إيران والسعوديّة: السيوف إلى غمدها

مدة القراءة 6 د

شهدت إيران يوم الثلاثاء تنصيب إبراهيم رئيسي للرئاسة، ورافقت هذا الحدث تحليلات في الصحف العالميّة تناولت دور الرئيس الجديد وخططه لمعالجة الملفات العالقة، وأبرزها الملف النووي والمحادثات مع واشنطن، وهو موضوع يُثار أيضاً منذ تسلّم الرئيس جو بايدن مفاتيح المكتب البيضاوي.

إذاً ما هي التطوّرات وفق الإعلام الدولي؟

منذ شهر تحديداً، نشر موقع “المونيتور” مقالاً عن التقدّم الذي أُحرِز في المحادثات الإيرانية – السعودية، ونقل الموقع حينها ما قاله المتحدّث باسم الحكومة الإيرانية علي ربيعي من أنّ “المحادثات التي جرت مع الجانب السعودي تناولت قضايا البلدين بحسن نيّة، وحقّقت بعض التقدّم”، مضيفاً: “نتفهّم أنّ الخلافات قد تكون لها تعقيدات في بعض المجالات، وتتطلّب وقتاً لحلّها”، لكنّ طهران “ستواصل هذه المفاوضات حتى تضييق نقاط الخلاف إلى أقلّ ما يمكن”.

وكانت صحيفة “فايننشال تايمز” أوّل من كشف عن انعقاد محادثات مباشرة بين الطرفين في بغداد في 9 نيسان الماضي، بهدف الحدّ من التوتّرات. وفي شهر أيار، أكّدها الرئيس العراقي برهم صالح قائلاً “إنّ بلاده استضافت أكثر من جولة محادثات بين السعودية وإيران”، قبل أن يجري تأكيد هذه الانفراجة الدبلوماسية من قبل الرياض وطهران. إذ أعلنت الخارجية الإيرانية في العاشر من أيار أنّ المحادثات جرت في بغداد. ونقلت وكالة “تسنيم” عن المتحدّث باسم الوزارة سعيد خطيب زاده قوله إنّ “الغرض من المحادثات كان مناقشة العلاقات الثنائية والإقليمية”.

ونقلت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية، نقلاً عن مسؤولين عراقيين وإيرانيين، أنّ رئيس الاستخبارات السعودية بدأ محادثات سرّية مع مسؤول أمني إيراني كبير في بغداد لمناقشة نقاط خلافيّة متعدّدة، من بينها الحرب في اليمن والمجموعات التي تتلقّى دعماً من إيران في العراق.

في السياق نفسه، ذكرت الصحيفة ما أكّده وليّ العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، في مقابلة تلفزيونية، من أنّ المملكة “تنظر لإيران بوصفها دولة جارة”، وأنّها “تطمح إلى تكوين علاقات جيّدة معها، لكنّ المشكلة هي سلوك طهران السلبي، سواء عبر برنامجها النووي أو دعمها ميليشيات خارجة على القانون”.

في 25 تموز، نشر موقع “طهران تايمز” مقالاً بعنوان “رئيسي يكسر جليد العلاقات الإيرانية السعودية”، لافتاً إلى ما قاله الرئيس الإيراني الجديد عقب إعلان فوزه في الانتخابات: “نريد علاقات طيبة مع جميع دول الجوار، ولا سيما السعودية. وبلادنا لا تمانع إعادة فتح السفارتين في كلا البلدين أو بناء علاقات مع السعودية”.

وذكر الموقع أنّ تصريحات الرئيس الإيراني أتت في خضم المحادثات الأمنية الإيرانية السعودية في بغداد، التي تطرّقت إلى حرب اليمن ونقاط خلافيّة شائكة أخرى، مثل لبنان والعراق.

وفي تقرير إخباريّ آخر، نقل الموقع الإيراني ما أوضحه وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، في مقابلة أجريت معه حول استضافة بلاده للمحادثات بين إيران والسعودية، إذ قال: “يجب أن لا أتحدّث باسم البلدين، لكنّني أعلم أنّ الجولة الثالثة من المحادثات انتهت وكانت مرضية. والمهمّ أنّ الطرفين استهلّا التشاور في القضايا المتعلّقة بالعلاقات الثنائية، ولعب العراق دوراً أساسياً في هذا الصدد”.

السلام في الشرق الأوسط

من جانبها، نشرت مجلة “فورين أفيرز” الأميركية مقالاً عن التقارب الإيراني السعودي، تشارك في إعداده الأستاذ في كلّية جونز هوبكنز للدراسات الدولية المتقدّمة فالي نصر، وماريا فانتابي من مركز الحوار الإنساني، وسألا فيه كيف يُمكن لإيران والمملكة العربية السعودية معاً إحلال السلام في الشرق الأوسط.

ولفت الكاتبان إلى أنّ المنطقة لم تعُد تشكّل أولويّة قصوى في السياسة الأميركية، ويتّضح ذلك جليّاً من خلال إعلان سحب القوات العسكرية من أفغانستان، والحدّ من الالتزامات العسكرية في دول عربية، بينها العراق والأردن والكويت والمملكة العربية السعودية، وتحويل الولايات المتحدة تركيزها إلى الصين وروسيا.

وعلى الرغم من تراجع الالتزامات والمهامّ الأميركية في المنطقة، إلا أنّ النزاعات في الشرق الأوسط تشهد مرحلة جديدة وخطيرة، تخوض فيها إيران وإسرائيل حرب ظلّ تشمل الهجمات السيبرانية والاغتيالات، في الوقت الذي تدعم فيه تركيا وروسيا بعض القوى في ليبيا وسوريا.

وتابع الكاتبان أنّ التنافس بين طهران والرياض لطالما اعتُبر الأكثر خطورة في المنطقة، ويزداد بالتوازي مع ما يحصل منذ حرب العراق في عام 2003 إلى اندلاع الحروب الأهلية في سوريا واليمن، وصولاً إلى الاتفاق النووي الإيراني الذي جرى توقيعه عام 2015. واستعر التوتّر ووصل إلى نقطة خطرة عام 2019، عندما شنّت إيران هجوماً على منشآت نفط سعودية. واليوم، يواصل الطرفان هذا المسار في اليمن والعراق ولبنان، وقد ينتقل إلى أفغانستان أيضاً في أعقاب الانسحاب الأميركي.

في المقابل، لدى الرياض أسبابها الوجيهة لإنهاء الخلافات مع إيران، إذ يسعى المسؤولون السعوديون إلى اختتام الحرب المكلفة الدائرة في اليمن، ويتحقّق هذا الأمر عبر الضغط الإيراني على المجموعات الحوثية لتتوقّف عن شنّ الهجمات والدخول في مفاوضات جادّة. إضافةً إلى ما تقدّم، لم تعد تستطيع المملكة أن ترتكز على دعم واشنطن من جهة. ومن جهة أخرى، شهدت علاقاتها مع الإمارات توتّراً في الفترة الماضية، بسبب الحصص في إنتاج النفط، بحسب الكاتبين اللذين يعتقدان أنّه في خضمّ احتدام المنافسة الإقليمية بين إيران وإسرائيل وتركيا، يمكن أن يساهم خفض التصعيد السعودي – الإيراني في دفع المملكة نحو تعزيز نفوذها في العراق ولبنان وسوريا، وذلك من خلال لعب دور متوازن في المناطق التي تشهد نزاعات.

وتأمل إيران التوصّل إلى تطبيع العلاقات مع السعودية، في وقت تهتمّ السعودية بحلّ المشاكل الأمنيّة والتوصّل إلى حلّ بشأن الحرب في اليمن والتوقّف عن تعرّضها لهجمات.

وفي الختام، رأى الكاتبان أنّ بإمكان واشنطن أن تساهم في تعزيز الثقة السعودية وتشجيع إحراز تقدّم حقيقي في المحادثات، عبر التأكيد للرياض أنّها ستدافع عنها إذا واجهت أيّ هجوم إيراني. ويمكن أن تؤكّد الولايات المتحدة لإيران أنّ قرارها بسحب قواتها من أفغانستان سيكون مرتبطاً باتفاق أمنيّ بين إيران والدول العربية القريبة منها.

مواضيع ذات صلة

السّيناريو البديل عن الانتخاب: تطيير الجلسة تحضيراً لرئاسة ترامب!

في حين يترقّب الجميع جلسة التاسع من كانون الثاني، يحتلّ عنوانان أساسيّان المشهد السياسي: من هو الرئيس المقبل؟ وهل يحتاج موظّفو الفئة الأولى، كقائد الجيش…

1701 “بضاعة” منتهية الصّلاحيّة؟

لا شكّ أنّ ما يراه المسؤولون الإسرائيليون “فرصة لا تتكرّر إلّا كلّ مئة عام” في سوريا تتيح، بعد سقوط نظام بشار الأسد، اقتطاع منطقة من…

الثنائي وترشيح عون: سوياً ضده… أو معه

كعادته، وعلى طريقته، خلط وليد جنبلاط الأوراق عبر رمي قنبلة ترشيحه قائد الجيش العماد جوزف عون لرئاسة الجمهورية، ليحرّك مياه الرئاسة الراكدة. قبيل عودته إلى…

الليلة الأخيرة لـ”ديكتاتور الشّام”..

تحملُ ليلة هروب رئيس النّظام السّوريّ المخلوع بشّار حافظ الأسد قصصاً وروايات مُتعدّدة عن تفاصيل السّاعات الأخيرة لـ”ديكتاتور الشّام”، قبل أن يتركَ العاصمة السّوريّة دمشق…