باسيل ينحر حكومة الـ24 في مسلخ بعبدا

مدة القراءة 5 د

يُقرّ بعض المطّلعين على موقف رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري أنّ الأخير يخسر في النقاط أمام الرأي العام ما دام خصومه، وتحديداً “التيار الوطني الحرّ”، يتّهمونه بتعطيل التأليف، من دون أن يتمكّن ولو ببطء من إثبات العكس، ذلك لأنّه يتجنّب تقديم تشكيلة يعرف مسبقاً أنّها ستلقى رفضاً من جانب رئيس الجمهورية ميشال عون.

أقلّه هكذا يوحي السجال القائم بين الفريقين، حيث يواظب الفريق العوني على رمي كرة العرقلة في ملعب رئيس الحكومة المكلّف، فيما الأخير يضع ورقة التكليف في جيبه من دون أن يقدم على أيّ خطوة قد تثبت العكس. وها هو الكلام الأخير لرئيس “التيار” جبران باسيل يحمّله مسؤولية “نحر البلد”، مؤكّداً أنّ “عناصر التأليف باتت متوافرة، ونحن ذلّلنا كلّ عقبات التشكيل الداخلية وعلى حسابنا”.

يشير المطّلعون إلى أنّ الحريري حتى لو قرّر فعلاً أن “يزيح من الدرب” لمصلحة مرشّح ثانٍ لرئاسة الحكومة يقود حكومة انتخابات نيابية، حيث يتردّد أنّ أكثر الأسماء تداولاً في هذا السياق هو رئيس الحكومة الأسبق نجيب ميقاتي

ولهذا بات الرجل مقتنعاً أنّ هذا الوقت الضائع يقضم من صدقيّته، ويصيبه بالصميم، إذا لم يقدم على خطوة نوعيّة من شأنها أن تعدّل قواعد اللعبة، وهو متيقّن أيضاً أنّ الفريق العوني لا يريده في السراي الحكومي، مهما كانت الأكلاف والأثمان التي سيدفعها البلد، والتي ستأكل من رصيد كلّ القوى السياسية، على حدٍّ سواء، بفعل زلزال الفوضى الاجتماعية والاقتصادية.

هكذا راح يفكّر في “الخطّة ب”: البحث عن بديل، ولو أنّ بعض الخبثاء يميلون إلى الاعتقاد أنّ هذا السيناريو من جانب رئيس “تيار المستقبل” لا يستهدف إلّا كسب بعض الوقت، بانتظار تطوّر ما قد يحرِّك المياه الراكدة، ويسهِّل عودته إلى السراي، خصوصاً أنّ بعض المواكبين للحراك الدولي يعتقدون أنّ أيّاً من الدول المعنيّة لم تطرح على أيٍّ من القوى السياسية الداخلية أسماء جدّيّة لخلافة الحريري في التكليف، لا بل أطلقت موسكو إشارة واضحة، ولو أنّها أتت ضمن بيان للمكتب الإعلامي للحريري، بأنّ الأخير لا يزال المرشّح الأبرز لرئاسة الحكومة، فيما ينتظر الأخير اللقاء مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للوقوف عند حقيقة الموقف الدولي من تكليفه، مع العلم أنّ الحريري يعمل منذ مدّة على طلب موعد من السيسي.

ويشير المطّلعون إلى أنّ الحريري حتى لو قرّر فعلاً أن “يزيح من الدرب” لمصلحة مرشّح ثانٍ لرئاسة الحكومة يقود حكومة انتخابات نيابية، حيث يتردّد أنّ أكثر الأسماء تداولاً في هذا السياق هو رئيس الحكومة الأسبق نجيب ميقاتي الذي سبق له أن خاض تجربة رئاسة حكومة انتخابات، لكنّه، وفق المواكبين، لم يعطِ بعد جواباً نهائيّاً بانتظار الانتهاء من جولة اتصالات خارجية لمعرفة مدى رغبة المجتمع الغربي في مساعدة أيّ حكومة جديدة وضمن أيّ شروط، لكي لا يكون قراره “انتحاريّاً”… فإنّ الحريري لن “يزيح من الدرب” إلّا ضمن ظروف تتناسب وأجندته، وذلك بأن يحاول، من خلال قراره بالاعتذار، كسب الشارع السُنّيّ لمصلحته أوّلاً، وضبط سقف التنازلات التي قد يقدم عليها “خليفته”، لكي لا يظهر الثاني بمظهر المسهِّل، وتثبت على الأوّل تهمة التعطيل. وهنا قد تتجدّد عقدة التأليف. فلو افترضنا أنّ الاستشارات النيابيّة رست على ميقاتي أو غيره رئيساً مكلّفاً، فهل تنحلّ عقدة الوزيريْن المسيحيّيْن اللذين يرفض “التيار الوطني الحر” التخلّي عنهما تحت عنوان “عدم التفريط بحقوق المسيحيّين وعدم السماح لرئيس الحكومة بتسمية الوزراء المسيحيّين”؟ هل يتخلّى “التيار” عن الثلث المعطِّل؟

السيناريو المرجّح: يقدّم الحريري تشكيلة من 24 وزيراً، فيها وزيران مسيحيّان يُفترض أن يكونا بنظره مقبوليْن من الرأي العام، ويضعها على طاولة رئيس الجمهورية

يجيب المطّلعون على موقف “التيار الوطني الحر” أنّ الأخير بات أسير “القصف الإعلامي” الذي اعتمده في خطاب التصدّي للحريري، وبالتالي سيكون صعباً التراجعُ عن خطاب التصلّب عشيّة دخول مدار الانتخابات النيابية، وسيكون مستحيلاً التخلّي عن الثلث المعطِّل ما دام محتملاً أن تكون هذه الحكومة “حكومة الرؤساء” في حال حَلَّ الشغور في قصر بعبدا خلال ولايتها، وسيكون أيضاً من سابع المستحيلات على أيّ رئيس حكومة سيُسمّى بعد الحريري أن يسمح للفريق العوني بوضع ثلث معطِّل في جيبه… إلا إذا كنّا أمام تجربة جديدة منقّحة عن حكومة حسان دياب، وهو احتمال غير وارد بالنسبة إلى الثنائيّ الشيعيّ.

النتيجة أنّ اعتذار الحريري قد يكون مكسباً معنويّاً لـ”التيّار”، لكنّ مهمّة التأليف المستحيلة في ظلّ الشروط والشروط المضادّة التي تكرّست خلال الفترة الماضية، ستدفع الجميع إلى تكبّد أثمان باهظة، وأوّلهم “التيّار”، سواء نجح الرئيس الخلف للحريري في التأليف، أو غرق البلد في مزيدٍ من الفوضى.

إقرأ أيضاً: عون وبرّي والحريري يبقَوْن معاً… أو يرحلون معاً

أمّا السيناريو المرجّح فهو الآتي: يقدّم الحريري تشكيلة من 24 وزيراً، فيها وزيران مسيحيّان يُفترض أن يكونا بنظره مقبوليْن من الرأي العام، ويضعها على طاولة رئيس الجمهورية “في مسلخ بعبدا”، لاعتقاده أنّ هذه الخطوة قد تُحرِج الفريق العوني أمام المجتمع الدولي، قبل الداخلي.

مواضيع ذات صلة

مشاورات “الأعياد”: لا 65 صوتاً لأيّ مرشّح بعد!

تَجزم مصادر نيابية لموقع “أساس” بأنّ المشاورات الرئاسية في شأن جلسة التاسع من كانون الثاني قد تخفّ وتيرتها خلال فترة الأعياد، لكنّها لن تتوقّف، وقد…

السّيناريو البديل عن الانتخاب: تطيير الجلسة تحضيراً لرئاسة ترامب!

في حين يترقّب الجميع جلسة التاسع من كانون الثاني، يحتلّ عنوانان أساسيّان المشهد السياسي: من هو الرئيس المقبل؟ وهل يحتاج موظّفو الفئة الأولى، كقائد الجيش…

1701 “بضاعة” منتهية الصّلاحيّة؟

لا شكّ أنّ ما يراه المسؤولون الإسرائيليون “فرصة لا تتكرّر إلّا كلّ مئة عام” في سوريا تتيح، بعد سقوط نظام بشار الأسد، اقتطاع منطقة من…

الثنائي وترشيح عون: سوياً ضده… أو معه

كعادته، وعلى طريقته، خلط وليد جنبلاط الأوراق عبر رمي قنبلة ترشيحه قائد الجيش العماد جوزف عون لرئاسة الجمهورية، ليحرّك مياه الرئاسة الراكدة. قبيل عودته إلى…