لبنان ينطفىء تدريجياً، وعلى أبواب الأزمة التي يدخلها تدريجياً، يتّجه المعنيّون إلى رفع الدعم تدريجيّاً عن المحروقات. أولى الخطوات تمثّلت بالتوجّه الذي ساد اجتماع القصر الجمهوري في بعبدا، وأكّد ضرورة فتح اعتمادات لاستيراد المحروقات على أساس دعم مصرف لبنان للدولار من الاحتياط الإلزامي بسعر 3900 ليرة لبنانية. لكنّ هذه الخطوة تعالج الأزمة مرحليّاً فقط.
في هذا الوقت، لا يبدو المشهد السياسي قابلاً للحلّ مع تمسّك كل القوى بمواقفها. فالرئيس نبيه برّي يتمسّك بسعد الحريري، ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل يتمسّك بمطالبه الحكومية، وحزب الله يمسك العصا من الوسط. وعلى وقع نفي رئاسة الجمهورية أن يكون أحد خياراتها البحث عن آليّة دستورية لسحب التكليف من الحريري، تكثر الاتصالات من أجل التهدئة بين القوى السياسية، إن لم يكن من أجل تشكيل حكومة، فعلى الأقلّ لوقف التصعيد وعدم رفع سقف الخطاب، بما يخفّف من مستوى الاحتقان في الشارع.
معلومات “أساس” تؤكّد أنّ غياب دياب عن الاجتماع هو نتيجة خلافات تحكم العلاقة بينه وبين بعبدا والبيّاضة. فقد غسل دياب يديه منذ أشهر من رفع الدعم بعدما أبلغ رئيس الجمهورية وحاكم مصرف لبنان رفضه رفع الدعم عن السلع الأساسية
تواصل حزب الله مع عين التينة
في معلومات “أساس” أنّ تداعيات اجتماع مسؤول التنسيق والارتباط في حزب الله وفيق صفا مع رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل لا تزال تتفاعل. وفيها أن لا اقتراحات حكومية جديدة على المشهد السياسي الجامد، بل اقتراحات بالتهدئة والعودة إلى الحوار بين الثنائي الشيعي وباسيل. فباسيل، الذي لم ينسّق مع حزب الله في ما يتعلّق بمؤتمره الصحافي الذي عقده يوم الأحد، أحرج الحزب الذي يؤكّد باستمرار تمسّكه بمبادرة الرئيس نبيه بري. وفي هذا الاجتماع، سأل صفا باسيل عن اقتراحاته للحلّ، فأبدى باسيل تمسّكه بشروطه المتعلّقة بعدم إعطاء الثقة وبأن يسمّي هو الوزيرين المسيحيّين.
لم يمنع هذا الجمود الحكومي حزب الله من السعي إلى التهدئة بين حليفيْه. وفي سبيل ذلك، تواصل المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله الحاج حسين الخليل، مع المعاون السياسي للرئيس برّي النائب علي حسن خليل، لإطلاعه على تفاصيل لقاء صفا وباسيل، ولا سيّما تأكيد باسيل لصفا أنّ هدفه ليس شقّ الصف الشيعي. وفي الاتصال أكّد خليل أنّ برّي لا يمانع قيام حزب الله بمساعيه الحكومية على أن تكون ضمن مبادرته الحكومية. من جهته حزب الله ملتزم بمبادرة بري وعلى أساسها ستدور حركته في المقبل من الأيام، خصوصاً قبل أيّ خطاب مقبل للأمين العام لحزب الله.
أما على مقلب بعبدا فينتظر الرئيس ميشال عون نتائج المفاوضات التي يقودها حزب الله ليبني على الشيء مقتضاه، علماً أنّه مصرّ على أن يكاشف اللبنانيين بأسباب الأزمة الحكومية في الأيام المقبلة.
مصادر اللقاء كشفت أنّه انتهى مع أرجحيّة اعتماد الاقتراح الأول لفترة محدودة بانتظار الحلول التشريعية الدائمة المتمثلة باعتماد البطاقة التمويلية التي تحتاج إلى مزيد من الوقت لإقرارها وطبعها وتوزيعها
السلطة التنفيذيّة في بعبدا
وفي جديد أزمة المحروقات ، فإنّ اجتماع بعبدا الذي حضره إلى الرئيس عون، وزيرا المال غازي وزني والطاقة ريمون غجر وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وغاب عنه رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب… إلا أنّ القصر الجمهوري أعلن أنّ عون اتّصل بدياب وناقش معه تفاصيل اللقاء.
معلومات “أساس” تؤكّد أنّ غياب دياب عن الاجتماع هو نتيجة خلافات تحكم العلاقة بينه وبين بعبدا والبيّاضة. فقد غسل دياب يديه منذ أشهر من رفع الدعم بعدما أبلغ رئيس الجمهورية وحاكم مصرف لبنان رفضه رفع الدعم عن السلع الأساسية. لذا يرفض دياب المشاركة في الاجتماعات التي تناقش سبل رفع الدعم بعدما سبق أن ذكّر بالخطة الاقتصادية التي أعدّتها حكومته، محمِّلاً القوى السياسية مسؤولية عدم إقرارها.
لكن حين طُرِحت أزمة الكهرباء على الطاولة، ورفض دياب التوقيع على استخدام الاحتياط الإلزامي لحلّ الأزمة، عاد عن قراره تحت وطأة العتمة. واليوم يرفض دياب أيضاً اللجوء إلى الاحتياط الإلزامي، وسط كلام عن توقيعه، عاجلاً أم آجلاً، تحت وطأة الأزمة أيضاً.
من جهتها تؤكد مصادر اللقاء في بعبدا أنّ الرئيس عون اتصل بدياب وناقش معه صيغة الحل المقترحة، وأبلغه أنّ المجتمعين يعوّلون على أن يترجم دياب موقفه إيجاباً عبر التوقيع على الاعتماد الاستثنائي.
أمّا الاجتماع فقد ناقش عدداً من الاقتراحات:
أوّلها: دعم مصرف لبنان للمحروقات وتوفير الاعتمادات اللازمة الاستثنائية من الإحتياطي الإلزامي بسعر 3900 ليرة لبنانية للدولار، وليس 1515.
ثانيها: توزيع أربع صفائح للّبنانيين وصفائح إضافية لسيارات النقل العام.
ثالثها: اعتماد البطاقة التمويلية التي يناقشها مجلس النواب.
مصادر اللقاء كشفت أنّه انتهى مع أرجحيّة اعتماد الاقتراح الأول لفترة محدودة بانتظار الحلول التشريعية الدائمة المتمثلة باعتماد البطاقة التمويلية التي تحتاج إلى مزيد من الوقت لإقرارها وطبعها وتوزيعها، وبالتالي الذهاب إلى فتح مصرف لبنان اعتمادات على أساس 3900 ليرة لبنانية للدولار. إلا أنّ هذا القرار لم يُتّخذ بعد بانتظار مزيد من التشاور على أن يعلن لاحقا في اجتماع ثانٍ أو في بيان رسمي.
وحول هذا الاقتراح، توافق المجتمعون على أن يكون الدين المستحقّ لمصرف لبنان ممتازاً، بمعنى أنّ تسدّد الدولة القرض بالدولار الأميركي بشكل كامل بحيث يستعيد مصرف لبنان التسهيلات كاملة بما يحفظ أموال المودعين.
إقرأ أيضاً: الكهرباء والعتمة: تصفية حسابات بين الجميع..
في الساعات المقبلة سيحسم المجتمعون الأمر سنداً إلى المادة 91 من قانون النقد والتسليف التي تلزم مصرف لبنان تمويل الدولة في حال غياب مصادر التمويل عن الحكومة. إضافةً إلى هذا الاجتماع، سيقوم الرئيس عون في الساعات المقبلة بإجراء ممثال لحلّ أزمة المستلزمات الطبية والدواء. من جهته، حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، الذي ينقل عنه زوّاره أنّه مقتنع بضرورة الاستمرار بدعم السلع الأساسية على الرغم من مخاوفه من المس بالاحتياط الإلزامي، يعتبر أنّه بحاجة إلى غطاء ليستمرّ بالدعم، على أن يحصل عليه من رئيس الجمهورية.