أعلن انتسابي للحزب بعد أن يأتي البنزين

مدة القراءة 5 د

إن استطاع السيّد حسن نصر الله توفير البنزين والمازوت والدواء والطحين لكلّ اللبنانيين، من حقّه عليَّ أنا اللبناني البيروتيّ المُسلم السُنّي المعارض له ولمحوره أن أتقدّم بطلب انتسابٍ إلى حزبه العظيم، أو أقله بما أنّني لست شيعياً، أنا مستعد للانتساب إلى سرايا الحزب أو أيّ تنظيم تحت أيّ تسمية يبتكرها السيّد أو أحد معاونيه.

السياسة ليست “جكارة” ولا صراعاً عبثياً أو قتالاً مع طواحين الهواء. هي صراع بل منافسة ديموقراطية من أجل حياة كريمة عزيزة للمجتمع والفرد، أكبيراً كان أم  صغيراً.

كُن صادقاُ معنا يا سيّد، كما عوّدتنا وفقاً لما يقول ذاك النشيد. نعدك إن صدقت معنا أن نذهب بالانتخابات المقبلة مصوّتين للوائحك وللمرشح الذي تريد

بناءً على ما تقدّم، إن تمكّن السيّد من إزالة طوابير السيارات أمام محطات البنزين، وفكّ الاشتباك بين الناس في السوبرماركت على علبة حليب أو كيس أرُزّ، هو طعام الفقير، وإن أعاد لنا نعمة طلب الدواء عبر خدمة الدليفيري ليلاً ونهاراً وساعة نريد، فمن حقّ الرجل علينا أن يحكمنا حينها، كما يشاء وكما يريد. ونعده بعد ذلك أن نرمي كلّ ربطات العُنق التي لدينا كرمى لعيونه، ونعتمد ارتداء القميص وإقفال زرّه الأخير.

نحن لسنا طُلاب صراع من أجل الصراع ولا هواة تظاهر ولا قطع طريق. هدفنا فقط أن نعيش ونملأ خزان سيارتنا بالوقود، وتهدينا المحطة بعد ذلك تشجيعاً عُلبة محارم ورقية كالأيام السابقة، ونشتري الدواء من دون عناء ولا ذلّ، ونختار ربطة الخبز الأطيب بين فرن الأمراء أو فرن الوفاء أو أفران شمسين.

سأنسى كل وعود السيّد السابقة وكل اقتراحاته الاقتصادية والنقدية، حتى تلك التي دعانا فيها إلى زرع البقدونس والفجل على الأسطح والشرفات وفي أحواض الساحات والطريق.

سأنسى كل ما مضى، لأفتح صفحة جديدة متمسّكاً بوعده الأخير أن يُحضر من إيران المازوت والبنزين والدواء والطحين.

كُن صادقاً معنا يا سيّد، كما عوّدتنا وفقاً لما يقول ذاك النشيد. نعدك، إن صدقت معنا، أن نذهب في الانتخابات المقبلة ونصوّت للوائحك وللمرشح الذي تريد.

نعم يا سيّد نريد البنزين والدواء والطحين، ولك الحرية أن تُحضرهم من أيّ بلد على هذه المعمورة حتى لو كان من بلاد “الواق الواق”، سياراتنا تريد أن تمشي ولا تبالي بنوعية البنزين، ومرضانا بحاجة للدواء حتى وإن كان في فم التنين

لن نسألك كيف ستُحضر البنزين من طهران، التي يبحث سكانها عن البنزين ويحملون البطاقات التي تُحدّد استهلاكهم لهذه المادة وتخصّص 60 ليتراً لكل سيارة شهرياً بالسعر المدعوم (1000 تومان إيراني لليتر الواحد)، وبالسعر الحرّ (3000 تومان لليتر) لمن أراد أن يزيد لزوم مواجهة الحصار الكبير. ولن نسألك عن الطحين الذي بات عملة نادرة في دمشق وفي الأفران المنتشرة بمنطقة السيدة زينب حيث حزبك يسرح ويستريح، وعنها قال أحد الإعلاميين في تقرير ميداني له: “الازدحام في طوابير الخبز في دمشق رهيب. يقف الناس أحياناً لـ5 و6 ساعات ليشتروا أرغفة سميكة، قوامها أقرب إلى العجين، ورائحتها حمضية. يقولون في كل مرة إنّ الازمة ستحلّ، لكنها تزيد. أمّا النظام السوري فأصدر بطاقة أطلق عليها اسم “الذكية”، يحدّد فيها عدد ربطات الخبز المبيعة لأفراد العائلة الواحدة. وإن زار ضيفٌ العائلة المسكينة ليتناول الغداء أو العشاء أو طالباً رغيفاً، فها هنا المشكلة تعنيه وحده، فهي مشكلة فردية ولا تعني الجميع.

ولن نسألك عن الكهرباء التي يفتقر إليها العراق منذ إعدام صدام، الذي في عهده كانت تصل الكهرباء إلى كلّ قرية في أقصى البلاد، وكان ليلها مضيئاً. أمّا اليوم فإيران تمدّ العراق ببعض الكهرباء، وتطالب الكاظمي بالمستحقّات المالية كلما ابتعد بمواقفه وسياساته عنها. لن نسألك عن كل ذلك، فما بالنا، همّنا هو أكل العنب، وليس قتل الناطور بسكّين من حديد.

نعم يا سيّد نريد البنزين والدواء والطحين، ولك الحرية أن تُحضرهم من أيّ بلد على هذه المعمورة حتى لو كان من بلاد “الواق الواق”. سياراتنا تريد أن تمشي ولا تبالي بنوعية البنزين، ومرضانا بحاجة إلى الدواء حتى لو كان في فم التنين.

إقرأ أيضاً: يا سيّد أنت وحدك المسؤول

يبقى السؤال: “ماذا لو لم تستطع يا سيّد أن تفي بوعدك وبقي الأمر على وسائل التواصل للمزايدة والسخرية والتنكيت؟”،  كما فعل أحدهم بالأمس حين كتب على صفحته بالفيسبوك “بواخر النفط الإيراني تسير في البحر باتجاه لبنان وشعبه” الذي وصفه زياد الرحباني، عندما تحدث عن كرامته، بالشعب العنيد. ثم عاد صباحاً ليكتب على الصفحة نفسها “إنّ أميركا منعت إيران من إيصال النفط إلى مرفئنا الحزين”. حينها لن نلومك كثيراً ولن نعتب عليك، فلا نملك القدرة على كلّ ذلك أمام فائض القوة الذي تتمتع به ويتجاوزنا بكثير. بل سندعوك إلى احتساء الشاي معنا في جلسة مسائية من دون تخطيط أو تدبير، ونتصارح فيها كما يتصارح الأشقاء ضمن العائلة الواحدة بكل شفافية وصدق كي نقرّ معاً أنّنا هُزمنا، نعم هُزمنا نحن وأنت. المنطق يقول يا سيّد أن لا انتصار عندما يجوع أهلك وتعجز عن توفير الدواء أو استعمال السيارة للذهاب إلى المستشفى لنقل ابنك أو والدتك أو والدك المريض.

مواضيع ذات صلة

رجال ترامب هم رجال إسرائيل!

تعكس اختيارات الرئيس المنتخب دونالد ترامب لبعض فريقه الرئاسي الجديد عمق سياساته المقبلة تجاه العالم ككلّ، وتجاه منطقة الشرق الأوسط على وجه الخصوص. قيل لي…

هل ينفع الحوار مع إيران للاستغناء عن خدماتها؟

حين تتحدّث مع دبلوماسيين غربيين عاملين على مسائل لبنان والمنطقة هذه الأيام، يصغون بشيء من اللياقة لما يُعرض من التفاصيل المتعلّقة بصيغة لبنان، سواء في…

صواريخ إيران: شّبح صّينيّ مجهول

كيف تحوّلت إيران إلى مصنّع للصواريخ؟ الصواريخ الإيرانية الصنع تعزّز الآلة العسكرية الروسيّة في الحرب على أوكرانيا. وهذه الصواريخ الإيرانية تشكّل رأس الحربة العسكرية للحوثيين…

تشدّد الرّياض: عودة عربيّة إلى نظام إقليميّ جديد؟

توحي نتائج القمّة العربية – الإسلامية بأوجه متعدّدة لوظيفة قراراتها، ولا تقتصر على محاولة فرملة اندفاعة إسرائيل العسكرية في المنطقة. صحيح أنّ القمّة شكّلت حاضنة…