المجالس بالأمانات. ولأنّها كذلك حصلت “أساس” على إذن لنشر مداخلتيْ النائب والوزير السابق الدكتور أحمد فتفت والنائب السابق الدكتور فارس سعيد خلال لقاء مشترك جمع “لقاء سيدة الجبل” و”حركة المبادرة الوطنيّة”، بمشاركة عشرات الشخصيّات السياسيّة والأكاديميّة والإعلاميّة عبر تطبيق Zoom. وجرى في هذا اللقاء مناقشة كلمة الأمين العامّ لحزب الله السيّد حسن نصرالله وتطوّرات الأزمة الحكوميّة.
سعيد: حزب الله لا يثق بأحد
ممّا جاء في مداخلة الدكتور سعيد أنّ “حزب الله يحاول أن ينقل السعدان من على كتفه ويضعه على كتف الفساد وسوء الإدارة والقطاع المصرفيّ ومصرف لبنان والجيش وسعد الحريري. هو يقول إن كلّ شيء ممكن أن يقبل المرء به، لكن حذارِ القول إنّ السبب وراء الأزمة هو سلاح حزب الله أو وصاية إيران أو احتلال إيران”.
وأضاف: “إذا لا سمح الله استُهدِف أحدهم يكون هذا المستهدف قد برّروا استهدافه بالنسبة إليهم مسبقاً أمام جمهورهم”.
وتابع قائلاً: “منذ عام ونصف عام أطلّ السيّد حسن نصرالله وقال إنه إذا انهار لبنان فأنا أدير بيئة مميّزة أضمن لها أمنها وغذاءها ودولاراتها، وهي ستكون بيئة مميّزة خارج إطار الجمهوريّة، وأنتم ستدفعون ثمن انهيار المؤسّسات، لا سيّما المؤسّسات الأمنيّة. فتبيّن أنّ هذا الكلام غير صحيح. اليوم تجري سرقة الزيت من سوبرماركت رمّال. والناس تتقاتل في المتاجر في مناطق نفوذ حزب الله، تماماً كما يحصل عند “الشاركوتييه عون” في طلعة يسوع الملك، أو كما يحصل في أيّ متجر آخر. هذا الكلام، الذي يقول إن بيئةً مميّزةً تعيش بضمانة حزب الله خارج الجمهوريّة اللبنانيّة، غير صحيح واقعياً أنّ في هذه البيئة انشقاقات، وبالتالي ليس من نظام مصلحة يوفّر الضمانات الكافية لأيّة جهة. والوصاية والاحتلال الإيرانيّان للبنان، وتعليق الدستور من قبل السلاح، وانتهاك كلّ أحكام الدستور والأصول التي تنظّم العلاقات اللبنانيّة – اللبنانيّة، كلّها أفقدت لبنان صداقاته العربيّة والخارجيّة وساهمت في انهيار القطاعات الإنتاجيّة والمؤسّسات الدستوريّة”.
وأكّد سعيد أنّ “الفساد والفاسدين هم جزء من هذه المنظومة. ولا يمكن لأحد أن يسرق في وزارة لو لم يوفّر حزب الله غطاءً سياسياً كرشوة تقوم بها كل قوى الاحتلال. الانتداب الفرنسيّ ميّز عائلات وتيّارات سياسيّة في مرحلة من المراحل. وكذلك في زمن وضع اليد السوريّة على البلد. واليوم أيضاً هذه الوصاية وهذا الاحتلال لديهما منظومة. لكنّ هذا لا يعفي الفاسدين كما لا يعفي مصرف لبنان الذي هو شريك أساسيّ لحزب الله”.
ممّا جاء في مداخلة الدكتور سعيد أنّ “حزب الله يحاول أن ينقل السعدان من على كتفه ويضعه على كتف الفساد وسوء الإدارة والقطاع المصرفيّ ومصرف لبنان والجيش وسعد الحريري”
وأضاف: “اليوم الحزب، في آخر إطلالة لنصرالله، يحاول القول: لسنا نحن المسؤولين. اذهبوا إلى مصرف لبنان وإلى الجيش وإلى سعد الحريري. لا تحمّلونا تبعات الانهيار”.
وأكّد سعيد أنّ “استحقاق الحوار الإيرانيّ – الأميركيّ قيد التحضير على مراحل. الانتخابات الإسرائيلية في 23 آذار ونتنياهو يتّكل في نجاحه على لقاحات الكورونا التي يسمّونها في إسرائيلVaccine وإلى جانبها Nation، أي “لقّح أمة”، ثمّ الاستحقاق السوريّ ويليه الاستحقاق الإيرانيّ. لذا من المستبعد أن يبدأ الحوار الجدّيّ قبل هذه الاستحقاقات، لكنّ هذه المرحلة هي لترتيب الأوراق. من المؤكّد أن الروس استثمروا في سوريا وفي صداقتهم وعلاقتهم مع إسرائيل من أجل أن يكونوا على طاولة المفاوضات في الشرق الأوسط الجديد الذي بدأنا نتلمّس معالمه. من الطبيعيّ أن ينظر حزب الله إلى هذه المفاوضات بعين القلق. ويُحتمل أن تسلّم هذه المفاوضات لبنانَ إلى حزب الله. لكنّ احتمالاً آخر يلوح وهو أن تؤدّي هذه المفاوضات إلى إنهاء نفوذ الحزب وسائر الأذرع التي استثمر فيها الإيرانيون. لذا يسعى الحزب إلى الحصول على ضمانات في الداخل. وفي رأيي أنّ حزب الله أكل العصا الغليظة من خلال الرسالة التي أبلغوه إياها في روسيا، وخصوصاً في موضوع الحكومة اللبنانيّة لجهة 18 وزيراً تكنوقراطياً برئاسة سعد الحريري. ونصرالله قال إنه لن يخربط الأمور لكنّه قال أيضاً إنه سيسقطها في الشارع. وحاول من خلال الهوبرة التأثير على الرئيس الحريري وعلى كلّ الإدارة السياسيّة والعسكريّة في البلد. لكن في المنعطف الكبير، لا يمكن أن يكون حزب الله خارج السلطة التنفيذيّة. فسعد الحريري لم يترك شيئاً لم يقم به. وعلى “شوي” كان سيطيّر المحكمة الدوليّة كي يسترضيهم بحجّة أنّنا نريد أن نتفادى اصطداماً سنّيّاً – شيعيّاً. لكنّ الحزب لم يعد يثق بأحد. هؤلاء الحلفاء، سواء في السياسة كانوا أم في المصارف أم في الجيش، لم يعودوا كافين في هذه اللحظة لضمان أمنه في هذه المرحلة الانتقالية. اغتيال لقمان سليم يدلّ على أنّ هؤلاء عندما يحشرون في المرحلة الانتقالية مستعدون لفعل كل شيء. إنّنا ندخل مرحلة حكوميّة ولدى الحريري دعم دوليّ لتشكيل حكومة خالية من الأحزاب”.
فتفت: ورقة لبنان وإيران
وفي مداخلة الدكتور فتفت قال: “أنا منذ 15 عاماً أتابع كلّ خطابات السيّد حسن فأسمعها مباشرة. لم أرَه مرةً متوتّراً كما رأيته آخر مرّة. كان متوتّراً وهجومياً على عدد كبير من الأطراف. كان متوتّراً أكثر ممّا كان في خطاب 6 أيّار 2008، وقال إنّ السلاح يحمي السلاح في 7 أيّار. ومن المؤكّد أنّ لدى الحزب مشكلةً: مشكلة في ما سمعه في موسكو، وفي المفاوضات مع إيران، وفي مَنْ يسلّمها هذه الورقة: هل يسلّمها إلى الفرنسيّين أم إلى الروس أم إلى الأميركيّين. لكنّ الأكيد أن الإيرانيّين إذا أرادوا تسليمها، فهم سيسلّمونها للأميركيّين. لذلك لن يسمحوا بقيام حكومة لبنانية أياً كان شكلها إلا بما ينسجم مع ما يسعون إليه في مفاوضاتهم المقبلة مع الأميركيّين”.
ولفت فتفت النظر إلى أنّ “نصرالله أشار فجأة إلى داعش لأنّ الصحافة العراقيّة بدأت تنشر معلومات تؤكّد أنّ داعش كانت برعاية إيرانيّة، وأنّها صنيعة طهران. فردّ نصرالله بالقول إنّها كانت برعاية الاستخبارات الأميركيّة. وأيضاً هناك جملة صغيرة قالها السيّد حسن سأعيدها: “أصغينا إلى كلام من نثق به ونحترم رأيه”، عندما كان يتكلّم في موضوع الحاكم. هذه أولّ مرّة السيّد حسن يهاجم الرئيس نبيه برّي مباشرة. إذاً الإشكالية وصلت إلى هذا الحدّ. الهجوم الشامل الذي شنّه على كل الأطراف يعبّر عن أزمة وعن غضب. ونحن نعلم أنّ السيّد حسن عندما يكون غاضباً يفجّر غضبه في أيّ مكان. فهو سمّى حاكم مصرف لبنان والجيش وسعد الحريري. معلوماتي المباشرة تقول إنّ سعد الحريري فوجئ جداً بخطاب السيّد حسن. الأمور الآن تعقّدت كثيراً، ولا أعرف إذا كان الحريري سيعيد حساباته نظراً إلى تقاطع المصالح والسلطة والالتزامات الدولية”.
إقرأ أيضاً: أحمد فتفت: الخوف يقتل الجبناء قبل العاصفة
وأكّد فتفت أنّ “الحذر مطلوب كثيراً في هذه المرحلة. ما قام به الحريري حسَّن وضعه قليلاً عند الرأي العامّ السنّيّ، لا سيّما بعد ردّه القاسي على رئيس الجمهوريّة. نحن ذاهبون إلى أزمة طويلة. وقناعتي أنّ ما من مخارج سريعة في الوقت الحالي، ولو وُجدت مخارج سريعة لكان السيّد حسن ترك لنفسه بعض القنوات لم يهاجمها. فهو لم يترك أحداً: البطريرك خُوِّن، برّي تعرّض أيضاً إلى “لطشة” على لسانه، حاكم مصرف لبنان وُضع على لائحة الذبح، قائد الجيش مُلام، البلد كله هُدِّد. هذا نمط قديم عند نصرالله، لكنّه هذه المرّة كان مكشوفاً كثيراً. هل هذا يدلّ على وجود ضغوطات روسيّة وغيرها أوصلته إلى هنا أم التسوية ماشية رغماً عنه؟”.
لفت فتفت النظر إلى أنّ “نصرالله أشار فجأة إلى داعش لأنّ الصحافة العراقيّة بدأت تنشر معلومات تؤكّد أنّ داعش كانت برعاية إيرانيّة، وأنّها صنيعة طهران”
وختم فتفت قائلاً: “أنا أعتقد أنّ عملية تحسين مواقع تجري بانتظار تبلور المفاوضات الإيرانيّة – الأميركيّة. يجب أن يكون لنا صوت عالٍ كي لا نكون ضحيّة تسوية في المنطقة”.