نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية مقالاً تطرّقت فيه إلى كوارث الطقس القاسية والفيضانات التي تحدث في أوروبا، والتي تكشف النقاب عن حقيقتين أساسيّتين في العلم والتاريخ، هما أنّ العالم ليس جاهزاً لإبطاء عمليّة التغيّر المناخي، ولا يستطيع التعايش معه أيضاً.
وذكرت الصحيفة أنّ الفيضانات المدمّرة التي طالت غرب ألمانيا وبلجيكا، وأوقعت قتلى، تعيد إلى الذاكرة أنّ الدول الثريّة حصدت ثرواتها من خلال حرق الفحم والنفط والغاز، وهي أنشطة تضخّ غازات دفيئة، أي غازات الاحتباس الحراري، في الغلاف الجوّي، وتساهم في ارتفاع درجات الحرارة في العالم.
وقبل أيام من الكوارث في أوروبا، ضربت موجة حرّ شديدة، حطّمت الأرقام القياسية، شمال غرب الولايات المتحدة وأوقعت قتلى، وامتدّت الموجة إلى غرب كندا، والتهمت النيران بلدة ليتون، وغزت الحرائق 12 ولاية في غرب الولايات المتحدة.
على الرغم من المحادثات حول اتفاق باريس للمناخ عام 2015، ازدادت الانبعاثات في العالم، والآن تعتبر الصين في مقدّم هذه الدول وفي المقابل، تراجعت الانبعاثات في الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا
والمهمّ هو أنّ هذه الأحداث الكارثيّة وقعت قبل أشهر قليلة من المفاوضات حول المناخ، التي من المقرّر أن تقيمها الأمم المتحدة في غلاسكو في تشرين الثاني، وستكشف مدى إمكان دول العالم الاتفاق على طرق للحدّ من الانبعاثات بمستوى كافٍ بهدف تجنّب آثار تغيّر المناخ السيّئة.
في هذا السياق، علّق الخبير الألماني المتخصّص في علم الفيزياء في جامعة أكسفورد، والذي يُجري أبحاثاً في العلاقات بين الطقس القاسي والتغيّر المناخي، فريدريك أوتو، قائلاً: “يبدو غريباً القول إنّ من الممكن أن يؤدّي الطقس إلى الموت، وعلينا إنقاذ حياة الناس”.
ووفقاً للصحيفة الأميركية، فإنّ السؤال الأكبر الذي يُطرَح هو مدى تأثير الكوارث المتزايدة في العالم المتقدّم على خطوات الدول والشركات النافذة لتقليل انبعاثات الغاز.
وفي هذا الإطار، قالت المسؤولة عن قضايا المناخ في مكتب الهند التابع لمعهد الموارد العالمية، أولغا كيلكار: “غالباً ما تتسبّب الأحداث المناخية القاسية في الدول النامية بالموت الذي يترافق مع الدمار. ويُنظَر إلى هذه الكوارث على أنّها مسؤوليتنا، وليست أمراً يتفاقم بسبب غازات الاحتباس الحراري التي تنبعث من الدول الصناعية منذ أكثر من مئة عام”.
والجدير ذكره أنّه على الرغم من المحادثات حول اتفاق باريس للمناخ عام 2015، ازدادت الانبعاثات في العالم، والآن تعتبر الصين في مقدّم هذه الدول. في المقابل، تراجعت الانبعاثات في الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا، ولكن ليس بالوتيرة المطلوبة للحدّ من ارتفاع درجات الحرارة العالمية.
وبناءً على ما تقدّم، ذكّرت الصحيفة بما قاله محمد نشيد، وهو الرئيس السابق لجزر المالديف المعرّضة لخطر ارتفاع مستوى سطح البحر فيها جرّاء تغير المناخ، حيث قال: “لا يوجد أحد
آمن خلال حالات الطوارئ المناخية، سواء كان يقيم في دولة جزرية صغيرة أو في دولة أوروبية غربية متقدّمة”.