التزمت طرابلس أمس بالإقفال التام. خلافاً لما توقّعه أمس رئيس بلديتها. رياض يمق هو الذي توقّع بأن لا تلتزم الأحياء الشعبية في عاصمة الشمال بنسبة تزيد عن 50 %، مقابل 100 % في الأحياء غير الشعبية.
والبيانات التي انتشرت أمس وقبله على مواقع التواصل، مذيّلةً بتواقيع “أهالي” الحيّ الفلاني أو المنطقة الفلانية، بقيت “حبراً على إنترنت”.
الفضول دفعني إلى استخدام “صلاحيات” بطاقتي الصحافي، لأقوم بجولة ميدانية في أنحاء المدينة، من القبّة وصولاً إلى أبو سمراء، ومنها إلى باب الرمل، والطينال، وساحة النور، والأسواق… وكانت الجولة مدهشة: إلتزام تام. لا أحد في الشوارع. لم أجد مشاهد الخلافات بين الشبّان والرجال الخارجين إلى أعمالهم، وبين القوى الأمنية أو عناصر البلدية. الشوارع فارغة إلا من السيول والأمطار التي أعادت الاعتبار إلى شهر كانون الثاني.
المفارقة الأخرى أنّه طوال الجولة التي امتدت أكثر من ساعة، لم أصادف أيّ حاجز أمنيّ.
في القبة، الهدوء شبه تام. حركة السيارات شبه معدومة وجميع المحال مقفلة باستثناء تلك التي تُعنى بالطعام والغذاء. توقّفتُ عند إحدى المحال لأشتري غرضاً، فكان لافتاً أن وضع حاجزاً على الباب يمنع دخول أيّ زبون – خلافاً للعادة – وفي الداخل هناك موظف واحد يرتدي الكمامة ويسلّم الطلبات للزبون من وراء الحاجز.
البيانات التي انتشرت أمس وقبله على مواقع التواصل، مذيّلةً بتواقيع “أهالي” الحيّ الفلاني أو المنطقة الفلانية، بقيت “حبراً على إنترنت”
المقاهي الصغيرة في القبة مغلقة أيضاً، وهي التي عدد كبير منها كان يفتح “من الباب الخلفي” في الإقفالات السابقة. وغابت التجمعات الشبابية التي كانت تُرصد في كلّ “إقفال”.
الطريق من القبة إلى أبو سمرا كان سلساً. زحمة السير المعتادة اختفت. الطريق شبه فارغ. أما شوارع أبو سمرا فشبه مهجورة. نادرة هي المحال التي شرعت أبوابها لبيع المواد الغذائية، لكن من دون وجود زبائن.
الصورة نفسها في باب الرمل، ومحيط مسجد الطينال. وتزيد حركة السيارات قليلاً عندما نقترب من ساحة النور كونها نقطة تقاطع مناطق عدّة. لكنّ عدد السيارات لا يزيد عن سبع. معظمها آليات عسكرية أو سيارات يقودها ضباط يرتدون البزّات. أما الباقي فربما كان مخالفاً أو حظي باستثناء ما.
من هناك إلى الأسواق. الأسواق الداخلية مهجورة تماماً. لا حركة فيها ولا حياة. من سوق البازركان إلى سوق الذهب وصولاً إلى سوق العريض. أما سوق الخضار الذي يقع إلى جانب نهر أبو علي فالحركة “يتيمة”: 3 أو 4 بسطات تبيع ما تيّسر من الخضَر والفواكه، في غياب شبه تام للزبائن.
الطريق من القبة إلى أبو سمرا كان سلساً. زحمة السير المعتادة اختفت. الطريق شبه فارغ. أما شوارع أبو سمرا فشبه مهجورة. نادرة هي المحال التي شرعت أبوابها لبيع المواد الغذائية، لكن من دون وجود زبائن
صورة طرابلس الملتزمة بالإقفال، وثّقها ناشطون بصور انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي منذ الصباح الباكر. ولاحقاً في المساء، أشادت مديرية قوى الأمن الداخلي عبر حسابها على “تويتر” بالتزام أهالي هذه المدينة.
الالتزام كان واضحاً في طرابلس وصور كباقي المناطق اللبنانية. في نهاية المطاف يبقى وعي المواطنين ومسؤليتهم هو العامل الجوهري لتخطي هذه المحنة والحفاظ على سلامتهم وسلامة مَن يُحبون. #التزامك_أمانك #قوى_الامن pic.twitter.com/Nu4UBSdhWA
— قوى الامن الداخلي (@LebISF) January 14, 2021
في المقابل انتشر فيديو لسوق خضار فتح أبوابه للزبائن وقيل إنّه في برج البراجنة بضاحية بيروت الجنوبية.
انتهت الجولة، وعدتُ إلى منزلي. وفي الطريق كنت أنظرُ إلى شارعنا الذي عادة ما يكون مزدحماً بالسيارات والأطفال وأصواتهم. اليوم كان شديد الهدوء.
إقرأ أيضاً: رحلة مع فراس الأبيض في مستشفى الحريري: اللقاح لن يتأخر
اليوم الأوّل ليسس مقياساً… فهل ستكمل طرابلس التزامها في الأيام المقبلة؟ وهل سينتصر الوعي على الحاجة، في دولة مستقيلة من إعانة فقرائها الذين ينتجون قوت يومها، يوماً بيوم؟
سؤال نجيب عنه في الجولة الثانية.