“موظّفو وزارة الدفاع ليسوا مخوّلين مدّ يد المساعدة إلى شركة خاصة تسعى لاستغلال موارد نفطية في سوريا، ولا إلى موظفي هذه الشركة أو إلى وكلائها”. بهذه الكلمات القليلة من البنتاغون، وقعت الصّدمة الأولى من إدارة الرئيس جو بايدن على “حلفاء” واشنطن (“قوّات سوريا الديمقراطيّة”) في شمال شرق سوريا.
إعلان البنتاغون هذا، يوضِح أنّ إدارة بايدن بدأت تعديل الأهداف التي كانت قد حددتها إدارة الرئيس السّابق دونالد ترامب بشأن وجود القوات الأميركيّة في منطقة شرق الفُرات. إذ حوّلت إدارة بايدن الهدف من حماية آبار النّفط التي تُسيطر عليها القوّات الكرديّة، إلى الهدف الأساسي الذي كان قائمًا أيّام أوباما: محاربة تنظيم داعش.
وفي هذا الإطار، علم “أساس”، أنّ وفدًا من “قوّات سوريا الدّيمقراطيّة” زار العاصمة السوريّة دمشق بعد هذا التصريح، والتقى نائب الرئيس السّوري للشؤون الأمنيّة اللواء علي المملوك، وبحث معه في إمكان انضمام القوّات الكرديّة إلى الجيش السّوري تحت مُسمّى “الفيلق السّادس”، وتحت إشرافٍ روسيّ. وأفادت المعلومات الخاصّة، أنّ الوفد الكُرديّ عرض على المملوك تنازلًا عن عنوان “الفيدراليّة الكُرديّة”، إذ تركّز الحديث حول عنوان “منطقة إدارة محليّة”.
كشفت مصادر خاصّة وشديدة الإطلاع لموقع “أساس”، أنّ الجانبين الأميركي والرّوسي بدآ بشكلٍ جديّ مُحادثات تتركّز حولَ مُستقبل سوريا، في ظلّ الوضع الاقتصادي المُتردّي الذي تشهده المناطق التي يسيطر عليها النّظام السّوري
وكشفت مصادر خاصّة وشديدة الإطلاع لموقع “أساس”، أنّ الجانبين الأميركي والرّوسي بدآ بشكلٍ جديّ مُحادثات تتركّز حولَ مُستقبل سوريا، في ظلّ الوضع الاقتصادي المُتردّي الذي تشهده المناطق التي يسيطر عليها النّظام السّوري، بسبب العقوبات التي تفرضها الولايات المُتحدة عليه. إذ تربط إدارة بايدن الانسحاب من سوريا في وقت لاحق، بضمان حلولٍ “واقعيّة” بالتنسيق مع موسكو.
وعن مُستقبل سوريا، أشارت المعلومات إلى أنّ اسم نجل وزير الدّفاع السّابق العميد مُناف مصطفى طلاس، حضر بشكلٍ جِدّي إلى “طاولة المحادثات”، كشخصيّة مقبولة من واشنطن وموسكو لإدارة سوريا في فترة انتقاليّة عبر مجلس عسكريّ. إذ تعتبر موسكو وواشنطن أنّ طلاس شخصيّة سُنيّة لا تُقلِق الشّارع العلويّ، وفي الوقت عينه لم يشارك في النّزاع الذي شهدته البلاد طوال السّنوات الـ10 الماضية.
وذكرت المصادر أنّ حسم أمر تسمية طلاس لإدراة مجلس عسكريّ انتقالي، يعود إلى موسكو التي لا تزال تتمسّك ببقاء بشّار الأسد (أقلّه في الظّاهر). وتنتظر واشنطن من موسكو موقفًا من الكرملين يتعلّق بالانتخابات الرّئاسيّة المُقبلة، لِلَمس مدى الجِديّة الرّوسيّة في هذه المباحثات، والتي قد تكون مُجرّد محاولة لـ”تقطيع للوقت”، بانتظار إجراء الانتخابات الرئاسيّة المحسومة سلفًا لمصلحة الأسد “إذا لم يتم تأجيلها”، ووضع المُجتمع الدّولي أمام أمرٍ واقع لفترة رئاسيّة جديدة.
يُذكر أنّ طلاس كان أحد أبرز ضُبّاط الحرس الجمهوري، وصديق شخصيّ لبشار الأسد، قبل أن ينشقّ عنه وينتقل إلى العاصمة الفرنسية باريس عام 2012. وهو نجل العماد أوّل مصطفى طلاس وزير الدفاع السوري السّابق، والصديق الشخصي للرئيس الراحل حافظ الأسد. واعتُبِر انشقاق طلاس أقوى ضربة تلقّاها النظام السوري ضمن موجة الانشقاقات التي عاناها منذ اندلاع الثّورة السّورية.
وكانت موسكو والأسد قد حاولا في السّابق “جسّ نبض” المُجتمع الدّولي بطرح اسم “أسماء”، زوجة الأسد، للرئاسة. إلّا أنّ هذه المحاولة لم تلقَ صدًى إيجابيًّا، بعدما ردّت الولايات المُتحدة بشكلٍ فوريّ على هذه الخطوة، بإدراج أسماء وآل الأخرس على لوائح عقوبات “قيصر”.
إقرأ أيضاً: 11 توصية لإدارة بايدن في سوريا: كبح جماح أردوغان والتدمير الكامل لقوّة الأسد الجويّة
وكشفت المصادر أنّ الملف الأوكراني كان حاضرًا بقوّة هو الآخر، كملفّ مقابل لملفّ سوريا. ما يعني ضمان روسيا مصالحها في أوكرانيا والانسحاب منها مقابل إدارة الأمور في سوريا. وقد عبّر عن هذه “المُقايضة” كلام الرئيس الرّوسي فلاديمير بوتين يوم السّبت الماضي، بقوله: “روسيا لن تتخلّى عن دعم أهالي منطقة دونباس في جنوب شرقي أوكرانيا. لكن، قبل اتخاذ أيّ قرار، من الضروري التفكير في عواقب هذه الخطوة أو تلك”.