الفساد يلاحق اللبنانيّين إلى المرحاض؟

مدة القراءة 3 د

الأزمة اللبنانية ستلاحق اللبنانيين إلى الحمّامات.

هذا جديد الهمّ المعيشي اليومي للشعب اللبناني، الذي بات يضطرّ إلى التفكير في مأكله ومشربه ودوائه ومحروقاته ونفاياته. واليوم مع تجذّر الأزمة، على اللبناني أن يفكّر جيّداً، حينما يقضي حاجته في الحمام، وقبل أن يشدّ السيفون، في أنّ المعضلة اللبنانية تسدّ أيضاً “الصرف الصحي”.

الأزمة الجديدة هذه تبدو قديمة في أسبابها، التي ترتبط بلعبة الفساد والابتزاز الذي يمارسه كبار المقاولين ورعاتهم من السياسيين النافذين، للضغط على اللبنانيين من خلال مراحيضهم.

بهذا المعنى، يصل الفساد إلى حمامات اللبنانيين، وأبطال الأزمة الجديدة: مجلس الإنماء والإعمار بـ”التكافل والتضامن” مع الشركات المشغِّلة لمحطات التكرير في الشمال والبقاع والجنوب.

الأزمة الجديدة هذه تبدو قديمة في أسبابها، التي ترتبط بلعبة الفساد والابتزاز الذي يمارسه كبار المقاولين ورعاتهم من السياسيين النافذين، للضغط على اللبنانيين من خلال مراحيضهم

الأزمة نشبت بعد صرف مليارات الدولارات على تلزيمات لا تخضع لأيّ رقابة مسبقة أو لاحقة، من شأنها أن تملأ النفق المظلم الذي يعيش فيه لبنان بـ”المجارير”.

فقد حصل موقع “أساس” على كتاب وجّهه مجلس الإنماء والإعمار إلى وزارة الطاقة يُبلغها بوقف تشغيل محطات تكرير الصرف الصحي، للضغط عليها في سبيل إجبارها على تسديد المستحقّات الواجبة عليها والتي تصل إلى نحو 15 مليون دولار أميركي. علماً أنّ جزءاً من هذه المستحقّات تُدفع لتشغيل محطات، بعضها لا يعمل بسبب العيوب في التصميم وعدم استكمال الشبكات.

وفي مضمون الكتاب يرفع مجلس الإنماء المسؤولية عن نفسه في حال توقّف شبكات الصرف الصحي عن العمل، محمّلاً وزارة الطاقة مسؤولية عدم تسلُّمها القطاع، كما ينصّ القانون.

في المقابل، غاب عن بال وزارة الطاقة والمياه، لسنوات، تهيئة مؤسّسات المياه فنّياً وبشرياً لتسلُّم تلك المحطات وتشغيلها، مع أنّ قانون تنظيم قطاع المياه ينصّ على صلاحية تلك المؤسسات في قطاع الصرف الصحي. وبدلاً من ذلك، جعلت الوزارة، مع مجلس الإنماء والإعمار، من كلّ محطة “باخرةً” للتنفيعات، على غرار بواخر الكهرباء، لتضع اللبنانيين أمام احتمالات كلُّها مفتوحةٌ على القعر.

في مضمون الكتاب يرفع مجلس الإنماء المسؤولية عن نفسه في حال توقّف شبكات الصرف الصحي عن العمل، محمّلاً وزارة الطاقة مسؤولية عدم تسلُّمها القطاع، كما ينصّ القانون

فبحسب الأرقام الرسمية، فقد خصّص القانون رقم 63 تاريخ 27-10-2016 اعتمادات تصل إلى نحو 1100 مليار ليرة، لتنفيذ بعض مشاريع وأعمال الاستملاك العائدة لها في منطقة حوض الليطاني من النبع إلى المصبّ، على أن تُنفّذ هذه المشاريع خلال سبع سنوات.

إقرأ أيضاً: لبنان المزابل.. والانهيار

وفي اتصال مع المدير العام للمصلحة الوطنية لنهر الليطاني سامي علوية، قال لـ”أساس” إنّ “القروض والهبات بمليارات الدولارات، التي خُصّصت بكاملها لمجلس الإنماء والإعمار، لم تحقّق الغاية المرجوّة من معالجة مشكلة الصرف الصحي الذي يلوّث نهر الليطاني وبحيرة القرعون، الأمر الذي يطرح أسئلةً عن مصير هذه المبالغ”.

الواضح أنّ الأمور لن تقتصر على رفع الدعم، وانعدام القدرة الشرائية، وانقطاع الكهرباء، وحلول العتمة، بل ستكون الأمور أكثر كارثيّة على حياة اللبنانيين الذين قد يغرقون في البراز بعدما سدّ الفسادُ الصرفَ الصحّي.

من هنا الحاجة إلى تدخّل القضاء لإعادة “تكرير” التلزيمات، والسؤال عن مليارات الدولارات التي صُرِفت على قطاع لا وجود له.

فهل مَن يجرؤ، أخيراً، على دخول الحمّام؟

مواضيع ذات صلة

ساعات حاسمة… ومصير السّلاح مجهول

في الأيام الماضية ضغط جيش العدوّ الإسرائيلي بجولات من قصف صاروخي عنيف ومكثّف لا مثيل له منذ بدء العدوان الجوّي في 23 أيلول الماضي، وتوّج…

كيف يستعدّ الحزب لليوم التّالي؟

بدأ الحزب إعادة ترتيب أولويّاته تحضيراً لليوم التالي في الحرب بعيداً عن التفاصيل الميدانية الحربية والمفاوضات السياسية الحاصلة لإصدار قرار وقف إطلاق النار.   أشارت…

خشية غربيّة من جولة تصعيد جديدة

إذا لم تُثبت التطوّرات عكس ذلك، فإنّ الأوساط الدبلوماسية الغربية لا ترى في مسوّدة الاتّفاق الذي صاغة الموفد الأميركي آموس هوكستين وقدّمته السفيرة الأميركية لدى…

قيس عبيد: شبحُ مغنيّة الذي حملَ الجنسيّة الإسرائيليّة

منذ أن افتتحَت إسرائيل سلسلة اغتيالات القيادات العسكريّة للحزبِ في شهرَيْ حزيْران وتمّوز الماضيَيْن باغتيال قائد “قوّة الرّضوان” في جنوب لبنان وسام الطّويل وبعده قائد…