من يسعى إلى إقصاء الدكتور عبد الرحمن البزري عن رئاسة اللجنة الوطنية لإدارة لقاح كورونا؟ ولماذا استيقظ “العهد” وحلفاؤه فجأة على مسار خطّة التلقيح الوطنية، بعد دخول القطاع الخاصّ على خطّ استيراد عدد من اللقاحات وهل قرّرت قوى الممانعة وضع يدها على اللقاح لمآرب خفيّة؟
أسئلة طرحت نفسها بقوة مع قرار تشكيل “لجنة تنفيذية” لمواكبة الجانب العملي لمسار التلقيح في المراكز المعتمدة، وضمّت كلّ قوى العهد الممانعة عبر المستشارين والمقرّبين: د. بترا خوري رئيسةً، القاضي جورج عطية، د. وليد خوري، د. عيد عازار، د. أمية مشرقية، د. نبيل رزق الله، العميد محمد الشيخ، د. محمد حيدر، د. عاتكة بري، د. رندة حمادة، د. إدمون عبود، د . محمود زلزلي، د. جهاد مكوك، السيدة جيني سعد، السيد علي روماني، السيدة لينا أبو مراد.
رئيس اللجنة الوطنية لإدارة لقاح كورونا الدكتور عبد الرحمن البزري وصف القرار بأنّه “سياسي”، وأشار إلى أنّ السلطة تسعى إلى “تعويم الحكومة عبر اللقاح وإرضائها”، وقال لـ”أساس” إنّ الخطوة “دفعة سياسية لحكومة تصريف الأعمال كجزء من عملية إعادة تفعيل عملها”. وتابع: “يريدون تسييس الملف. هناك من يحاول السيطرة على ملف التلقيح لأنّهم لا يريدون أن يكون مبنياً على أسس علمية، بل “مُلَبنناً” على طريقتهم لوضع القرار بيد فئة معينة بعيداً من الشفافية، فيخضعون التلقيح للاستثناءات الفئوية والسلطوية. لن نقبل بمثل هذه اللجنة التي لا لزوم لها ومن المفترض ألّا تستمر”.
وأعلن البزري رفضه أيّ تعديل لمهمته، مؤكداً تصميمه على المواجهة: “طالما أنّ لجنتنا موجودة فمن حقّها أن تعترض على أيّ خلل أو تجاوزات للتوصيات اللقاحية، وإذا كان هذا الأمر يزعجهم فلديهم خيار حلّ اللجنة التي أرأسها. أمّا تعدد اللجان من دون تنسيق فيسيء إلى الإجراءات المرتبطة بالتلقيح”.
وكشف عن “ضغوط على اللجنة للقيام باستثناءات خارج الأطر العلمية، لكنّ اللجنة لن تستجيب لأيّ تعديل إلا ضمن المصلحة العامة. ويبدو أنّ اللجنة الجديدة قد أُعطيت صلاحيّات تعديل تصل حدّ تعليق قراراتنا الاستشاريّة إذا لم تجدها قابلة للتنفيذ، وهذا أمر غير مقبول بتاتاً بالنسبة لنا”.
وكان البزري قد طلب استفسارات عن هذه اللجنة التنفيذيّة، فقال وزير الصحّة حمد حسن في تصريح إعلامي إنّ “الهدف منها تحقيق المؤازرة الميدانية والعملانية لتوفير التشاركية في العمل مع اللجنة الوطنية، وإنّها ليست استنسابية، بل شُكِّلت بالتشاور مع رئيس الحكومة وترأسها مستشارته بترا خوري. وهذه اللجنة لا تلغي الدور الاستشاري للجنة الوطنية”.
رئيس اللجنة الوطنية لإدارة لقاح كورونا الدكتور عبد الرحمن البزري وصف القرار بأنّه “سياسي”، وأشار إلى أنّ السلطة تسعى إلى “تعويم الحكومة عبر اللقاح وإرضائها”
وأكّد البزري في المقابل: “نحن لن نستقيل وسنبقى لنواجه، وإنّ من لا يريد أن نبقى عليه أن يأخذ القرار بحلّ لجنتنا”. وسأل عن سبب ضمّ عدد من المستشارين إلى هذه اللجنة، وهم مستشار رئيس الجمهوريّة الدكتور وليد خوري، مستشارة رئيس الحكومة الدكتورة بترا خوري، ومستشارا وزير الصحّة الدكتور محمد حيدر والدكتور محمود زلزلي، والدكتور إدمون عبود، والقاضي جورج عطية (التفتيش المركزي)، إضافة الى 3 أو 4 أعضاء من اللجنة الوطنيّة للّقاح. وأضاف: “من الواضح أنّ الذي تغيّر واستُبدل هو رئيس اللجنة فقط. اللجنة التي أرأسها تدفع ثمن اعتراضها على الاستثناءات التي حصلت في الماضي، وأبرزها تلقيح النواب في المجلس النيابي من خارج الخطة الوطنية للتلقيح”.
عراجي: استهداف البزري
من جهته، رأى رئيس لجنة الصحّة النيابيّة النائب عاصم عراجي أنّ القصة هي قصة “قلوب مليانة”، وقال لـ”اساس” إنّ “هناك محاولة كما يبدو لإبعاد الدكتور عبد الرحمن البزري. وإذا تأملنا لائحة أعضاء اللجنة التنفيذية جيداً وكيفية توزيعها على الطوائف نجد أنّ الدكتور جهاد مكوك هو الوحيد من الطائفة السنّية، وهذا يطرح العديد من علامات الاستفهام. من الواضح أنّ هناك أطرافاً سعت إلى إبعاد الدكتور عبد الرحمن البزري ودفعه إلى الاستقالة. ويبدو أنّ القرار طُبِخ في رئاسة مجلس الوزراء، والمسؤولية لا تقع على وزير الصحة وحده لأنّ لائحة أسماء الأعضاء تدور في الفلك نفسه”.
وتابع: “إذا كان لرئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب اعتراضات على عمل الدكتور عبد الرحمن البزري فالأجدر به أن يصارحه بأنّه لا يريد لجنة استشارية، وأن هذه اللجنة قد انتهى دورها”.
برأي عراجي أنّه “في أيّ دولة تحترم نفسها يجب أن يمسك فريقٌ واحدٌ بزمام الأمور ويدير أزمة كوفيد 19، لأن تعدّد المسؤولين سيسمح لهم بتقاذف الاتّهامات عند حصول أيّ تقصير فيما الوباء يرفع من مستوى هجومه حاصداً في طريقه المزيد من الأرواح، ومهدّداً حياة الآلاف. وينطبق على وضعنا في لبنان المثل الشعبيّ الشهير “من هالك لمالك لقبّاض الأرواح”. هكذا هي آلية اتخاذ القرارات المتعلّقة بجائحة كورونا. والأزمة لا تُدار بهذه الطريقة”.
وأكّد البزري في المقابل: “نحن لن نستقيل وسنبقى لنواجه، وإنّ من لا يريد أن نبقى عليه أن يأخذ القرار بحلّ لجنتنا”
واستغرب عراجي توقيت إعلان اللجنة التي تضمّ عدداً من المستشارين، وأسباب إنشائها، قائلاً: “كان الأجدر بهم دمج اللجنة الوطنيّة مع اللجنة التنفيذيّة بدلاً من فصلهما. نحن في لجنة الصحّة النيابيّة أُبلِغنا عرضيّاً من باب “رفع العتب” بإنشاء هذه اللجنة الجديدة، ولم نتبلّغ بأي تفاصيل أو أيّ تفسير لدور هذه اللجنة”.
وجزم عراجي أنّنا سنشهد في الأيام المقبلة تضارباً وحربَ صلاحيّات بين البرنامج الوطنيّ للّقاح وبين اللجنة التنفيذيّة، سائلاً: “إذا أردت مناقشة موضوع كورونا واللقاحات فأيّ لجنة يجب أن أستدعي؟ أصبح لدينا 4 لجان: اللجنة الوطنية للقاح كورونا (اللجنة الاستشارية) ويرأسها الدكتور عبد الرحمن البزري، اللجنة التنفيذية التي ترأسها الدكتورة بترا خوري، ولجنة كورونا، واللجنة الوزارية”.
وختم: “من حقّ مجلس الوزراء إلغاء اللجنة الاستشارية، لكن عندما نشاهد أعضاء اللجنة وعلى رأسهم الدكتورة بترا خوري والدكتور وليد خوري وكلّ المحسوبين على العهد ورئاسة الحكومة، أستطيع القول إنّ الرئيس حسان دياب له يد بالموضوع، ومقتنع جداً بهذا التغيير الذي حصل. وأتمنى على رئيس اللجنة الوطنية للقاح كورونا الدكتور عبد الرحمن البزري الاستمرار بعمله، لأنّ الواجب الوطني يحتّم علينا جميعاً التعاون (التعاون بين وزارة الصحة ولجنة الصحة النيابية ولجنة لقاح كورونا) للحدّ من انتشار الوباء وتداعياته، وإكمال العمل بخطة التلقيح”.
مكّوك:
في المقابل نفى عضو “اللجنة التنفيذية”، ورئيس مصلحة المستشفيات والمستوصفات والمهن الطبية في الوزارة الدكتور جهاد مكوك، كلَّ ما يُطرح من أحاديث وأقوال عن إلغاء وإبعاد الدكتور عبد الرحمن البزري، مؤكداً أنّ اللجنة الوطنية للقاح كورونا ما زالت موجودة على الأرض ولها دورها.
جزم عراجي أنّنا سنشهد في الأيام المقبلة تضارباً وحربَ صلاحيّات بين البرنامج الوطنيّ للّقاح وبين اللجنة التنفيذيّة
وشرح مكوك لـ”أساس” دور هذه اللجنة الجديدة التي ترأسها الدكتورة بترا خوري: “تضم فريق IT، وفريق إدارة المنصة IMPACT، وبعض الخبرات العلمية التي تعمل على معالجة المشاكل الفنية والتقنية التي تحصل على الأرض في مراكز توزيع اللقاحات. واللجنة لا تتّخذ قرارات كتلك التي تتخذها اللجنة الوطنية للقاح، ولا علاقة بينهما”.
وأضاف: “في نهاية المطاف أنا موظف وألتزم قرارات وزير الصحة، وأتّبع التسلسل الاداري”.
إقرأ أيضاً: كورونا – سياسة الإقفال لا تنفع.. عراجي: أغلب الوفيات دون سنّ الستين…
من ناحيته، رئيس الهيئة الصحية “الصحة حقّ وكرامة” الدكتور اسماعيل سكرية اعتبر أنّ “حكومة تصريف الأعمال قرّرت أخيراً رفع سقف المواجهة الفاشلة حتى الآن مع كورونا، من خلال تشكيل لجنة منفوخة العدد لضرورات التمثيل السياسي المعلن منه والمستتر. وفي تدبير يتناقض مع القانون والأنظمة المرعية الإجراء، عُيّن رئيس التفتيش المركزي عضواً إلى جانب موظفين متعاقدين من المفترض به مراقبة أعمالهم”.
وسأل: “هل تفريخ اللجان يوصل إلى أن تنتظم المواجهة وتُضبط حركة اللقاحات استيراداً وتسعيراً وتسويقاً؟”.
وختم: “نحشد لحرب خسرناها منذ بدايتها لأنّنا أدخلناها طريق اللبننة”.