أقسم الله في القرآن الكريم بالتين في سورة تحمل اسم تلك الفاكهة. قال عزّ وجل وهو أصدق القائلين:
“والتِّينِ وَالزَّيْتُونِ
وَطُورِ سِينِينَ
وَهَذَا الْبَلَدِ الأَمِينِ
لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ
ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ
إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ
فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ
أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ”.
.. أيّها الشيخ، يا بائع التين لا تذهب بسلّتك بعيداً. نحن اللبنانيين كهولاً وصغاراً بأمسّ الحاجة إلى حلاوة تينك بعدما بات كل شيء في حياتنا مرّاً. خبزنا وماؤنا. ليلنا ونهارنا. أعيادنا ومواسمنا. نحن بحاجة إلى تينك في تلك السلّة لعلّه يعيد إلينا ما لم يعد فينا.
أيّها الشيخ، مُرّ علينا ولا تغب ولا تقس كما قسونا نحن عليك فأنت من أهل الصالحين الذين أجرهم غير ممنون. الكلمة يا شيخنا يا بائع التين لم تكن يوماً للظالم بل هي بيد الله أحكم الحاكمين
.. أيّها الشيخ، يا بائع التين، انثر علينا تينك، في صيدا وبيروت، في الضاحية والجنوب والشوف، في طرابلس وعكار، في البقاع غربه وأوسطه وشرقه. انثر علينا تينك لكي يعود بلدنا ذاك البلد الأمين. لا تحزن لِما اقترفته أيديهم. ابتسامتك تؤكّد أن الله خلقك في أحسن تقويم، فيما للأسف البعض من أبناء وطنك قد رُدّوا إلى أسفل السافلين. سامحهم أيّها الشيخ الخجول النظرات، كما فعل منذ أن وجد الإنسان على الأرض كل الأنبياء والمتّقين. سامحهم قائلاً كما قال النبي محمد (ص) في جبل الطائف: “اللهم اغفر لقومِ فإنّ قومي لا يعلمون”.
.. أيّها الشيخ، مُرَّ علينا كل يوم بسلّتك، فتينك مبارك أقسم الله به، ويقول المفسّرون إنّه نبتة الأرض المقدسة في بلاد الشام، دمشق وحاصبيا وبيت المقدس الحزين. هو مبارك كما طاقيّتك مباركة. مُرّ علينا ولا تغِب ولا تقسُ كما قسونا نحن عليك، فأنت من أهل الصالحين الذين أجرهم غير ممنون. الكلمة يا شيخنا يا بائع التين لم تكن يوماً للظالم، بل هي بيد الله أحكم الحاكمين.
إقرأ أيضاً: الدولة بين حسن غصن وعلي شبلي
.. أيّها الشيخ سامحهم فأنت تعلم وهم لا يعلمون أنّ ابن عباس والإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنهما إذا قُرِأ من سورة التين: “أليس الله بأحكم الحاكمين”، قالا: “بلى أنا على ذلك من الشاهدين”. احمل سلّتك كي نشتري منك تيناً، وردّد معنا أليس الله بأحكم الحاكمين. ثمّ سنصرخ معاً بعد ذلك: “.. بلى.. بلى.. بلى.. والله، ونحن على ذلك من الشاهدين”.