“البيطار ساندروم”: هل ستفعل فعلها في قصر العدل؟

2021-09-27

“البيطار ساندروم”: هل ستفعل فعلها في قصر العدل؟

لم يخالف المحقّق العدلي طارق البيطار التوقّعات، وتبلّغ دعوى الردّ المقدّمة من الوزير السابق نهاد المشنوق، فكُفّت يده تلقائياً عن القضية بانتظار بتّ الدعوى أمام محكمة الاستئناف التي يرأسها القاضي نسيب إيليا. وهذا يُجمِّد روزنامة المواعيد التي سبق للمحقّق أن حدّدها للمدّعى عليهم، والتي بدأت صباح أمس مع العميد جودت عويدات، وكانت ستنتهي هذا الأسبوع مع الوزراء السابقين علي حسن خليل ونهاد المشنوق وغازي زعيتر، فيما تمّ تأجيل جلسة رئيس الحكومة السابق حسّان دياب إلى الرابع من تشرين الأول المقبل.

في الواقع، لا مهلة محدّدة أمام محكمة الاستئناف لتحسم قرارها في القضية، لكنّ من غير المرجّح أن تبتّ النزاع قبل 19 تشرين الأول المقبل، موعد بدء الدورة العادية لمجلس النواب، التي يستعيد خلالها النواب حصانتهم. ويعتبر رئيس مجلس النواب نبيه بري أنّ هذه الحصانة تشمل أيضاً كلّاً من الرئيس دياب والوزير السابق فنيانوس لأنّهما في متن عريضة الادّعاء النيابية المرفوعة إلى مجلس النواب، ولكون ملاحقتهم جميعاً هي من اختصاص المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء.

ثمّة مَن يتخوّف من أن يتأثّر القاضي نسيب إيليا، الذي سينظر في دعوى الردّ، ببعض المرجعيات الروحية الأرثوذكسية لرفض الدعوى والانحياز لمصلحة المحقّق العدلي

وقبل كفّ يده بساعات معدودة، كان البيطار يوجّه من جديد، عبر النيابة العامّة التمييزية، طلبين إلى وزير الداخلية والأمانة العامّة لمجلس الوزراء، لطلب إذن بملاحقة كلٍّ من المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم والمدير العام لأمن الدولة اللواء طوني صليبا. المفارقة أنّ هذين الطلبين سُطِّرا بعد الكلام الذي أطلقه النائب المشنوق من على منبر دار الإفتاء حين توجّه إلى المحقّق العدلي بسؤال عن الأسباب التي منعته من طلب الإذن مجدّداً بعد تأليف الحكومة، قبل أن يقرّر ملاحقة الوزراء السابقين.

جاءت هذه الخطوة، التي يعرف القاضي البيطار جيّداً أنّها من باب رفع العتب، لأنّه كان يعلم أنّ يده ستُكفّ بعد ساعات من تسطيره الطلبين، ولتؤكّد مخاوف معارضي أداء المحقّق العدلي، لجهة تأثّره بالضوضاء الإعلامية وعمله على أساس ردّات فعله تجاه بعض المواقف. كأن يسارع مثلاً إلى تسطير مذكّرة توقيف بحقّ الوزير السابق فنيانوس، على الرغم من العيوب التي اعترت تلك الخطوة، كما ورد في دعوى الارتياب المشروع، فقط لأنّه انزعج من الكلام العالي النبرة الذي سبق لرئيس تيار المردة سليمان فرنجية أن قاله بحقّه.

بناءً عليه، وبعدما أبلغ وزير الداخلية بسام المولوي كلّاً من الأمانة العامّة لمجلس الوزراء والأمانة العامّة لمجلس النواب والنيابة العامّة التمييزية قراره بعدم تبليغ دعوة رئيس الوزراء السابق حسان دياب والوزراء السابقين نهاد المشنوق وغازي زعيتر وعلي حسن خليل إلى المثول أمام المحقّق العدلي بواسطة قوى الأمن الداخلي، بناءً على طلب المديرية، باعتبار أنّ التبليغات يجب أن تتمّ من القضاء مباشرة… يكون فنيانوس وحده من دون سواه من السياسيين المدّعى عليهم، الصادرة بحقّه مذكّرة توقيف، مع العلم أنّ دار الإفتاء شكّلت أيضاً قبّة حماية حديدية فوق دياب والمشنوق، فيما يتصدّى رئيس مجلس النواب دفاعاً عن الخليل وزعيتر، وكان فرنجية “قبّة” فنيانوس.

في هذه الأثناء تبلّغ القاضي البيطار دعوى فنيانوس التي يطلبُ فيها نقل الدعوى إلى يد قاضٍ آخر. ويُفترض أن يحيل الرئيس الأول لمحاكم استئناف بيروت القاضي حبيب رزق الله الطلبات المماثلة المقدّمة من خليل وزعيتر اللذين سجّلا دعويَيْهما يوم الجمعة الماضي، ويُنتظر أن يتسلّم الفريق الدفاعي عن رئيس الحكومة السابق دياب كتاب توكيله الذي سيرسله من الولايات المتحدة لتقديم طلب مماثل، ولو أنّه بات جاهزاً تقنيّاً.

إقرأ أيضاً: كفّ يد البيطار اليوم… والحزب متوجّس من “قريطم” و”البقاع”

في هذا الشأن، ثمّة مَن يتخوّف من أن يتأثّر القاضي نسيب إيليا، الذي سينظر في دعوى الردّ، ببعض المرجعيات الروحية الأرثوذكسية لرفض الدعوى والانحياز لمصلحة المحقّق العدلي، تماهياً مع توجّهات بعض المرجعيات المسيحية التي تتماهى مع خطابات المزايدة الشعبوية. فيما لا يتردّد أحد القضاة في السؤال: هل من قاضٍ سيجرؤ على الاعتراف بما يرِد في نصّ الدستور بشكل واضح لناحية صلاحيّة المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، أم “البيطار ساندروم” ستفعل فعلها في قصر العدل؟!

مواضيع ذات صلة

لبنان بالخيار: حرب مفتوحة أم فصل المسارات؟

هو أشبه بفيلم رعب عاشه اللبنانيون منذ يوم الثلاثاء الفائت. في الوقت الذي بدأ الحزب بتحقيقاته الداخلية للوقوف على أسباب الخرق ومن يقف خلفه، تستعدّ…

ماذا أرادَ نتنياهو من عمليّة “البيجر”؟

دخلَت المواجهة المُستمرّة بين الحزب وإسرائيل منعطفاً هو الأخطر في تاريخ المواجهات بين الجانبَيْن بعد ما عُرِفَ بـ”مجزرة البيجر”. فقد جاءَت العمليّة الأمنيّة التي تخطّى…

ما بعد 17 أيلول: المدنيّون في مرمى الحزب؟

دقائق قليلة من التفجيرات المتزامنة في مناطق الضاحية والجنوب والبقاع على مدى يومين شكّلت منعطفاً أساسياً ليس فقط في مسار حرب إسناد غزة بل في تاريخ الصراع…

ألغام تُزَنّر الحكومة: التّمديد في المجلس أم السراي؟

ثلاثة ألغام تُزنّر الحكومة و”تدفشها” أكثر باتّجاه فتح جبهات مع الناقمين على أدائها وسط ورشتها المفتوحة لإقرار الموازنة: 1- ملفّ تعليم السوريين المقيمين بشكل غير…