الروس في بيروت: تهيئة الاستثمارات… بانتظار نضوج الطبخة

2021-07-01

الروس في بيروت: تهيئة الاستثمارات… بانتظار نضوج الطبخة

لا تثير زيارة الوفد الاستثماري الروسي للبنان، المعنيين بهذا الشأن، لكونها الثالثة للوفد، ولأنّ بعض أصدقاء الروس في بيروت سبق لهم أن أبلغوا على نحو رسمي منذ تشرين الثاني من العام 2020 بأنّ لموسكو اهتماماً جدّياً للاستثمار في لبنان بطلب مباشر من القيادة الروسية العليا، من دون أن يعني ذلك أنّ موسكو تستسهل الانخراط في المستنقع اللبناني لتحصيل بعض الاستثمارات، كما يقول المطّلعون. ذلك لأنّ المسؤولين الروس يدركون جدّياً العقبات والتعقيدات في المشهد اللبناني، ويعرفون مسبقاً ما هي المعوّقات التي تنتظرهم، وقد تحول دون شراكتهم مع اللبنانيين. ومع ذلك، هم ماضون في مشروعهم. ولو أنّ هناك الكثير من علامات الاستفهام حول دور بعض الشركات الراغبة في العمل في لبنان ودورها المبطّن في كونها واجهة أو وهمية لنشاطات مشبوهة عملت بين سوريا وروسيا.

يعتقد المطّلعون على الشأن الروسي أنّ محاولات الشركات الاستثمارية توظيف قدراتها في لبنان لن تتوقّف عند أول عقبة ستواجهها، وهي محتملة، لا بل ستواصل سعيها لكي تلتحق بقافلة مَن سبقها إلى ساحة الاستثمار في مجال الطاقة

يقول المطّلعون على الشأن الروسي إنّ المسألة لا ترتبط فقط بأمن روسيا في المنطقة، وتحديداً من البوابة السورية، وحرص القيادة الروسية على حماية مصالحها في سوريا، مع ما يستدعي ذلك من حماية حدودها ومنع لبنان من الانزلاق إلى الفوضى، وإنّما ترتبط أيضاً بالمقاربة الاستراتيجية لمصالح روسيا الاستثمارية في المنطقة. ذلك لأنّ موسكو، وفق المطّلعين، مقتنعة بأنّ الولايات المتحدة الأميركية تخطّط للخروج من المنطقة عسكرياً وسياسياً، كما تفعل في أفغانستان، وأنّ ما يحصل اليوم من مفاوضات دولية وإقليمية، على أكثر من مستوى، وتشارك فيها روسيا، لا يهدف إلّا لملء هذا الفراغ. وهذا ما يعطي التحرّك الروسي بعداً مهمّاً يجعل من أيّ خطوة تجاه لبنان ذات معان مستقبلية.

وعلى هذا الأساس يعتقد هؤلاء أنّ محاولات الشركات الاستثمارية توظيف قدراتها في لبنان لن تتوقّف عند أول عقبة ستواجهها، وهي محتملة، لا بل ستواصل سعيها لكي تلتحق بقافلة مَن سبقها إلى ساحة الاستثمار في مجال الطاقة، وتحديداً شركة “نوفاتيك” التي دخلت مجال التنقيب عن النفط ضمن الكونسورتيوم الذي تقوده شركة “توتال”، وشركة “روسنفت” التي وقّعت في عام 2019 مع وزارة الطاقة اللبنانية عقداً يمتد لعشرين عاماً ويقضي بتطوير منشآت تخزين النفط في طرابلس.

يضيف هؤلاء أنّ العقد الأخير يهدف إلى تطوير تلك المنشآت وتوسعة نطاقها لكي تستوعب النفط المورّد من سوريا والعراق عبر أنابيب النفط بعد إعادة تشغيلها، إذ إنّ الروس يتطلّعون إلى الاستثمار على المدى البعيد، إلّا أنّ العوائق التي فرضتها جائحة كورونا وتأخّر وزارة الطاقة اللبنانية في تسليم الموقع لاعتبارات لوجستية، حالا دون انطلاق العمل التأهيلي. لكنّ المعنيين يؤكّدون أنّ الشركة أبلغت وزارة الطاقة منذ فترة قليلة نيّتها بدء العمل الميداني، وطلبت منها تسليم الموقع سريعاً.

ولكن ماذا عن الموانع الدولية، وتحديداً الأميركية؟

يجيب المطّلعون أنّ المشاورات الأميركية – الروسية جارية على قدم وساق، ولا تفاهمَ كاملاً بين العملاقين، مشيرين إلى أنّ المسؤولين الروس يعرفون أنّ لبنان تحت المظلّة الغربية، ولكنّ هذا لا يعني انعدام أيّ فرصة للاستثمار في لبنان، خصوصاً أنّ موسكو تلعب دوراً فاعلاً في المنطقة، سواء مع السعودية أو قطر أو الإمارات، وهذا يخوّلها لكي تكون جزءاً من مشهد الاستثمارات في المنطقة ولبنان. ولذا يهدف حراكهم الحالي إلى تهيئة الأرضية والمشاريع بانتظار انتهاء الطبخة الخارجية.

إقرأ أيضاً: لبنان في “حالة حرب”… والاستنفار الفرنسيّ الأميركيّ غير مضمون النتائج

أمّا على المستوى السياسي فيؤكّد هؤلاء أنّ عودة واشنطن إلى الملف اللبناني، من خلال التواصل المباشر مع باريس والرياض، تهدف إلى التعمية عمّا يحصل خلف الكواليس من مفاوضات مصيرية قد تغيّر وجه المنطقة، وقد يكون المشهد اليمني أول غيث تلك النتائج، مشيرين إلى أنّ المسؤولين الروس اقتنعوا أنّ الضغط لن ينفع مع المسؤولين اللبنانيين للدفع باتجاه تأليف حكومة، ولو أنّهم يرونها حاجة ماسّة وضرورية لوقف الانهيار، وباتوا شبه مقتنعين أنّ حكومة تصريف الأعمال هي التي ستتولّى شأن البلاد إلى حين انتهاء المشاورات الخارجية، مع حرصهم على عدم انزلاق البلاد نحو الفوضى.

مواضيع ذات صلة

لبنان بالخيار: حرب مفتوحة أم فصل المسارات؟

هو أشبه بفيلم رعب عاشه اللبنانيون منذ يوم الثلاثاء الفائت. في الوقت الذي بدأ الحزب بتحقيقاته الداخلية للوقوف على أسباب الخرق ومن يقف خلفه، تستعدّ…

ماذا أرادَ نتنياهو من عمليّة “البيجر”؟

دخلَت المواجهة المُستمرّة بين الحزب وإسرائيل منعطفاً هو الأخطر في تاريخ المواجهات بين الجانبَيْن بعد ما عُرِفَ بـ”مجزرة البيجر”. فقد جاءَت العمليّة الأمنيّة التي تخطّى…

ما بعد 17 أيلول: المدنيّون في مرمى الحزب؟

دقائق قليلة من التفجيرات المتزامنة في مناطق الضاحية والجنوب والبقاع على مدى يومين شكّلت منعطفاً أساسياً ليس فقط في مسار حرب إسناد غزة بل في تاريخ الصراع…

ألغام تُزَنّر الحكومة: التّمديد في المجلس أم السراي؟

ثلاثة ألغام تُزنّر الحكومة و”تدفشها” أكثر باتّجاه فتح جبهات مع الناقمين على أدائها وسط ورشتها المفتوحة لإقرار الموازنة: 1- ملفّ تعليم السوريين المقيمين بشكل غير…