّعي عدم تدخّله في المشاورات، لكن يكفي طرح اسم بيار خوري، الذي يشغل منصب المدير العام للمركز اللبناني لحفظ الطاقة

لا أحد يملك جواباً حاسماً: هل هي فعلاً معركة “ما بعد العهد”، فيخوض النائب جبران باسيل، بقلم الرئاسة الأولى وتوقيعها، آخر معاركه في سبيل تحسين وضعه السياسي بعد وقوع الشغور الرئاسي لإدارة تلك المرحلة التي قد تكون مرحلة فاصلة؟ أم هي آخر معارك الرئيس ميشال عون الذي قرّر تكبير حجر الأزمة من أزمة حكومية إلى أزمة نظام صار برمّته بحاجة إلى نفضة، فيحاول تقريب عقارب ساعتها ليفرضها على توقيته؟ أم هو الاشتباك الإقليمي الذي دخل لبنانُ من جديد مستنقعَه من خلال الإعلان عن وصول أولى بواخر الفيول الإيراني… والذي يؤخِّر ولادة حكومة لا يؤمل منها إلا التخفيف من حدّة الارتطام الذي حصل؟

الأكيد أنّ اللبنانيين في حالة “قرف” تاريخية. فهم “كفروا” بزعمائهم وبكلّ مَن ساهم عن قصد، أو غير قصد، بالتواطؤ المباشر أو بكونه شيطاناً أخرس، في إذلالهم اليومي في طوابير البنزين، والدواء ورغيف الخبز… والعتمة.

وبانتظار اتضاح الحقائق، لا بدّ من تسجيل الملاحظات التي تكوّمت خلال الساعات الماضية:

– تفيد المعطيات أنّ العقدة الوحيدة المتبقّية هي عقدة حقيبة الطاقة التي يريدها التيار الوطني الحر لنفسه، ولو أنّ رئيسه يدّعي عدم تدخّله في المشاورات، لكن يكفي طرح اسم بيار خوري، الذي يشغل منصب المدير العام للمركز اللبناني لحفظ الطاقة، لهذه الحقيبة، للتأكّد أنّ جبران باسيل هو “العقل المدبّر” للفريق العوني في مشاورات التأليف. في المقابل، فقد اتفق عون وميقاتي على بقيّة الحقائب، ومن بينها الداخلية والعدل.

– بيّن الحريري أنّه انتقل إلى مقاعد الاستعداد للانتخابات النيابية، وأنّه بالنتيجة سيذهب أكثر نحو الخطاب الاعتراضي التصعيدي، سواء تمكّن ميقاتي من إنجاز حكومته أو انتهت به المهمّة إلى فشل ذريع. وبات واضحاً أنّ اتّكاء الحريري على عكّازة إعلان الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله عن وصول بواخر المشتقات النفطية الإيرانية، للتصويب على “جنين” حكومة نجيب ميقاتي، يعني أنّه يسعى إلى ضرب عصفورين بحجر واحد: أوّلاً “فركشة” مشروع ميقاتي، وثانياً شدّ عصب جمهوره.

وفق المعنيّين، فإنّ ميقاتي لن يجرؤ على دخول السراي الحكومي قبل انتهاء جولة الاشتباك التي أطلقها نصر الله ربطاً بناقلة النفط الإيرانية المنتظر وصولها إلى لبنان، سواء انتهت هذه الجولة بفرض فكّ الحصار أو بتصعيد ميداني

– أفصح رئيس الجمهورية أنّه بات يخشى إفلات يدي نجيب ميقاتي ودفعه نحو الاعتذار، خصوصاً أنّ تلك الخطوة، فيما لو حصلت، قد تجرّ نادي رؤساء الحكومات إلى قرار مقاطعة الاستشارات النيابية الملزمة. وهذا ما لا يرغب به الثنائي الشيعي الذي حاول طوال تلك الفترة حمل الحريري “على الراحات” لكي لا يستفزّ الشارع السنّيّ ويقلّبه بوجهه. ولذا يبدو أنّ الرئيس عون يحاذر هذا الأمر، أقلّه في هذه المرحلة بعدما تأكّد له أنّ الثنائي الشيعي لن يسير بأيّ مرشّح لا يحصل على قبول القوى السنّيّة.

– يحرص ميقاتي على إحاطة حركته الحكومية بالكثير من الإيجابية، إلّا أنّ كل الدلائل تشير إلى أنّ قرار “حزب الله” برفع سقف المواجهة الإقليمية وإدخال لبنان في صراع السفن، قد يدفع ميقاتي إلى الهرولة للخروج من حلبة التأليف. لكنّ هذا الخيار يحتاج، وفق المتابعين، إلى إعداد ومتابعة مع الفرنسيين والأميركيين بالدرجة الأولى لأنّهم يشكّلون قوّة دعمه الأساسية، مع القوى الداخلية، وتحديداً الثنائي الشيعي، ليترك خطّاً للرجعة. ولهذا يضع الرجل لنفسه مهلة قبل حسم قراره النهائي… ولو أنّ السلبيات باتت تطغى على الإيجابيّات.

إقرأ أيضاً: تشكيل الحكومة… انتخابٌ ثانٍ لميشال عون

وفق المعنيّين، فإنّ ميقاتي لن يجرؤ على دخول السراي الحكومي قبل انتهاء جولة الاشتباك التي أطلقها نصر الله ربطاً بناقلة النفط الإيرانية المنتظر وصولها إلى لبنان، سواء انتهت هذه الجولة بفرض فكّ الحصار أو بتصعيد ميداني… ففي الحالتين، لن يكون رئيس الحكومة المكلّف بوارد الانتهاء من مشاوراته لإعلان ولادة الحكومة خلال هذه المدّة الفاصلة. وعليه، قد لا يعلن قراره النهائي إلا بعد اتّضاح مسار ومصير أوّل شحنة فيول.

مواضيع ذات صلة

مشاورات “الأعياد”: لا 65 صوتاً لأيّ مرشّح بعد!

تَجزم مصادر نيابية لموقع “أساس” بأنّ المشاورات الرئاسية في شأن جلسة التاسع من كانون الثاني قد تخفّ وتيرتها خلال فترة الأعياد، لكنّها لن تتوقّف، وقد…

السّيناريو البديل عن الانتخاب: تطيير الجلسة تحضيراً لرئاسة ترامب!

في حين يترقّب الجميع جلسة التاسع من كانون الثاني، يحتلّ عنوانان أساسيّان المشهد السياسي: من هو الرئيس المقبل؟ وهل يحتاج موظّفو الفئة الأولى، كقائد الجيش…

1701 “بضاعة” منتهية الصّلاحيّة؟

لا شكّ أنّ ما يراه المسؤولون الإسرائيليون “فرصة لا تتكرّر إلّا كلّ مئة عام” في سوريا تتيح، بعد سقوط نظام بشار الأسد، اقتطاع منطقة من…

الثنائي وترشيح عون: سوياً ضده… أو معه

كعادته، وعلى طريقته، خلط وليد جنبلاط الأوراق عبر رمي قنبلة ترشيحه قائد الجيش العماد جوزف عون لرئاسة الجمهورية، ليحرّك مياه الرئاسة الراكدة. قبيل عودته إلى…