لست سعيداً لمقتل عشرات اليهود في الجليل بحادث انهيار الجسر، كما لن أكون سعيداً إذا ضرب زلزال مدمّر إيران وأسقط الآلاف من القتلى المدنيّين الأبرياء.
ولن أكون سعيداً إن قُتِل أيّ إنسان في أيّ مكان، فلست عدوّاً لأيّ إنسان. عداوتي تبدأ من لحظة خروج الإنسان من إنسانيّته، وهو توقيت إعلانه أنّه لم يعد إنساناً.
عداوتي هي مع الأعداء القتلة والمغتصبين الذين أواجههم في أرض المعركة، وأقاتلهم بسلاحي، وليس بدعائي، فالدعاء مناجاة يتسلّح بها الضعفاء.
لست سعيداً بما سينتهي إليه حادث الجسر في الجليل. أحسد أهل الضحايا هناك، فهم سيعلنون بعد مدّة وجيزة من المسؤول عن موت كلّ هؤلاء، وسيحاكمون المسؤول، وسيسجنونه هو وكلّ مَنْ ثبُت تورّطه بالحادث، فيما في وطني فُجّرت مدينتي في 4 آب، وجيراني وأصدقائي قُتلوا، ومنهم من لم نجد جثّته حتّى الآن، والقضيّة تتّجه إلى أن تُسجّل ضدّ مجهول أو توضع المسؤولية على عامل اللِحام.
عداوتي هي مع الأعداء القتلة والمغتصبين الذين أواجههم في أرض المعركة، وأقاتلهم بسلاحي، وليس بدعائي، فالدعاء مناجاة يتسلّح بها الضعفاء
سأكون سعيداً عند حشد العرب جيوشهم واقتحامهم فلسطين المحتلّة كي يحرّروها شبراً شبراً، ويذهبون خلف الشجر والحجر بعد أن يناديهم، كما بشّرنا سيّد الأنام صارخاً: “يا مسلمُ خلفي يهودي تعالَ فاقتله”، إنّه يحمل السلاح ويختبئ خلف الأغنام. وسأكون سعيداً عندما تنتقل جيوش العرب بعد هذه المعركة إلى إيران فيخرجونها هي وميليشياتها من عواصمنا المحتلّة، ثم يعيدون إلينا خليج العرب، ويُطلق سراح كلّ العرب المحتجزين في سجون طهران، ويُسمح لنا ببناء المساجد في قرانا ومدننا هناك، كما يسمح لنا الغرب ببنائها في كلّ مدنه.
سأكون سعيداً عندما تعود أرض العرب للعرب، ولا نعود نخشى أيّ معتدٍ آثمٍ، أو أيّ عدوان. في تلك المعركة لن أحزن على أيّ قتيل يُقتل في جيوش الأعداء، أكان يهوديّاً أو فارسيّاً، أو جاء من بلاد المغول أو من تترستان. حينها القتيل معتدٍ وقاتلناه عندما اعتدى علينا وخرج من قيمه ومن كلّ الفضائل، وبالتالي لم يعد إنساناً.
سأكون سعيداً عند حشد العرب جيوشهم واقتحامهم فلسطين المحتلّة كي يحرّروها شبراً شبراً، ويذهبون خلف الشجر والحجر بعد أن يناديهم، كما بشّرنا سيّد الأنام صارخاً: “يا مسلمُ خلفي يهودي تعالَ فاقتله”
مثيرون للشفقة نحن العرب في كثير من الأوطان عندما تركنا بالأمس صلاة التراويح والتهجّد والفجر بعد الإمساك، وتفرّغنا للشماتة على وسائل التواصل الاجتماعي بانهيار الجسر في الجليل ومقتل بعض الناس، وكأنّنا خارجون من معركة حطّين أو القادسيّة، أو أعدنا ما سُلب منّا كلّ تلك السنوات من الكرامة والعنفوان، أو كأنّنا في معركة بدر حيث أرسل الله جنداً من السماء كي ينصر جنده على الأرض في تلك الموقعة الفاصلة بين الكفر والإيمان.
إقرأ أيضاً: يا سيّد.. “نِحنا كَمان وصلت معنا لهون”
يا معشر القوم اخرجوا من جهالتكم. الله لم يرسل قوة ضاربة كي يحقّق لكم نصراً في رمضان، ولن يرسلها لقومٍ لم يعدّوا لمعاركهم قبل الأوان. فالآية الكريمة واضحة حيث تقول: “إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ”. فهل نصرتم الله كي ينصركم وكي تروا في انهيار الجسر في الجليل هديّة من الرحمن.
الإنسان أخٌ للإنسان بعيداً عن العرق والدين ولون البشرة واختلاف اللغة والآراء. فأنصتوا إلى هذا الحديث الشريف الذي يقول: “الخلق كلّهم عيال الله وأحبّ خلقه إليه أنفعهم لعياله”. فقد قال كلّ الخلق، ولم يحدّد منهم المسلم أو غير المسلم. فكلام النبي ليس سهواً وليس مجرّد بلاغة لغويّة، بل هو ركن أساس من أركان الأحكام.