لم يهدأ هدير الطائرات المروحية يومي السبت والأحد في محيط منطقة عوكر. وتقول المعلومات إنّ طائرات الرصد والاستطلاع الأميركية لم تتوقف عن تمشيط الشاطىء اللبناني في ساعات “الويك أند” الـ48. بدا كأنّ هناك شيئًا خطيرًا يجري، مناقلات أو إخلاء موظفي السفارة، أو وصول معدّات أو شخصيات استثئنائية.
الطائرات المروحيّة التي كانت “تُمشّط” الشّريط السّاحلي قبيل وصول الجنرال الأميركي إلى الأراضي اللبنانيّة وخلال زيارته لم تكن وحيدةً على الإطلاق. فمنذ عصر السّبت، كانت طائرات الاستطلاع البحري التّابعة للبحريّة الأميركية من طراز Boeing P-8A Poseidon تُحلّق قبالة السّاحل اللبناني بطريقة متواصلة على طريقة التسلّم والتسليم، أي لا تغيب واحدة حتّى تطلّ الأخرى، وكان “الفيلق” يضمّ 9 طائرات حين وصل ماكينزي إلى الأراضي اللبنانيّة.
مهمّة الطائرات الأميركيّة لا تحتاج إلى تحليل. إذ كان واضحًا أنّ عملها هو لمواكبة وصول قائد المنطقة الوسطى، التي ضمّ الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب “إسرائيل” إلى نطاق مهامّه قبيل انتهاء ولايته.
الاستعراض العسكري + الجوّي الأمني الأميركي الذي واكب الزيارة، كان لافتًا أيضًا في حركة طائرات البحريّة الأميركيّة التي حلّقت بشكلٍ غير مسبوق قبالة سواحل الجنوب اللبناني، معقل حزب الله الذي تُصنّفه واشنطن كمنظمة إرهابية وكـ”دُرّة التاجّ الإيراني” في المنطقة. واختتمت حفلة الطائرات بأن حطّ ماكينزي ومعه السّفيرة الأميركيّة دوروثي شاي رحالهما على متن طوافّة عسكريّة يواكبها عددٌ من نظيراتها في بلدة غزّة بالبقاع الغربيّ، وهي القرية التي تقع على “الحدود الإداريّة” الفاصلة بين الجنوب والبقاع، معقليّ حزب الله، وذلك لتفقّد “بئر ماء” مُموّل أميركيًّا.
منذ عصر السّبت، كانت طائرات الاستطلاع البحري التّابعة للبحريّة الأميركية من طراز Boeing P-8A Poseidon تُحلّق قبالة السّاحل اللبناني بطريقة متواصلة على طريقة التسلّم والتسليم
زيارة ماكينزي وشاي إلى البقاع الغربي، لاقت انتقادًا فوريًّا من حزب الله. إذ سارع موقع “العهد” التابع للعلاقات الإعلاميّة في الحزب لينشر مقالًا على نسخته الإنكليزيّة، يصف الزّيارة بأنّها “خرق فاضح للسّيادة اللبنانيّة”. ما كشف انزعاجًا غير عاديّ من الحزب.
ولدى ذكر “قيادة المنطقة الوسطى” لا بدّ من الإشارة إلى المناورة الجويّة التي قامت بها الولايات المُتحدّة بين إسرائيل وعدد من الدّول العربيّة قبل أيّام، وشاركت فيها قاذفات من طراز B52 الاستراتيجيّة القادرة على حمل قنابل نوويّة.
الجنرال الذي زار قصر بعبدا العام الماضي، كان لافتًا جدًّا عدم إدراجه القصر الجمهوري على جدول لقاءاته. بل إنّ ماكينزي أبقى جولته ولقاءاته في الإطار العسكريّ فقط، من بينها لقاءٌ جمعه إلى قائد الجيش العماد جوزيف عون. والأخير كان قبل أيّامٍ قليلة قد أطلق نداءه الشهير إلى الطبقة السّياسيّة، وتحدّث عن مكامن الخلل في موازنة المؤسسة العسكريّة.
إقرأ أيضاً: شينكر – ماكينزي للحزب: ترسيم الحدود أو “اليونيفيل” شرقاً
مصادر دبلوماسيّة أميركيّة أكّدت لـ”أساس” أنّ لقاء “الجنرالين” عون وماكينزي شهدَ تأكيدًا على ضرورة تطوير التنسيق والعمل بين الجيشين. إذ أكّد القائد العسكريّ الأميركي الأرفع في المنطقة للعماد عون أنّ المساعدات الأميركيّة للجيش اللبناني مُستمرّة على عكس ما يتم تداوله في بعض وسائل الإعلام عن نيّة الولايات المتحدة إيقافها.
وأكّدت المصادر أنّ وثيقة “الدّليل الاستراتيجي الموقّت للأمن القومي الأميركي”، التي قيل إنّها تحمل خبر وقف المساعدات للجيش اللبناني، لم يُذكَر اسم لبنان فيها أصلًا، وعليه فإنّ كلّ ما يُساق عن علاقة الجيشين اللبناني والأميركي هو من “نسج الخيال” ولا صحّة له.
هكذا استعرض الجيش الأميركي طائراته فوق لبنان، وفضّل القائد الأميركي أن يزور بئر ماء، بدل أن يزور رئيس الجمهورية.
وهذا ليس تفصيلًا.