فريدمان: نتانياهو وحماس معاً ضدّ حكومة وحدة وطنيّة

مدة القراءة 5 د

رأى المحلّل السياسي في صحيفة “نيويورك تايمز” توماس فريدمان، يوم الأحد الماضي، أنّ رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو وحركة حماس يلتقيان، في الحرب الدائرة حالياً في قطاع غزّة، على مصلحة مشتركة، وإن كانت من زاوية مختلفة لكلّ منهما. وشبّه فريدمان ما يحدث بلحظة 6 كانون الثاني، أي عندما أرسل الرئيس السابق دونالد ترامب أنصاره لاقتحام الكونغرس في محاولة منه لقلب نتائج الانتخابات الرئاسية لمصلحته. وعليه، يعتبر فريدمان أنّ نتانياهو، كما حركة حماس، عملا على إجهاض تشكيل حكومة وحدة وطنية في إسرائيل، هي الأولى من نوعها في التاريخ، حيث كان من المفترض أن تضمّ وزراء يهوداً وعرباً مسلمين.

الطرفان المتحاربان في غزّة، مثل ترامب، يحتفظان بالسلطة من خلال ركوب موجة الكراهية ضدّ “الآخر”. وهما يلجآن دائماً إلى هذا التكتيك في كلّ وقت يواجهان فيه أزمة سياسية. ولا يوجد شريك أفضل لكلّ منهما لتنفيذ هذا المخطّط، منذ أن وصل نتانياهو إلى رئاسة الحكومة للمرّة الأولى عام 1996، على خلفيّة العمليات الانتحارية لحماس آنذاك.

بالطبع، لا يتكلّم نتانياهو إلى حماس، ولا العكس صحيح. بل هما لا يحتاجان إلى الكلام. وكلّ طرف يدرك بالضبط ما يحتاج إليه الآخر. ويعمل بوعي أو من دون وعي على تحقيق مصلحة الطرف الثاني في المعادلة.

الطرفان المتحاربان في غزّة، مثل ترامب، يحتفظان بالسلطة من خلال ركوب موجة الكراهية ضدّ “الآخر”. وهما يلجآن دائماً إلى هذا التكتيك

وأعرب فريدمان عن اعتقاده أنّ كلّ ما يحدث الآن في غزّة مرتبط بما وقع من قبل من اختراق سياسي رائع في إسرائيل. وكما هو حال ترامب، يحاول المتحاربان تدمير إمكان التغيير السياسي قبل أن يهمّ هو بتدميرهما سياسياً، أي نتانياهو وحماس.

ويشرح فريدمان فكرته فيقول إنّه لا بدّ من العودة إلى الوراء 10 أيام في الأقلّ، عندما كان يكتب زاوية تحليلية، قبيل انطلاق الصراع، عن مفاجأة سياسية في إسرائيل. فبعدما فشل نتانياهو، غداة الانتخابات العامّة الرابعة في إسرائيل، في تشكيل حكومة، ارتفعت حظوظ تشكيل حكومة وحدة وطنية غير مسبوقة.وتصدّر عدد هآرتس يوم الأحد في 9 أيّار، العنوان التالي: “يتوقّع حزب نافتالي بينيت (يمينا) تشكيل الحكومة هذا الأسبوع بعد اللقاء مع قيادي إسلامي”. ويقول الخبر إنّ بينيت التقى رئيس اللائحة العربية المشتركة منصور عباس، ما دفع أعضاء في الحزب الإسرائيلي إلى الاعتقاد بأنّ الأزمة الحكومية ستنتهي أخيراً، بعد أربعة انتخابات في عامين. واللائحة العربية المشتركة هي حركة إسلامية من عرب إسرائيل، ونشأت في البيئة التي خرجت منها حركة حماس، مع فارق أنّها حركة لاعنفيّة، تعترف بإسرائيل، وتركّز جهدها على تحصيل العرب الإسرائيليين حقوقهم، ولا سيّما البدو منهم، أي موارد أكثر، ووظائف أكثر في المدن والأحياء، تماماً كما تفعل الأحزاب الدينية الإسرائيلية.

أعرب فريدمان عن اعتقاده أنّ كلّ ما يحدث الآن في غزّة مرتبط بما وقع من قبل من اختراق سياسي رائع في إسرائيل. وكما هو حال ترامب، يحاول المتحاربان تدمير إمكان التغيير السياسي قبل أن يهمّ هو بتدميرهما سياسياً، أي نتانياهو وحماس

لقد انشقّ منصور عباس عن ائتلاف الأحزاب العربية الإسرائيلية، الذي يهتمّ أكثر بالمسألة الوطنية الفلسطينية، وفاز بأربعة مقاعد. ومنذ انتهاء الانتخابات لم يتمكّن ائتلاف نتانياهو ولا المعارضة برئاسة يائير لابيد ونفتالي بينيت من الحصول على ما يكفي من الأصوات لتشكيل الحكومة. وأصبح عباس بمقاعد كتلته الأربعة صانع الملوك في إسرائيل. في البدء، حاول نتانياهو الاتفاق معه، لكنّ فصيلاً متطرّفاً صغيراً معادياً للعرب داخل ائتلافه (فتيان بيبي الفخورون) رفض الجلوس في حكومة واحدة مع العرب. وهذا ما أفسح المجال للمعارضة لتشكيل حكومة عريضة، للمرة الأولى على الإطلاق، تضمّ اليمين المؤيّد للمستوطنين، واليسار العلماني التقدّمي، والحزب العربي ذا التوجّه الإسلامي، مع احتمال انضمام أحزاب عربية علمانية. وهذا من شأنه أن يغيّر السياسة الإسرائيلية إلى الأبد، وأن يؤدّي إلى مزيد من الاندماج بين العرب واليهود، وأن يعالج شكاوى الشباب العربي في إسرائيل.

ومن الجدير ذكره، كما يقول فريدمان، أنّ ما كتبته هآرتس في 20 آذار 2020 من أنّ العاملين العرب في المجال الصحي كانوا أساسيين في إنقاذ الإسرائيليين من جائحة كورونا. “وبحسب الإحصاءات الرسمية، فإنّ 17% من الأطباء، و24% من الممرّضين، و47% من الصيدليّين هم من العرب”.

لذلك كان من المهمّ، برأي فريدمان، تشكيل حكومة وحدة وطنية في إسرائيل، تُنهي 12 سنة من عهد نتانياهو رئيساً للحكومة، ومن أجل تحدّي سرديّة حماس، بشأن تدمير دولة إسرائيل.

إقرأ أيضاً: كيف أطلق ظريف حرب غزّة من دمشق؟

كان نتانياهو في موقف يائس. فهو حاول كلّ جهده للبقاء في السلطة وتجنّب إدانته في قضية الفساد، من خلال إشعال النار، وردع خصومه اليمينيّين عن محاولة الإطاحة به، باعتبار أنّ الوقت غير مناسب لتغيير القيادة.

وهذا ما جرى بالضبط بعد 48 ساعة من القتال. نتانياهو أخاف بينيت، الذي كان يسعى إلى عقد اتفاق مع حزب إسرائيلي إسلامي، إضافة إلى الوسطيّين والتقدّميّين الإسرائيليين. أمّا منصور عباس فوجد نفسه في موقف مستحيل أمام حركة حماس، فهو يبدو متعاوناً مع الإسرائيليين اليهود، الذين يوجّهون الضربات للفلسطينيّين من القدس إلى غزّة.  

مواضيع ذات صلة

هل يستبدِل برّي حليفه فرنجيّة بأزعور؟

يدور الاستحقاق الرئاسي في حلقة مُفرغة، أحد أبرز عناصر كَسرِها التوصّل داخلياً إلى تسوية تَمنع الثنائي الشيعي من أن يكون في جلسة التاسع من كانون…

مشاورات “الأعياد”: لا 65 صوتاً لأيّ مرشّح بعد!

تَجزم مصادر نيابية لموقع “أساس” بأنّ المشاورات الرئاسية في شأن جلسة التاسع من كانون الثاني قد تخفّ وتيرتها خلال فترة الأعياد، لكنّها لن تتوقّف، وقد…

السّيناريو البديل عن الانتخاب: تطيير الجلسة تحضيراً لرئاسة ترامب!

في حين يترقّب الجميع جلسة التاسع من كانون الثاني، يحتلّ عنوانان أساسيّان المشهد السياسي: من هو الرئيس المقبل؟ وهل يحتاج موظّفو الفئة الأولى، كقائد الجيش…

1701 “بضاعة” منتهية الصّلاحيّة؟

لا شكّ أنّ ما يراه المسؤولون الإسرائيليون “فرصة لا تتكرّر إلّا كلّ مئة عام” في سوريا تتيح، بعد سقوط نظام بشار الأسد، اقتطاع منطقة من…