فعلياً، بلغت الانتخابات النيابية الفرعية حائطاً مسدوداً، من شأنه أن يزيد من حدّة الخلاف بين الرئاسة الأولى والرئاسة الثانية، إلى جانب الرئاسة الثالثة بطبيعة الحال، على اعتبار أنّ رئيس مجلس النواب نبيه بري هو أكثر المتحمّسين لإجراء هذا الاستحقاق، فيما يبدو رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب غيرَ ممانع مسايرةً لبرّي في هذا المشروع. وحدها بعبدا تقف حاجزاً، بدليل الكتاب الذي وجّهته إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء ردّاً على كتاب الأخيرة الذي تضمّن موافقة دياب والوزراء المعنيّين على طلب وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال محمد فهمي إجراء انتخابات لملء الشغور في عشرة مقاعد.
المديرية العامة لرئاسة الجمهورية “اختبأت” خلف نقطتين:
– الأولى تقنيّة ترتبط بمدى جهوزية وزارتيْ الداخلية والمال لاحترام الشروط الصحية المتعلّقة بوباء كورونا والتي طالبت وزارة الصحة بتوفيرها، ومنها فحوصات الـPCR والحبر الفردي.
– والثانية ترتبط بالحاصل الانتخابي، إذ اعتبرت رئاسة الجمهورية أنّ “اقتصار عدد المقاعد الشاغرة في إحدى الدوائر على ثلاثة فقط يزيد بشكل كبير احتمال عدم حصول أيٍّ من اللوائح المتنافسة على الحاصل الانتخابي في ضوء عدد المقترعين في هذه الدائرة، واستناداً إلى الانتخابات العامة الأخيرة. وتقتضي هذه المشكلة إيجاد حلّ، وقد تتطلّب تعديلاً لقانون الانتخاب من هذه الناحية، وهو أمر يستدعي استطلاع رأي هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل، وذلك كيلا نقع في محظور عدم إجراء انتخابات فرعية في دائرة معيّنة من دون سواها من الدوائر التي شهدت شغوراً في مقاعدها”.
بلغت الانتخابات النيابية الفرعية حائطاً مسدوداً، من شأنه أن يزيد من حدّة الخلاف بين الرئاسة الأولى والرئاسة الثانية، إلى جانب الرئاسة الثالثة بطبيعة الحال
وعليه طلبت المديرية العامة لرئاسة الجمهورية استكمال الملف باستطلاع رأي كل من وزارة الداخلية، وهيئة التشريع والاستشارات. وأفادت المعلومات أنّ الأمانة العامة لمجلس الوزراء قد راسلت كلّاً من وزارتيْ الداخلية وهيئة التشريع لسؤالهما عن رأيهما.
ماذا يعني هذا التطوّر؟
يجيب مواكبون أنّ وزارة المال مستعجلة ومتحمّسة أكثر من غيرها لإجراء الاستحقاق، وهي مستعدّة لتوفير الاعتماد المالي اللازم لمواكبة الشروط الصحية التي تفرضها وزارة الصحة، وبالتالي لا يشكو هذا الشقّ من أيّ خلل. إلا أنّ المطبّ قد يكون في هيئة التشريع التي قد تقفل الباب أمام الاستحقاق الفرعي، خصوصاً أنّ إعادة الانتخابات، في حال عدم نيل أيّ لائحة الحاصل، هي فرضية تنطبق على الانتخابات النيابية العامة كما الفرعية. فلماذا أصبحت عائقاً اليوم وتحتاج إلى رأي هيئة التشريع غير المختصّة في هذا الأمر، ولم تكن عائقاً قبل ذلك؟
طلبت المديرية العامة لرئاسة الجمهورية استكمال الملف باستطلاع رأي كل من وزارة الداخلية، وهيئة التشريع والاستشارات. وأفادت المعلومات أنّ الأمانة العامة لمجلس الوزراء قد راسلت كلّاً من وزارتيْ الداخلية وهيئة التشريع لسؤالهما عن رأيهما
وفق المصادر، فإنّ هيئة التشريع، المُتّهمة من معارضيها بأنّها تسطّر “فتاوى” غبّ الطلب تتناسب مع سياسة العهد، قد تدعو إلى تعديل قانون الانتخابات تجنّباً للفراغ التشريعي، فتكون في استشارتها أعادت الكرة إلى ملعب مجلس النواب على قاعدة: “التهويل بتعديل قانون الانتخابات”… أو “طيّ صفحة الانتخابات الفرعية”.
إقرأ أيضاً: الانتخابات الفرعية: معارك مسيحية – مسيحية على النار!
لكنّ المطّلعين يعتقدون أنّ رئيس مجلس النواب قد يتلقّف الطابة ليرفع من سقف سلوكه في هذا الملفّ فيضع قانون الانتخابات على طاولة التشريح والتعديل، خصوصاً أنّه يميل الى تعديل القانون الحالي. وقد تكون فرصته للذهاب في هذا الاتجاه أكبر. فيتّخذ من هذا الملفّ ورقة ضغط إضافية من شأنها أن تزيد من حدّة الانقسام الداخلي.
على الهامش، لا بدّ من الإشارة إلى أنّ ملفّ الانتخابات الفرعية، وقبله مسألة ترسيم الحدود، فتحا باب نقاش أساسي حول الموافقات الاستثنائية التي باتت تحكم فترات تصريف الأعمال. ففعلياً، اختصر كلٌّ من رئيس الجمهورية ورئيس حكومة تصريف الأعمال قرار السلطة التنفيذية بأكملها. وبات رئيس الجمهورية، الذي لا يتمتّع بصوت في مجلس الوزراء، “شريك النصف” في كلّ القرارات التي تتّخذ منذ بدء مرحلة تصريف الأعمال.