بعد الاتفاق النووي بين إيران والغرب، وعلى رأسه الولايات المتحدة الأميركية، في عام 2015، بدأت مرحلة جديدة من التوسّع الإيراني في المنطقة.
1- في سوريا: زاد عدد الميليشيات والفصائل التابعة لإيران. وبدأت عمليات تجنيد سوريّين، برواتب تدفع بالدولار الأميركي، أبرزها “لواء الباقر”، المؤلّف من سوريّين.
2- في العراق: بدأت كفّة الإيرانيّين ترجح في “الحشد الشعبي” الذي كان أُسِّس بفتوى “الجهاد الكفائي” الصادرة عن المرجعية العليا في النجف آية الله علي السيستاني، وبمشاركة آل الصدر وعدد كبير من الفصائل. لكنّ الأموال الإيرانية المتدفّقة جعلت الحشد إيرانيّاً يمسك بالقرار العراقي.
3- في اليمن: تغيّرت نوعيّة الأسلحة، ودخلت الصواريخ التي بات يقصف الحوثيّون بها المملكة العربية السعودية، لمسافات تصل إلى أكثر من 500 كيلومتر من الحدود. وباتت المسيّرات تستعمل على نطاق واسع، بدل المسيّرات البدائية والمحدودة الأعداد. وباتت حركة الحوثيّين أوسع من جبهة واحدة.
4- في لبنان: وسّع حزب الله الجبهات التي يقاتل عليها في سوريا، وزاد أعداد المقاتلين، وبدأ العمل الجدّيّ على صناعة ونقل الصواريخ الدقيقة إلى لبنان، منها “الفاتح 110″، الذي أعلن الأمين العام لحزب الله أنّ الحزب بات يمتلك أعداداً كبيرة منه.
بعد الاتفاق النووي بين إيران والغرب، وعلى رأسه الولايات المتحدة الأميركية، في العام 2015، بدأت مرحلة جديدة من التوسّع الإيراني في المنطقة
اليوم، على أبواب العودة إلى الاتفاق النووي الجديد، وبعدما أعلن الإيرانيون أمس الاتفاق على إطار رفع العقوبات عن أفراد وكيانات إيرانية، تلوح في الأفق تلك الصورة التي عانتها المنطقة، عسكرياً وسياسياً، بعد تدفّق المليارات الخضراء إلى طهران قبل ستّ سنوات.
فلا يتوهمنّ أحدٌ أنّ إيران ستستعمل هذه الأموال التي ستحصل عليها من رفع العقوبات، ومن السماح لها مجدّداً بتصدير النفط، ومن تحرير حساباتها في البنوك الغربية، في الإنفاق الاجتماعي وفي تطوير الاقتصاد الداخلي. إذ لطالما كانت الأذرع والميليشيات الإيرانية في المنطقة هي الأولوية الأكثر أهمية والأعلى كعباً في حسابات النظام الإيراني. ولطالما كانت السياسة في خدمة العسكر والميدان، على ما تسرّب عن لسان رأس الديبلوماسية الإيرانية، محمد جواد ظريف، في انتقاده قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، الجنرال قاسم سليماني.
إقرأ أيضاً: لماذا يرفض محافظو إيران وإسرائيل الاتّفاق النوويّ؟
لا غرابة، والحال هذه، أن ترى شعوب المنطقة، من اليمن إلى العراق وسوريا ولبنان وفلسطين، أنّ العودة إلى الاتفاق النووي، وتحرير إيران مالياً واقتصادياً، يعني في ما يعنيه، أنّهم سيعانون مجدّداً، وأكثر فأكثر ممّا عانوا خلال سنوات الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما، من “طحن” عظام القوى السياسية غير الموالية لإيران في المنطقة كلّها.
ربّما سيكون من الصعب إقناع الرئيس الأميركي جو بايدن، المستعجل للعودة إلى الاتفاق، بأنّ الأموال التي ستفرج عنها هذه العودة ستكلّف شعوب المنطقة الكثير من الدماء والدموع، وربّما تعيد إيقاظ منظّمات شبيهة بـ”داعش”، لتبرير الانقضاض الإيراني على ما تبقّى من مدن وحواضر عربية. لكنّ المشهد سيكون مؤلماً.
المزيد من الأموال في جيوب النظام الإيراني، يعني المزيد من الحروب والدماء والدمار.