معركة الحصانات إلى مجلس النوّاب: هل يُرَدّ طلب الاتّهام؟

مدة القراءة 6 د

ساهَم رفض المحقّق العدلي القاضي طارق البيطار في تقديم الأدلّة، التي طلبها مجلس النواب لبتّ مسألة رفع الحصانات، في تسريع الإجراءات التي ستقود إلى حسم المرجعية الصالحة في اتّهام ومحاكمة نواب ووزراء سابقين وضعهم البيطار في خانة المشتبه بهم، وطلب الإذن بملاحقتهم.

فالعريضة النيابية، التي نالت تواقيع 26 نائباً، والمتعلّقة بـ”طلب اتّهام وإذن بالملاحقة أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء”، تثبّت هذا المنحى لجهة “شطب” صلاحيّة القضاء العدلي في الملاحقة.

وستسلك طريقها إلى مجلس النواب قريباً في جلسة سيتمّ خلالها بالأكثرية التصويت إمّا على ردّ الطلب “لعدم توافر الشبهات التي تجيز الملاحقة” أو قبوله وإحالة ملفّات الشخصيات المشمولة بالادّعاء على لجنة تحقيق نيابية تقدّم تقريرها لاحقاً أمام الهيئة العامة لمجلس النواب.

بعد مرور عشرة أيام على التبليغ، يُفترض أن يعقد المجلس النيابي جلسة استماع إلى المدّعى عليهم، ثمّ يقرّر بالأكثرية المطلقة من عدد أعضائه، إمّا إحالة المطلوب اتّهامهم إلى لجنة نيابية خاصة تسمّى “لجنة التحقيق”، أو ردّ طلب الاتّهام

ومجلس النواب في حال الاتّهام، الذي قد يطول كلّاً من رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب والوزراء السابقين علي حسن خليل وغازي زعيتر ويوسف فنيانوس ونهاد المشنوق، يُصدر قراره بأكثريّة ثلثيْ أصواته، ثمّ تسلك القضية مسارها نحو المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء. وهو المسار نفسه الذي كان سيعتمده رئيس مجلس النواب لو قُدِّر للمحقّق العدلي السابق فادي صوّان أن يكمل تحقيقاته.

وتعلِّق مصادر متابعة قائلة: “حتى لو افترضنا أنّ القاضي البيطار زوّد مجلس النواب بما طلبه من مستندات وأدلّة في شأن الاتّهامات الموجّهة تحديداً إلى النواب الثلاثة الحاليين لرفع الحصانة عنهم، فإنّ النصّ الدستوري (المادتين 70 و71 من الدستور) واضح لناحية صلاحية المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء في محاكمة هؤلاء في حال صوّت مجلس النواب بثلثيْ عدد أعضائه على الاتّهامات الموجّهة إليهم. وهي معادلة لم تحتمل الالتباس لدى رئيس مجلس النواب. لذا لم يكن المجلس ليصوّت على الحصانة تمهيداً لمثول هؤلاء أمام المحقّق العدلي، بل كلّ الطرق ستقود فقط إلى ساحة النجمة”.

وفي البوانتاج السياسي يلتقي الخصمان التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية مع عددٍ من النواب على المطالبة برفع الحصانات فوراً بغضّ النظر عن دور “المجلس الأعلى”، فيما يتقاطع حزب الله والرئيس برّي وتيار المستقبل على الدفع باتجاه تكريس صلاحيّته. وقد توقّف كثيرون أمام مطالبة الرئيس الحريري بتحقيق دولي في قضية المرفأ “إذا بدّكم الحقيقة”، مركّزاً على تجربة التحقيق الدولي في اغتيال الشهيد رفيق الحريري التي انتهت بإدانة سليم عياش.

ويتموضع النائب وليد جنبلاط تحت عنوان “رفع الحصانات عن الجميع”، حاسماً رأي حزبه وكتلته بالتصويت ضد إحالة ملفّ انفجار المرفأ إلى المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، بعدما كان موقف نائب اللقاء الديموقراطي هادي أبو الحسن في جلسة هيئة مكتب مجلس النواب ولجنة الإدارة والعدل ضبابياً في هذا الخصوص، حيث طالب بأخذ القاضي البيطار بملاحظات اللجنة المشتركة بتقديم المزيد من الأدلّة، وبعلنيّة الجلسات في مجلس النواب “لمعرفة مواقف الكتل النيابية بوضوح”.

مع ذلك، أعاد النائب وائل أبو فاعور التأكيد “أنّنا لم نؤيّد إعطاء المزيد من المستندات كما طالبت اللجنة”، وصوّب بشكل مباشر على مسؤولية مدّعي عام التمييز القاضي غسان عويدات من دون أن يسمّيه، سائلاً “مَنْ القاضي الذي أعطى الأمر بالتلحيم، ولماذا لم يَرد اسمه في التحقيق؟”.

وقد تبلّغ النواب تباعاً بمضمون العريضة، من ضمنهم الأشخاص المطلوب اتّهامهم، من أجل الإجابة عليها خطّيّاً خلال عشرة أيام وتكليف محامٍ للدفاع عنهم.

ووفقاً للمادة الـ19 من القانون 13/90، يُقدَّم طلب الاتّهام إلى المجلس النيابي بموجب عريضة يوقِّع عليها خِمس عدد النواب  على الأقلّ، ويتضمّن الطلب: اسم الشخص أو الأشخاص المطلوب اتّهامهم، والجرم المنسوب إليهم، وما يتوافر من الأدلّة والقرائن.

تبلّغ النواب تباعاً بمضمون العريضة، من ضمنهم الأشخاص المطلوب اتّهامهم، من أجل الإجابة عليها خطّيّاً خلال عشرة أيام وتكليف محامٍ للدفاع عنهم

وبعد مرور عشرة أيام على التبليغ، يُفترض أن يعقد المجلس النيابي جلسة استماع إلى المدّعى عليهم، ثمّ يقرّر بالأكثرية المطلقة من عدد أعضائه، إمّا إحالة المطلوب اتّهامهم إلى لجنة نيابية خاصة تسمّى “لجنة التحقيق”، أو ردّ طلب الاتّهام.

وتتألّف هذه اللجنة من رئيس وعضوين أصيلين، وثلاثة أعضاء احتياطيين، ينتخبهم المجلس بالاقتراع السرّيّ، وبالغالبيّة المطلقة من عدد أعضائه.

وبعد انتهاء اللجنة من تحقيقاتها، تجتمع في جلسة سريّة، وتضع تقريراً يحدِّد إذا كانت الأفعال المنسوبة إلى كلّ من حسان دياب والوزراء السابقين ثابتة الثبوت الكافي، مع إعطاء أفعال كلّ واحد من هؤلاء وصفها القانوني، وتحديد النصوص التي تنطبق عليها.

ثمّ تُحيل اللجنة تقريرها إلى المجلس النيابي الذي يجتمع في جلسة خاصة خلال مهلة 10 أيام من تاريخ إيداع التقرير لديه، ليصوّت على الاتّهام بغالبيّة ثلثيْ أعضائه.

وهنا القطبة الثانية حيث يُطرَح السؤال الأهمّ: “هل يتوافر ثلثا عدد أعضاء مجلس النواب للاتّهام في ظل التركيبة السياسية الحزبية المتداخلة والاصطفافات القائمة؟”.

وفي حال صدور قرار بالاتّهام، يحيله رئيس المجلس مع ملفّ التحقيق إلى المجلس الأعلى ليباشر المحاكمة بوصفه هيئة قضائية.

ويتألّف المجلس الأعلى من سبعة نواب ينتخبهم مجلس النواب، وثمانية من أعلى القضاة اللبنانيين رتبةً، حسب درجات التسلسل القضائي أو وفق معيار الأقدمية إذا تساوت درجاتهم. وتصدر قرارات التجريم عنه بغالبيّة عشرة أصوات. وتُحدَّد أصول المحاكمات لديه بموجب قانون خاص. وهو يجتمع برئاسة أعلى القضاة رتبة.

يُذكَر أنّه في جلسة الهيئة العامة في تشرين الأول 2020، جرى انتخاب أعضاء المجلس الأعلى من النواب، وهم: جورج عقيص، علي عمّار، فيصل الصايغ، علي درويش، سمير الجسر، آغوب بقرادونيان، وجورج عطالله. إضافة إلى ثلاثة نواب أعضاء من الاحتياط، وهم رولا الطبش، علي عسيران، وسليم عون.

إقرأ أيضاً: مجلس النوّاب لبيطار: أين وحدة المعايير؟

أمّا القضاة الثمانية الأصيلون فهم: رئيس مجلس القضاء الأعلى سهيل عبود، ميشال طرزي (أُحيل على التقاعد)، عفيف الحكيم، جمال الخوري، روكس رزق (يُحال على التقاعد بداية العام المقبل)، سهير الحركة، جمال الحجار، رنده الكفوري. وثلاثة قضاة احتياط هم: رضا رعد، أيمن عويدات، ندى دكروب. إضافة إلى النيابة العامة لدى المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، أي القاضي غسان عويدات (المتنحّي اليوم عن قضية جريمة المرفأ بسبب صلة القربى مع النائب غازي زعيتر)، ومساعدَيْن للنائب العام هما القاضي عماد قبلان ومنيف بركات.

مواضيع ذات صلة

مشاورات “الأعياد”: لا 65 صوتاً لأيّ مرشّح بعد!

تَجزم مصادر نيابية لموقع “أساس” بأنّ المشاورات الرئاسية في شأن جلسة التاسع من كانون الثاني قد تخفّ وتيرتها خلال فترة الأعياد، لكنّها لن تتوقّف، وقد…

السّيناريو البديل عن الانتخاب: تطيير الجلسة تحضيراً لرئاسة ترامب!

في حين يترقّب الجميع جلسة التاسع من كانون الثاني، يحتلّ عنوانان أساسيّان المشهد السياسي: من هو الرئيس المقبل؟ وهل يحتاج موظّفو الفئة الأولى، كقائد الجيش…

1701 “بضاعة” منتهية الصّلاحيّة؟

لا شكّ أنّ ما يراه المسؤولون الإسرائيليون “فرصة لا تتكرّر إلّا كلّ مئة عام” في سوريا تتيح، بعد سقوط نظام بشار الأسد، اقتطاع منطقة من…

الثنائي وترشيح عون: سوياً ضده… أو معه

كعادته، وعلى طريقته، خلط وليد جنبلاط الأوراق عبر رمي قنبلة ترشيحه قائد الجيش العماد جوزف عون لرئاسة الجمهورية، ليحرّك مياه الرئاسة الراكدة. قبيل عودته إلى…