بعد تعليق عدد من الدول، من بينها النمسا والدنمارك وآيسلندا، استخدام لقاح “أسترازينيكا”، يترقب لبنان وصول 92 ألف جرعة يوم الاثنين المقبل، وسط تقارير عن جلطات دموية لدى بعض الذين حصلوا عليه. هذا الأمر قد يزيد الأمور تعقيدًا في لبنان، ويزيد التردد في تلقّي اللقاح، وبالتالي التأخّر أكثر في عملية التلقيح وفي الحصول على مناعة مجتمعيّة.
في المقابل، قرّرت كندا والمكسيك والفلبين، استكمال عملية التطعيم بلقاح “أسترازينيكا”، معتبرين أنّ فوائد اللقاح تفوق مخاطره. مع الإشارة إلى أنّ منظمة الصحة العالمية قالت أنه لا مبرر لوقف استخدام لقاح “أسترازينيكا”.
بانتظار حقيقة ما حصل في الدول الأوروبية، هل سيؤثر ذلك على تراجع القطاع الخاص عن استيراد لقاح “أسترازينيكا” بعدما تمّ السماح باستيراده؟ وما هو مصير هذا اللقاح الذي سيصل إلينا قريبًا في حال ثبُتت حقيقة المخاوف منه؟
رئيس اللجنة الوطنية لقاح كورونا الدكتور عبد الرحمن البزري، طمأن اللبنانيين إلى أنه لن يتم استخدام أيّ لقاح ما لم يتم التأكّد من سلامته.
البزري وفي حديث لـ”أساس”، أشار إلى أنّ هذه المعطيات قيد المتابعة والرصد من قبل اللجنة مع الشركة، ووكالة الدواء الدولية، ووكالات الأخبار، لرصد تصرّفات الدول الأوروبية حياله. وإذا تأكد ارتباط “أسترازينيكا” بأيّ حوادث دموية، سيُبنى على الشيء مقتضاه، وقد نصل إلى حدّ عدم استخدامه. اللجنة تتابع التقارير الصادرة عن تلك البلدان، وتنتظر صدور تقارير عالمية موثوقة، كي يتم تقييم اللقاح قبل البدء باستخدامه”.
ولفت إلى أنّ “مصادر تصنيع اللقاح التي ستصل إلى لبنان، مختلفة عن تلك الموجودة في أوروبا”. ويذكّر البزري بحصول أمر مشابه مع لقاح “فايزر”، في بداية حملات التلقيح في فنلندا، لتعود وتنفي الأخيرة أيّ ارتباط بين حالات الوفاة وبين اللقاح.
رئيس اللجنة الوطنية لقاح كورونا الدكتور عبد الرحمن البزري، طمأن اللبنانيين إلى أنه لن يتم استخدام أيّ لقاح ما لم يتم التأكّد من سلامته
نقيب الأطباء شرف أبو شرف أشار لـ”أساس” إلى أنّ “الدنمارك رجّحت ألّا يكون للجلطات علاقة باللقاح، لكنهم يريدون أسبوعًا لتحديد الأمر”. ولفت إلى أنّ “لبنان سيشهد استيراد اللّقاحين الصيني والروسي، كما علمتُ من وزير الصحة?، ومع الأعداد الكبيرة التي تأتي من “فايزر”، سنعبر المرحلتين الأولى والثانية”.
وتابع: “يبدو أنّنا على طريق الحلحلة، لكن هذا لا يعني أنّ الوباء انتهى. فنحن في مرحلة الخطر حتّى الآن، واللقاحات لا تزال قليلة نسبة إلى عدد المواطنين، وهناك خلل في عملية توزيعها”.
وختم أبو شرف مؤكّدًا أنّ “الاجراءات الوقائية ضرورية، لأنّ بعض المواطنين لا يأخذون الأمور بجدّية، ما يؤدي إلى كوارث نحن في غنًى عنها، في وقت لا يمكننا استيعاب أعداد الإصابات إذا ارتفعت بكثرة، فالمستشفيات مليئة”.
من جهة أخرى، فإنّ مدير مستشفى رفيق الحريري فراس الأبيض في تغريدة على “تويتر”، لفت إلى أهمية التحقيقات الجارية الآن: “حتّى الآن تلقّى ملايين الأشخاص لقاح “أسترازينيكا”، ولم يبلّغ عن عوارض جانبية خطيرة، كما أنّ جلطات الدم لم تدرج من قبل كأعراض جانبية لهذا اللقاح. ومع ذلك، فمن الأفضل توخّي الحذر، على أمل أن يجيب التحقيق الجاري على التساؤلات ويساعد على إزالة أيّ مخاوف بسرعة”.
نحن في مرحلة الخطر حتّى الآن، واللقاحات لا تزال قليلة نسبة إلى عدد المواطنين، وهناك خلل في عملية توزيعها
وأشار الأبيض إلى مشكلة قد تواجهنا في لبنان: “قد يؤدي تعليق استخدام لقاح “أسترازينيكا” من قبل بعض الدول الأوروبية، إلى زيادة التردّد في تلقّي اللقاح. ومع ذلك، فإنّ القرار يُظهر التزامًا بسلامة المرضى، ويعكس المراقبة الدقيقة من قبل السلطات الصحيّة، والشفافية العلمية اللذين يرافقان عملية توزيع اللقاح. لا بد أن يكون هذا مطمئنًا”.
* تعليق وكالة الأدوية الأوروبية:
أعلنت وكالة الأدوية الأوروبية، التي أطلقت تحقيقًا حول “أسترازينيكا”، أنّ “المعلومات المتوافرة حتى الآن، تشير إلى أنّ عدد حوادث الانسداد التجلّطي لدى الذين تلقّوا اللقاح، ليست أعلى ممّا يسجّل لدى عامة الناس. ولا يوجد في الوقت الحاضر ما يشير إلى أنّ التطعيم كانت له هذه العواقب التي لا تندرج ضمن الآثار الجانبية المذكورة لهذا اللقاح.
وأضافت أنّها بصدد “إجراء تحقيق في حوادث انسداد تجلّطي سُجّلت في ترابط زمني مع اللقاح” بعد تقارير عن حالات في النمسا والدنمارك ودول أخرى. وستُعلن عن المستجدات في أقرب وقت. أما موقف لجنة السلامة في الوكالة، فهو أنّ فوائد اللقاح ما تزال أعلى من مخاطره، ويمكن الاستمرار في إعطائه، فيما يجري التحقيق في حالات الجلطات“.
إقرأ أيضاً: لقاح كورونا لا يحميك فورًا من الإصابة.. ولا من نقل العدوى
ردّ “أسترازينيكا”:
قالت شركة الأدوية “أسترازينيكا”، إنّ سلامة المرضى هي “الأولوية القصوى”، مؤكدة في بيان لها، أنّه “تمت دراسة سلامة اللقاح على نطاق واسع في المرحلة الثالثة من التجارب السريرية، وتؤكد البيانات التي راجعها النظراء أنّ اللقاح جيد بشكل عام”.