كلام رئاسيّ غير دستوري وعند مخالفة الدستور يبقى السؤال: هل يُحاسَب المسؤول؟
الخطاب المقتضب عبر التاريخ لطالما كان خطاباً مؤثراً وحاسماً ومصيرياً والشواهد على ذلك كثيرة. إلا أنّه مع الرئيس ميشال عون كان الخطاب المقتضب أمس الأول أشبه بـ”زوبعة في فنجان”، كما وصفه المرجع الدستوري والقانوني البروفيسور إبراهيم نجّار، وزير العدل الأسبق، الذي رأى في تصريح خاص بـ”أساس”، أنّ “كلمة رئيس الجمهورية ميشال عون أعادت لنا ذكريات حصلت في العام 1976 في عهد الجنرال عزيز الأحدب، عندما خاطب رئيس الجمهورية حينها سليمان فرنحية ودعاه للاستقالة. كتبت جريدة فرنسية منتشرة، فقالت حينها: الجنرال أحدب عزم رئيس الجمهورية على الاستقالة ورئيس الجمهورية رفض العزيمة”.
وأضاف: “من الناحية القانونية والدستورية، لا تصحّ المحاسبة بحال رفض الرئيس المكلف دعوة الرئيس الجمهورية. وبالتالي أعتقد أنّ هذه الدعوة كانت فقط موجّهة إلى الرأي العام لرفع مسؤولية رئيس الجمهورية عن أزمة ارتفاع سعر الصرف. هذا من الناحية السياسية. أما من الناحية القانونية فرئيس الجمهورية له الحقّ بأن يتوجّه إلى الشعب، وله الحقّ أيضاً أن يتوجّه علناً إلى الرئيس المكلّف. لكن هذا كلياً يخرج عن الأعراف الدستورية، وهو أقرب إلى المسرحية الإعلامية منها إلى العمل الدستوري القانوني، لأنّ الرئيس المكلّف هو مكلّف من قبل مجلس النوّاب وتكليفه مُلزم لرئيس الجمهورية. لا يوجد في القانون مهلة تُلزم الرئيس المكلّف بتأليف الحكومة، تماماً كما لا يوجد مهلة دستورية تفرض على رئيس الجمهورية أن يُوقّع مرسوم تشكيل الحكومة”.
نجّار: من الناحية القانونية والدستورية، لا تصحّ المحاسبة بحال رفض الرئيس المكلف دعوة الرئيس الجمهورية. وبالتالي أعتقد أنّ هذه الدعوة كانت فقط موجّهة إلى الرأي العام لرفع مسؤولية رئيس الجمهورية عن أزمة ارتفاع سعر الصرف
واعتبر نجّار أنّه من الناحية القانونية والدستورية ما حصل هو مجرّد “زوبعة في فنجان” ولن ينتج عنها أيّ شيء. وتوجُّه الرئيس المكلّف سعد الحريري إلى قصر بعبدا لن يغيّر الأمور، فالرئيس الحريري سيبقى على موقفه ولن يُعدّل شيئاً بالدستور.
وتوقّف نجّار عند موقف لافت هو بمثابة اتهام سياسي خطير للرئيس المكلّف سعد الحريري: “رئيس الجمهورية اتّهم الحريري بأنّ التشكيلة المقترحة هي غير ميثاقية وغير قانونية ولا دستورية، ولم تأخذ بالاعتبار مقتضيات التمثيل الصحيح في لبنان. هذا الاتهام لا أثر له أيضاً لأنّ الجهة التي يحقّ لها محاسبة الرئيس المكلّف سعد الحريري هي فقط مجلس النواب”.
إقرأ أيضاً: حسان الرفاعي لـ”أساس”: ردّ عون على الحريري إعلان “النظام الرئاسي”
من جهته، الخبير الدستوري المحامي حسّان الرفاعي رأى أنّ مسلك الرئيس في خطابه غير دستوري، بل شعبوي إعلامي، وقال لـ”أساس”: “من المؤكد أنه لا يحقّ لرئيس الجمهورية من الناحية الدستورية دعوة الرئيس المكلّف سعد الحريري إلى تشكيل حكومة وفقاً لشروطه، أو تخييره بين التشكيل أو الاعتذار، أو الردّ على تشكيلة الرئيس سعد الحريري الأولى عبر التلفزيون، علماً أن الرّد جاء من الرئيس الحريري بالوتيرة نفسها”.
وأضاف: “يُحتمل أن تكون دعوة الرئيس عون عبر شاشات التلفزيون للحريري إلى الاعتذار أو التأليف “مقصودة” من أجل استقطاب شعبوي. فكل طرف يشدّ الحبل صوب فريقه. ومن المؤكد أيضاً أنّه ليس بهذه الطريقة يُخاطَب رئيس الحكومة”.