للقضاة محكمتهم الخاصّة… وللوزراء أيضاً

مدة القراءة 6 د

بعد عشرة أيام من تسليم الوزراء السابقين من النواب كمدّعى عليهم دفاعاتهم الخطيّة إلى الأمانة العامة لمجلس النواب يُفترض أن يدعو رئيس المجلس نبيه بري اليوم الاثنين إلى جلسة للتصويت على العريضة النيابية التي تتضمّن “طلب اتّهام وإذن بالملاحقة أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء”، وتشمل رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب وأربعة وزراء سابقين.

ووفق المعلومات أنّ جلسة الاستماع إلى المدّعى عليهم قد لا تنتهي بالضرورة بتبنّي طلب الاتّهام (بالثلثيْن) وإحالته إلى لجنة تحقيق نيابية تُؤلَّف لهذه الغاية، حيث إنّ مجلس النواب قد لا يرى موجباً للملاحقة إذا ما تبيّن له أنّ ادّعاءات البيطار بحقّهم، أو بحقّ عدد منهم، تفتقر إلى الأدلّة الدامغة.

يقدّم المؤتمر الصحافي لوزير الداخلية الأسبق نهاد المشنوق، بـ”مستنده الوحيد” الذي تمّ على أساسه الادّعاء، وسلسلة التوضيحات والوقائع التي عرضها نائب بيروت، عيّنة عن العطب الذي لحق بمسار التحقيق.

تفيد المعلومات أنّ القاضي البيطار لم يردّ بعد على كتاب الأمانة العامة لمجلس الوزراء، الذي أفاد بمضمون رأي هيئة التشريع والاستشارات الذي طلبته رئاسة الجمهورية، وأكّد صلاحية المجلس الأعلى للدفاع في منح الإذن بالملاحقة وليس رئاسة الحكومة

وهو مسارٌ يُرجّح أن يتعزّز ما دامت الدفعة الأولى من الادّعاءات يتيمة، وتثبّت الاستنسابية في مقاربة ملف تفجير المرفأ.

وتحرّكت “الجبهات” على أكثر من مستوى، وبالقانون، للردّ على الأذونات المطلوبة من المحقّق العدلي، ويتبدّى ذلك من خلال:

– المرافعات التي سيتولّاها النواب-الوزراء السابقون علي حسن خليل وغازي زعيتر ونهاد المشنوق والوزير السابق يوسف فنيانوس والرئيس حسان دياب في جلسة الاستماع في مجلس النواب، التي ستقود إمّا إلى ردّ الاتّهام أو التصويت على الإحالة إلى لجنة تحقيق نيابية تضع تقريرها وترفعه إلى الهيئة العامّة لمجلس النواب، تمهيداً لمثول المدّعى عليهم أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء. وكان لافتاً توجيه محطة “nbn” التابعة للرئيس بري سؤالاً إلى المحقّق العدلي مفاده “ماذا تنتظرون لتتحرّكوا وتضعوا حدّاً للإساءة إلى منطق العدالة والشهداء وحقّ ذويهم في معرفة حقيقة ما حصل بشكل متوازٍ”، مشيرة إلى “تأكيد مجلس النواب مثنى وثلاث ورباع أنّه تعاون ويتعاون وسوف يتعاون مع القضاء، وأنّ مهمّته الأولى تأليف لجنة تحقيق وفقاً لِما نصّ عليه القانون 13، والسير في التحقيق من البداية إلى النهاية بعيداً من أيّ استثمار سياسي أو شعبوي”.

– رفض منح الإذن لملاحقة المدير العام لأمن الدولة اللواء طوني صليبا. وتفيد المعلومات أنّ القاضي البيطار لم يردّ بعد على كتاب الأمانة العامة لمجلس الوزراء (وَرَده يوم الاثنين على الأرجح، وتلت ذلك عطلة عيد الأضحى على مدى ثلاثة أيام)، الذي أفاد بمضمون رأي هيئة التشريع والاستشارات الذي طلبته رئاسة الجمهورية، وأكّد صلاحية المجلس الأعلى للدفاع في منح الإذن بالملاحقة وليس رئاسة الحكومة. فهل يعتبر البيطار أنّ مهلة الـ 15 يوماً لطلب منح الإذن قد مرّت من دون جواب، فيعتبر ذلك موافقة ضمنية تتيح ملاحقة اللواء صليبا، أم يعيد طلب إعطاء الإذن من “المرجع الصالح”، أي المجلس الأعلى للدفاع، فيسري عليه مهلة 15 يوماً أخرى لتلقّي الجواب؟

– تثبيت مسار عدم منح الإذن بملاحقة المدير العام للأمن العامّ اللواء عباس إبراهيم من وزير الداخلية محمد فهمي إلى المحامي العامّ التمييزي القاضي غسان خوري الذي “جمّد” الإذن المطلوب، بقرار معلَّل، طالباً من البيطار الاستماع إلى إفادة اللواء إبراهيم كشاهد وحصول مواجهة بينه وبين آخرين بالقضية (استمع إليه المحقّق العدلي السابق القاضي فادي صوّان ولم يرَ ما يستدعي الادّعاء عليه) “من أجل المقاربة المثلى للملف”. وطلب أيضاً من البيطار الاستماع إلى العميد منح صوايا وضابط آخر في الأمن العام، إضافةً إلى إثارته موادّ قانونية تتعلّق بالجهة الصالحة لطلب الإذن والبتّ به.

وفق المعلومات أنّ جلسة الاستماع إلى المدّعى عليهم قد لا تنتهي بالضرورة بتبنّي طلب الاتّهام (بالثلثيْن) وإحالته إلى لجنة تحقيق نيابية تُؤلَّف لهذه الغاية، حيث إنّ مجلس النواب قد لا يرى موجباً للملاحقة إذا ما تبيّن له أنّ ادّعاءات البيطار بحقّهم، أو بحقّ عدد منهم، تفتقر إلى الأدلّة الدامغة

وكان لافتاً إعلان وكلاء الدفاع عن إبراهيم صراحةً عن وجود “ارتياب مشروع وقانوني بمسار التحقيق” لعدّة أسباب، منها تسريب مضمون الردّ الذي تولّى مكتب الادّعاء في نقابة المحامين، وللمفارقة، كشف جزء منه، متحدّثاً عن “انتزاع صلاحية المحقق العدلي بالملاحقة وتعطيلها”.

وتبرز في السياق نفسه “حالة نهاد المشنوق”، الوزير الأسبق لجهاز الأمن العام، الذي لم يستمع إليه صوّان ولا البيطار، ومع ذلك جرى الادّعاء عليه.

وقد عَرَض المشنوق في مؤتمره الصحافي ما يكفي لطرح أسئلة جدّية عن خلفيّة الادّعاء بحقّه بناءً على مراسلة يتيمة تلقّاها في أيار 2014 تفيد بالحجز القضائي على الباخرة “روسوس”، وعبورها ترانزيت من جورجيا إلى موزمبيق، مع تفاصيل عن وضع البحّارة على متنها، نافياً علمه خلال وجوده على مدى خمس سنوات في الداخلية “بأيّ معلومة تتعلّق بالباخرة أو تفريغ حمولتها من نيترات الأمونيوم في العنبر رقم 12″، ومُعلناً استعداده “بأيّ لحظة للمثول أمام القاضي البيطار للاستماع إلى إفادته”.

وسأل “ما الفائدة من الدعوة إلى التئام مجلس الأمن المركزي من أجل باخرة محجوز عليها قضائياً وتحمل بضاعة متوجّهة ترانزيت إلى موزمبيق؟ وكيف يمكن توجيه تهمة بالقصد الاحتمالي بالقتل بفارق ست سنوات عن حصول الانفجار؟!”.

إقرأ أيضاً: معركة الحصانات إلى مجلس النوّاب: هل يُرَدّ طلب الاتّهام؟

وتبقى القطبة الأساسية، التي أشار إليها المشنوق أيضاً، وهي عدم عدالة المعايير لدى المحقّق العدلي بتسليمه بوجود محكمة خاصة لمحاكمة القضاة المتّهمين بالقضية، في مقابل نفي “الصلاحية” عن المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء (بوصفه سلطة قضائية) المولج، وفق نصوص الدستور، بمحاكمة هؤلاء بعد التصويت على الاتّهام بالثلثيْن في مجلس النواب.

ويُفترض أن تشكّل هذه الادّعاءات الاختبار الحقيقي للسلطة القائمة لتفعيل الملاحقة أمام “المجلس الأعلى” وإثبات جديّتها، ولا سيّما أنّ معظم المطّلعين على مسار التحقيقات يجزمون أنّ المسؤوليات في ملف انفجار المرفأ هي أمنيّة وقضائية بالدرجة الأولى.

مواضيع ذات صلة

مشاورات “الأعياد”: لا 65 صوتاً لأيّ مرشّح بعد!

تَجزم مصادر نيابية لموقع “أساس” بأنّ المشاورات الرئاسية في شأن جلسة التاسع من كانون الثاني قد تخفّ وتيرتها خلال فترة الأعياد، لكنّها لن تتوقّف، وقد…

السّيناريو البديل عن الانتخاب: تطيير الجلسة تحضيراً لرئاسة ترامب!

في حين يترقّب الجميع جلسة التاسع من كانون الثاني، يحتلّ عنوانان أساسيّان المشهد السياسي: من هو الرئيس المقبل؟ وهل يحتاج موظّفو الفئة الأولى، كقائد الجيش…

1701 “بضاعة” منتهية الصّلاحيّة؟

لا شكّ أنّ ما يراه المسؤولون الإسرائيليون “فرصة لا تتكرّر إلّا كلّ مئة عام” في سوريا تتيح، بعد سقوط نظام بشار الأسد، اقتطاع منطقة من…

الثنائي وترشيح عون: سوياً ضده… أو معه

كعادته، وعلى طريقته، خلط وليد جنبلاط الأوراق عبر رمي قنبلة ترشيحه قائد الجيش العماد جوزف عون لرئاسة الجمهورية، ليحرّك مياه الرئاسة الراكدة. قبيل عودته إلى…