يرسم “حزب الله” حدوداً لمقاربته ملفّ تأليف الحكومة، ويقف عند عتبة انعدام الثقة الواقعة بين القوى المعنية، والمقصود بها بشكل خاصّ رئاسة الجمهورية ومعها رئيس “التيار الوطني الحرّ” جبران باسيل، وفي الجانب المقابل رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري. للمرّة الثانية على التوالي يعيد الأمين العام لـ”حزب الله” التأكيد على أنّ هذه العلّة هي التي تحول دون ولادة الحكومة، مقللاً من الاعتبارات الخارجية التي تُسند إلى الحريري أنّه يخشى من الجلوس إلى طاولة واحدة تضمّه و”حزب الله”، فيُبقي ورقة التكليف في جيبه من دون أن يبذل جهداً كافياً ومُقنعاً للتأليف.
اختصرها نصر الله بعبارة “معقّدة” في إشارته إلى مشاورات التأليف، وذلك بعد 14 جلسة متتالية بين عون والحريري، لم تفضِ إلى الآن إلى تجاوز مرحلة الجفاء والتوتر بين الأخير وباسيل، التي سادت حكومة رئيس “تيار المستقبل” الأخيرة قبل استقالته على وقع ضربات الشارع.
ويبدو أنّ الحريري يحاول تكبير حجر شروطه ومطالبه لكي يتجنّب تكرار مشهدية “الغلبة” في النفوذ التي كانت سائدة والتي كانت تسمح لرئيس “التيار الوطني الحرّ” بالتحكّم بحكومته حين يكون الانسجام جامعاً بينهما، وتعطيلها حين يُبعد الخلاف بينهما. وفق أكثر من مقرّب من رئيس الحكومة المكلّف، فإنّ استراتيجيته تعتمد على تحسين شروطه التفاوضية لكي لا يقع مجدداً في مستنقع تحكّم جبران باسيل بدفّة الحكومة، خصوصاً اذا قدّر لها أن تملأ الشغور الرئاسي وتصير “حكومة الرؤساء”، ويصير حامل الثلث المعطّل فيها قابضاً على مسارها ومصيرها!
للمرّة الثانية على التوالي يعيد الأمين العام لـ”حزب الله” التأكيد على أنّ هذه العلّة هي التي تحول دون ولادة الحكومة، مقللاً من الاعتبارات الخارجية التي تُسند إلى الحريري أنّه يخشى من الجلوس إلى طاولة واحدة تضمّه و”حزب الله”
حتّى الآن، لم يضِف نصر الله أيّ جديد على توصيف المشهدية الحكومية. الجديد أنّه لم يعفِ أيّ طرف داخلي من المسؤولية. قال حرفياً: “لا يجوز تحميلها لفريق واحد، هناك قوى عدّة لديها حسابات ومخاوف ومطالب. هناك أزمة ثقة وليس أزمة وزير”.
ما يعني أنّه لم يضع كل اللوم على رئيس الحكومة المكلّف، أقلّه كما يرغب حليفه العوني، وإن غلّف هذا التساوي في توزيع المسؤوليات، بعنوان انعدام الثقة. لكنّه بالنتيجة، تعاطى مع الفريق العوني كما الفريق “المستقبلي” بالمسافة ذاتها، ما يثبت أنّ مطالب الطرفين فيها شيء من الترف السياسي غير المتناسب مع ظروف المرحلة الخطيرة.
ومع ذلك، من الصعب تجاوز سؤال جوهري: لماذا يحمّل “حزب الله” حلفائه كما الآخرين مسؤولية متساوية في التعطيل؟ ألا يمون على الفريق العوني لإقناعه بتسهيل ولادة الحكومة؟
حتّى الآن، لم يضِف نصر الله أيّ جديد على توصيف المشهدية الحكومية. الجديد أنّه لم يعفِ أيّ طرف داخلي من المسؤولية. قال حرفياً: “لا يجوز تحميلها لفريق واحد، هناك قوى عدّة لديها حسابات ومخاوف ومطالب. هناك أزمة ثقة وليس أزمة وزير
وفق المطّلعين على هذا المسار، سبق لمسؤولين فرنسيين أن طلبوا من قياديين في “حزب الله” إقناع كلّ من رئيس الجمهورية ورئيس “التيار الوطني” بأن يخفّفا من حدّة الخلافات مع رئيس الحكومة المكلّف للإسراع في ولادة الحكومة. وقد نُقلت الرسالة عبر أكثر من صديق. لكنّ اعتبارات عون وباسيل مختلفة عن اعتبارات “حزب الله” الذي يحرص على عدم الوقوع في فخّ الاشتباك مع الفريق العوني لكثير من الأسباب، ويفضّل اعتماد لغة النصائح لا لغة الضغط التي ستزيد من حدّة الخلافات بينهما، المتزايدة أصلاً.
إقرأ أيضاً: “السيّد” ليس وحيداً: من يتّخذ القرارات في الحزب؟
وأكثر ما توقف عنده المعنيون، هي “النصيحة” التي وجهها نصر الله إلى “منتظري” الاتفاق الأميركي- الإيراني، حين قال إنّ “فريقاً في لبنان ينتظر نتيجة المفاوضات الأميركية ــــ الإيرانية”، فكانت دعوة نصر الله: “لا ينتظر أحد المفاوضات، لأنّه كمن ينتظر شيئاً من دون أفق”. ويشير المعنيّون إلى أنّ هذه “النصحية” مخصصة لرئيس “التيار الوطني الحر” تحديداً، الذي سبق أن أعلن في أكثر من اطلالة له، أنّ الاتفاق الأميركي – الإيراني “على الطريق”.
وفق المعنيين، يحاول “حزب الله” إقناع حليفه بعدم الرهان على الوقت لأنّه ليس من مصلحته كون الوضع الداخلي إلى تدهور دراماتيكي قد لا ينتظر نتائج المفاوضات العابرة للاصطفاف الدولي، ولا بدّ من تقديم خطوات إلى الأمام للاستفادة من “الوقت الضائع”، وللتعجيل في المسار الحكوميّ.