كان النائب المستقيل مروان حماده يشغل منصب المدير العام لـ”النهار” حين انتقل إلى العمل السياسي مع تعيين غسان تويني وزيراً في حكومة سليمان فرنجية التي كان يرأسها رشيد كرامي، ثمّ مع انخراطه أكثر فأكثر إلى جانب جنبلاط. يقول حماده إنّه “بعد سقوط كمال جنبلاط صريعاً برصاص الاستخبارات السورية التابعة لإبراهيم حويجان ومحمد الخولي ورفعت الأسد، مذّاك بدأت، إلى جانب وليد جنبلاط، مشواراً طويلاً مناصراً حزبه وعضواً في مركز دراسات المجلس الدرزي للبحوث والاتحاد، الذي واكب الحزب الاشتراكي في مرحلة دقيقة جدّاً”. وقد مثّل حماده الحركة الوطنية والحزب الاشتراكي في آخر حكومة في عهد الرئيس إلياس سركيس، وكانت برئاسة شفيق الوزّان، إذ عُيِّن وزيراً للسياحة، وكان الأصغر سنّاً فيها بسنواته الـ39.
لا يُخفي حماده، الذي استقال من المجلس النيابي في آب 2020، لائمته الكبرى لسعد الحريري: “فشلنا في إقناعه بعدم تأييد ترشيح ميشال عون للرئاسة الأولى، لكنّه كان يتبجّح بإنقاذ الاستقرار وإنهاء الفراغ، فيما دخلنا عمليّاً في الفراغ وضربنا الاستقرار”
تميّز بمواقفه الحكومية خلال محطّات سياسية متتابعة، ممثّلاً وجهة نظر “الحركة الوطنية اللبنانية” والتحالف المشترك مع المقاومة الفلسطينية وسوريا.مع الاجتياح الإسرائيلي للبنان (حزيران 1982)، لعب حماده دوراً بارزاً في الاتصالات السياسية، وكان وقتئذٍ وزيراً وممثّلاً شخصيّاً لرئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط في هيئة الانقاذ الوطني برئاسة إلياس سركيس وعضوية بشير الجميل ونبيه بري ووليد جنبلاط وفؤاد بطرس ونصري المعلوف ورشيد كرامي. ثمّ غادر لبنان مع جنبلاط إلى الخارج في ما بدا انتقالاً إلى المنفى عبر دمشق. وبعد انتخاب بشير الجميّل الذي عارضه، ثمّ انتخاب أمين الجميل، و”إثر نجاتنا من محاولات اغتيال عدّة مع وليد جنبلاط في القنطاري ووزارة السياحة وأحد مطاعم رأس بيروت، حيث ركن إيلي حبيقة سيارة مفخّخة”، تنقّل حماده ووليد جنبلاط لحوالي العام بين بيروت ودمشق وعمّان وباريس.يقول عن علاقته بوليد جنبلاط: “إنّها علاقة يبلغ عمرها اليوم 50 عاماً، ولا يمكن أن يهزّها شيء. يربطني بوليد الخبز والملح والعرق والدم والابتسامة والبكاء والنضال. عائلة وليد هي عائلتي، ولو كنت أختلف معه أحياناً في بعض الخيارات، أو يعتبر هو أحياناً أنّني أذهب أبعد في اتّجاه معيّن، وأعتبر أنا أنّه ذهب أبعد في الاتجاه المعاكس، تبقى علاقاتنا متينة لا يزعزعها شيء”.لكن حماده لا يُغفل البتّة مودّته العميقة لرئيس المجلس النيابي نبيه برّي، فيقول: “وليد صديق العمر ورفيق الدرب، ربّما لم يكن نبيه رفيق الدرب، لكنّه أيضاً صديق العمر، وهو يكتنز صفات كثيرة وميزات تفوق كلّ ما يُرشَق ويُتّهم به”.لعب مروان حماده دوراً بارزاً في التهيئة لـ”جبهة الخلاص الوطني” (23/07/1983)، وقبل ذلك في المفاوضات من أجل إخراج المقاومة الفلسطينية من بيروت (آب 1982). شارك مع أكرم شهيّب، وكان مساعداً لوليد جنبلاط، في مؤتمريْ الحوار في لوزان وجنيف (31/10/1983 و12/03/1984). في مؤتمر جنيف أُلغِي التفاهم على اتفاق 17 أيار، وفي لوزان لم يحصل أيّ اتّفاق على الإصلاحات الدستورية بسبب رفض الرئيس سليمان فرنجية أيّة تنازلات عن صلاحيات رئيس الجمهورية، وكان فرنجية حينها جزءاً من جبهة المعارضة.ساهم في الإعداد لـ”الاتفاق الثلاثي” في دمشق (28/12/1985)، ولعب دوراً بارزاً إلى جانب الوزير وليد جنبلاط في الأحداث التي تلت انقلاب الجميل – جعجع على الاتفاق الثلاثي ((1986/01/15.كان مروان حماده من أبرز المساهمين في هذا الاتفاق، الذي وُقّع في دمشق مع إيلي حبيقة ومحمد عبد الحميد بيضون وميشال سماحة، بمواكبة من عبد الحليم خدام. كانت لدى مروان حماده صداقات في دمشق، لكنّها “ليست من ضمن الخليّة العلوية”، كما يقول ويشرح: “لأنّه مذّاك كنّا نشعر أنّهم يكرهون الحركة الوطنية والفلسطينيين، وكان غطاء حافظ الأسد العربي والإسلامي متمثّلاً بالشخصيات التالية: رئيس الأركان حكمت الشهابي، نائب الرئيس عبد الحليم خدّام، ووزير الدّفاع مصطفى طلاس. نذكِّره بمقولات له: “إنّ العلاقات المميّزة مع سوريا هي في الأمن والسياسة أوّلاً، وإنّ سوريا سوق استهلاكية ضخمة للبنان”. العواصف (01/03/1991). “الكلام ضدّ سوريا خروج على وثيقة الطائف”. النهار (22 أيلول 2002).
يبدأ الحلّ، بحسب حماده، بتشكيل حكومة لبنانية مستقلّة كلّيّاً عن الأحزاب والطوائف. ويقول إنّه ضد تكريس أيّ حقيبة لأيّة طائفة لأنّه تخلّف عن الجمهورية الأولى، ومخالف لاتفاق الطائف
يعلّق: “كان حلمنا أن تكون العلاقات مميّزة ومتوازنة مع الشقيقة الكبرى سوريا، وليس نظام الأسد الذي حرّف وثيقة الوفاق الوطني ومنع تطبيقها… أنا مشتاق لدمشق، وآل الأسد دمّروا المشرق العربي”.
أُحيل للملاحقة في سوريا، لكن مجلس النواب اللبناني رفض بالإجماع التصويت على القبول بأن يمثل أمام المحاكم السورية.
من أقواله أيضاً: “العماد إميل لحود أفضل خيار للّبنانيين، ليس بسبب ما حقّقه في مرحلة بناء الجيش، وإنّما لنزاهته وهدوء أعصابه وإحاطته الدقيقة بالتوازنات اللبنانية”. بعد ذلك، وتحديداً في 15 شباط 2006، قال في حوار مع “النهار”: “حرِّروا بعبدا من الطاغية ودمشق من القتلة”. وقال أيضاً في 16 شباط 2006 لـ”النهار”: “مشروعنا إسقاط الرئيس لحود، وعلى الرئيس برّي توجيه الدعوة إلى الحوار”.
يعلّق: “تحوّل إميل لحود، للأسف، إلى منفِّذ من دون نقاش للرغبات السورية، فيما هو ابن بيت لبناني عريق، ووالده ضابط وطني. وكان إميل مرشّحنا في عام 1984 لقيادة الجيش اللبناني، في حين كان مرشّح السوريين ميشال عون. وقد اتُّخذ القرار في بكفيا، وأُبعد إميل لحود عن هذا المنصب إلى أن عُيِّن من قبل حكومة سليم الحص عندما سطا ميشال عون على الدولة محوِّلاً تكليف الرئيس أمين الجميل إلى سطو على السلطة”. من أقواله أيضاً: “المطلوب معالجة مشكلة المسيحيين حتى لو كانت… نفسيّة”. (الرأي العام 25 تشرين الثاني 1998).يعلِّق: “أقول اليوم أيضاً إنّه يجب الاعتناء بالمسيحيين حتى لو كانوا على خطأ لأنّهم في أساس قيام لبنان وقيمة مضافة هائلة لهذا الوطن”. نقول له: إذن يجب الاعتناء برئيس الجمهورية ميشال عون لأنّه يمثّل المسيحيين؟يجيب بحدّة واضحة: “عون يكسر كل ما اتُّفق عليه في اتفاق الطائف الذي أسّس لنهاية الحرب وكرّس المناصفة، فيما كان البعض ينادي بالديموقراطية العددية. لقد وقف رفيق الحريري والشيخ محمّد مهدي شمس الدين وحذفوا عبارة الديموقراطية العددية من القاموس الدستوري اللبناني ليكرّسوا المناصفة مهما كان العدد، لكنّ المناصفة لا تعني أنّ حزباً واحداً يضع يده على طائفة، ومن خلالها على مجلس الوزراء، ويلجأ إلى التعطيل المستمرّ للجمهورية ولأعمالها”. يضيف حماده: “ما دام ميشال عون موجوداً، وعقليّة جبران باسيل مهيمنةً عليه وعلى بعبدا، فلا أمل أن يتعافى لبنان، وقد شعرنا بفشل هذا العهد منذ انطلاقته”. ما علاقة رئاسة الجمهورية بهذا الأمر وهي مجرّدة من الصلاحيات؟ يجيب حماده بذهول: “كيف ما عندو صلاحيّات؟ ليس صحيحاً أنّه ليست لديه صلاحيّات. لديه أكثر من الصلاحيّات، لكنّه يريد أن يستعملها من أجل حكم الحزب الواحد، فيما يجدر به أن يكون حَكَماً بين الأحزاب والطوائف كلّها. هو رئيس الجمهورية برمّتها”. لا يُخفي حماده، الذي استقال من المجلس النيابي في آب 2020، لائمته الكبرى لسعد الحريري: “فشلنا في إقناعه بعدم تأييد ترشيح ميشال عون للرئاسة الأولى، لكنّه كان يتبجّح بإنقاذ الاستقرار وإنهاء الفراغ، فيما دخلنا عمليّاً في الفراغ وضربنا الاستقرار”.بالنسبة إلى وضع مهل للتشكيل أمام الرئيس المكلّف، يقول حماده: “هذا تفصيل لم يكن أيام الطائف ولا قبله أيضاً”.يبدأ الحلّ، بحسب حماده، بتشكيل حكومة لبنانية مستقلّة كلّيّاً عن الأحزاب والطوائف. ويقول إنّه “ضد تكريس أيّ حقيبة لأيّة طائفة لأنّه تخلّف عن الجمهورية الأولى، ومخالف لاتفاق الطائف. فالمطلوب حكومة تعيد لبنان إلى موقع التوازن والحياد والنأي بالنفس عن كلّ الخلافات الإقليمية، والخروج من مشاريع الحروب، والطلب إلى “حزب الله” الخروج من سوريا. فإمّا أن يكون حزباً لبنانياً أو ميليشيا دائمة لولاية الفقيه. وحالته لن تدوم مهما كان عدد الصواريخ”. نذكِّره بمقولات له عن “حزب الله”:”لم نقل عن المقاومة إنّها ميليشيا في البيان الوزاري، بل مجّدناها، ولا نقبل الهتافات ضدّ برّي والسيّد نصر الله”. (اللواء 30 كانون الثاني 2006).
إقرأ أيضاً: مروان حماده (1/2): الجريء المتهوِّر
“المعركة كرّست انتصار حزب الله”. (النهار 3 آب 2006).
“إهداء السيد حسن نصر الله النصر للبنان هو إفساح المجال للبنان من أجل مخرج سياسي لاستعادة أرضه وسيادته”. (الشراع 7 آب 2006).
“لن نذبح “حزب الله” من أجل شارون”. (النهار 4 أيار 2003).
يعلّق: “هذا أكبر دليل على أنّه لم يكن لدينا عداء مع حزب الله، لكن لا نقبل أن يضع يده على طائفة، ومن خلالها على نصف مجلس الوزراء، ومن خلال ذلك يحظى بالتعطيل المستمرّ للجمهورية ولعملها. هذا ما يريده عون وفريقه اليوم”.