لم يبارح عبد الرحيم مراد مكانين مطلقاً. الأوّل ناصريته، حتّى وإن بقي الناصري الوحيد في العالم، والثاني سوريته، وإن بات الشعب السوري مهجّراً خارج بلاده.
“أبو حسين” هو اللقب المحبّب إلى قلبه والذي يتقدّم على كل الألقاب مهما كبرت أو صغرت.
تتفق مع “أبو حسين” على كلّ شيء إلا نقطة واحدة وهي الموقف من نظام بشار الأسد. فابن “غزّة” لا يمكنه الخروج من تلك العباءة بل جلّ ما يحاوله أن يتقبّل الآخرون موقفه وأن يتعاملوا معه بعيداً عن هذا التموضع على قاعدة “ربط النزاع” أو على الأقل وفقاً لقاعدة “لكم دينكم ولي دين”.
أسرة “أساس” زارت “أبو حسين” في منزله ببيروت محاورة إياه حول كل شيء، بدءًا من الكلام حول المصالحة مع الرئيس سعد الحريري وانتهاءً بالقضايا العربية وعلاقته بالنظام السوري. فكان لكثير من الأسئلة مبتسماً ولبعضها غاضباً لكن في الحالتين كان كما يعرفه الجميع محباً ودوداً تلمع عينيه لأمرين، الأوّل عند الحديث عن نجله حسن. والثاني عندما يدور الكلام عن دار الحنان (مؤسسة مخصّصة للأيتام).
كيف الجو مع سعد الحريري، وما حقيقة المساعي الحاصلة لإنجاز مصالحة بينكما؟
نعم سعينا أكثر من مرّة مع الرئيس الحريري لمصالحة بيننا، لكن للأسف الدائرة فالمحيطة بالرئيس الحريري لم تكن ترتاح لعودة هذه العلاقة.
وفي آخر لقاء، جمعني به حاولنا جاهدين نسج علاقات تقوم على ما يجمعنا سوياً واتفقنا على أن نبدأ بالتعاون في الانتخابات البلدية على أن نترك الأمر لتشكيل اللوائح بالتوافق بين أبناء القرى ، إلا أنّ فريق عمل الرئيس الحريري لم يترجم هذا الاتفاق بل عمل على مخالفته.
– هل صحيح أنّ هناك تقدّماً حصل خلال الشهرين الأخيرين؟
نعم هناك مساعي وليس مسعىً واحداً، نتمنّى أن تتكلّل هذه المساعي بالنجاح.
– لماذا رفضتَ الدخول في تحالف مع الرئيس الحريري خلال الانتخابات الأخيرة؟
كنّا نأمل عندما التقينا منذ ثلاث سنوات على تحقيق تفاهم بيننا على القضايا المشتركة، وهي كثيرة، من أجل صيانة تفاهم سياسي حول البيئة التي نمثّل، وعدم جعل الخلافات السياسية تحدث انقساما فيها، لأنّنا كنّا نرى أنّ هذه البيئة هي الأقدر على صيانة وحدة لبنان وعروبته. وما زلنا نتطلع الى ذلك.
– كيف تقيّم تجربة ابنك حسن في الحكومة الخيرة وماذا تتوقع ان يكون مستقبله السياسي؟
بالتأكيد أن يكون نائباً مكاني في المجلس النيابي في الرحلة المقبلة إن شاء الله. أنا تركتُ له إرثاً، ونحن عندما جئنا في اللقاء التشاوري وطالبنا بوزير للشباب معنا في اللقاء، قالوا “حسن مراد”. لكي يرث الإرث الذي تركه عبد الرحيم مراد، والإرث الذي تركته قصة سياسية كبيرة والحمد لله: في أربع مقاعد وزارية، من وزارة التعليم المهني، إلى وزارة التربية والتعليم العالي، إلى وزارة الدولة ووزارة الدفاع، أربع وزارات، وفي الوزارات الأربع هناك شهادة من الموظفين الذين كانوا معي، كيف كنت أتصرّف، وأنا قمت بأمور لا أحد يستطيع أن يقوم بها، أهمّها سياسة البيت المفتوح. فبيتي في الليل ننام من دون أقفال، الباب ليس الآن ولكن دائماً كان مفتوحاً. حتّى باب الوزارة مفتوح بدون أي موعد. وحينها وزّعت رقم هاتفي (199990/03) والتلفون كان مفتوحاً لكل الناس.
كما أنّ الجامعة الوحيدة أو المؤسسة الوحيدة التي حقّقت الإنماء المتوازن هي الجامعة اللبنانية الدولية، وفروعها في بيروت والمتن وطرابلس وحلبا وصيدا وصور والنبطية والبقاع الغربي والبقاع الأوسط. ولا زلنا نعتمد على سعر الدولار القديم أي 1515.
تتفق مع “أبو حسين” على كلّ شيء إلا نقطة واحدة وهي الموقف من نظام بشار الأسد. فابن “غزّة” لا يمكنه الخروج من تلك العباءة بل جلّ ما يحاوله أن يتقبّل الآخرون موقفه وأن يتعاملوا معه بعيداً عن هذا التموضع على قاعدة “ربط النزاع” أو على الأقل وفقاً لقاعدة “لكم دينكم ولي دين”
– لكن ما هي القاعدة لذلك؟
بالنسبة للطالب الذي يثق بي وجاء إليّ في الجامعة أعتبره ابن والده بالدم، لكنّه ابني أنا تربوياً، ابني ومجبرٌ به ومن المستحيل أن أطلب منه أن يدفع أكثر من 1515 حتى لو بلغ الدولار سعر مئة ألف ليرة سيبقى عندنا 1515. والخسارة نتحملها نحن ولا يتحملها الطلاب، فالطالب يدفع فقط أربعة ملايين ليرة سنوياً تقريباً.
– بالعودة إلى ملف سعد الحريري من أقرب إليك؟ فيصل كرامي أم سعد الحريري؟ وقلت لي إنّ هناك وداً كبيراً بينكما. من أقرب إليكَ في “الكيميا”؟ وأنا أذكر عندما صعدت مرّة إلى البقاع يوم استقبلتَ الرئيس رفيق الحريري في الخيارة استقبالاً كبيراً، يعني تشعر أنّ هناك علاقة حبّ وطلاق وطلاق وحبّ بينكم وبين آل الحريري، من أقرب إليكم؟ فيصل كرامي أم سعد الحريري؟
بصراحة: سعد الحريري خاصمني بعكس فيصل الذي لم يخاصمني، وبعكس الرئيس عمر كرامي. والد فيصل هو من رشّحني لأكون رئيس وزارة، وقال لي: سأرشحك. لكنّني رفضت بداية، لكنّه رشّحني ووضعني تحت الأمر الواقع، فتشاورتُ مع الأخوة والأصدقاء وكلهم شجعوني فتقدمت في السباق الرئاسي.
– أنت أقرب بالموقف من التيار الوطني الحر بهذه الأزمة من الموقف مع الرئيس الحريري؟
أنا لا أرضى بكل هذه التجاذبات وهذه الأوضاع المعطّلة لا من هنا ولا من هناك، أنا لا أوافق على إبقاء البلد رهينة المواقف الحادّة لأنّ لبنان يحتاج منّا جميعاً التضحيات، وعندما قالوا “كلن يعني كلن” فرحت كثيراً.
– أنت مع تعديل اتفاق الطائف في ما خص مهلة التشكيل؟
للأسف الكثير من القوى السياسية لم تستوعب ما جاء في اتفاق الطائف وإذا كان هناك من أمر يقتضي العمل على تعديله فيقتضي تطبيق الاتفاق أوّلاً قبل تعديل أيّ بند من بنوده ومنها مهلة التشكيل، حتّى لا يصبح البلد رهينة مواقف قد تعطّل المؤسسات الدستورية.
– متى آخر مر التقيت السيد نصرالله؟
منذ مدة طويلة لم ألتقِ بالسيد حسن نصر الله.
– حالياً حزب الله داعم للرئيس الحريري إذا التقيت السيد حسن ماذا تقول له؟
نحن لا نقف عقبة أمام أي تفاهمات لبنانية لبنانية بل نشجع عليها.
سعد الحريري خاصمني بعكس فيصل الذي لم يخاصمني، وبعكس الرئيس عمر كرامي. والد فيصل هو من رشّحني لأكون رئيس وزارة، وقال لي: سأرشحك. لكنّني رفضت بداية، لكنّه رشّحني ووضعني تحت الأمر الواقع، فتشاورتُ مع الأخوة والأصدقاء وكلهم شجعوني فتقدمت في السباق الرئاسي
– الوضع اللبناني الداخلي يعيش مرحلة صعبة، وكل الحديث عن انهيار ووضع إقتصادي منهار، أين أنتم طبعاً من زاوية الموضوع السني، لأنّ البعض يقول إنّ الشيعة رتبوا أوضاعهم والدروز كذلك، يبقى الوضع السنّي هو أكثر وضع مهزوز وإخواننا في الموقع يناشدون أهل السُنة لاستعادة دورهم؟
أنا ناشدتُ سماحة مفتي الجمهورية والرئيس سعد الحريري، ورؤساء الوزراء السابقين، على اهمية الالتقاء حول موقف موحّد يحصّن البيئة السنية ويستجيب لتاريخ هذه البيئة في المقاومة والعروبة. وحتى وصلت مناشدتي إلى الدول العربية المهتمة بلبنان منها السعودية ومصر والإمارات للعب دور إيجابي في تحقيق وحدة الموقف التي تحصّن تلك البيئة.
– هل تستعدون كحزب اتحاد وكقاعدة عبدالرحيم مراد في البقاع للأزمة كما تفعل كل الأحزاب وكل المنظمات؟
أي أزمة؟
– الأزمة المعيشية والإجتماعية القادمة؟
تقوم مؤسساتنا وحزبنا في منطقة البقاع بإشراف ابني حسن بتوزيع ما يستطيع أن يوزعه من مواد غذائية ومواد تعقيم ومساعدات لوجستية كجرف الثلوج ونقل المرضى أثناء فصل الشتاء إلى جانب دور الدفاع المدني والإطفائيات… وأنا أحضرت الناس إلى مؤسساتنا وحسن راح عند كل الناس.
– بالنسبة للبقاع جمهوركم الواسع في البقاع هل هو توسّع نتيجة أرضية سياسية وتوافق عقائدي معكم أم نتيجة الخدمات التي تقدّمونها؟ والسؤال الثاني: هل البقاع مع بندقية الحزب؟
هناك أرضية حقيقية لجمهور العروبة في لبنان والمناطق والقرى اللبنانية، ومنها البقاع، هيص أرضية أصيلة بانتمائها الوطني، والاحداث التي جرت في لبنان وقسّمت اللبنانيين كان واحدا من أهدافها نزع هذا الانتماء ودفعها نحو معارك فرعية وولاءات لا تخدم قيمها وثقافتها بشيء.
جمهور البقاع هو أصيل في ولائه الوطني والقومي وهو متمسّك بهذه الاهداف ولا يقبل أن يذهب خارج موقعه وتاريخه. ودورنا كان دائما دوراً تنويرياً ومؤسساتنا تقوم بهذا الدور لتفتيح الوعي بقيمنا وأصالتنا كي نحصّن شبابنا تجاه كلّ المغريات وسلوك طرق الانقسام والبغضاء. وتأتي الخدمات التي نقدمها إلى جمهورنا لتحصين هؤلاء الشباب على تلك القيم. أما لناحية الفرع الثاني من السؤال، فإن أهل البقاع هم مقاومون ويؤيدون كلّ بندقية وطنية أو عربية تقاوم الاحتلال الصهيوني لأنّه العدوّ الأساسي للوطن والأمة.
– إذا رجعنا إلى الملف اللبناني، سعد الحريري صحيح “أبو السُنة” كما قال؟ وماذا عن أبو حسين؟
أبو حسين خيّ السنّة.
تقوم مؤسساتنا وحزبنا في منطقة البقاع بإشراف ابني حسن بتوزيع ما يستطيع أن يوزعه من مواد غذائية ومواد تعقيم ومساعدات لوجستية كجرف الثلوج ونقل المرضى أثناء فصل الشتاء إلى جانب دور الدفاع المدني والإطفائيات… وأنا أحضرت الناس إلى مؤسساتنا وحسن راح عند كل الناس
– ولكن سوء العلاقة اللبنانية – السورية وعدم وصولها إلى التميّز كما ينصّ اتفاق الطائف هل يتحمل مسؤوليته اللبنانيون فقط أم أنّ النظام السوري هو يتحمل أيضاً المسؤولية؟
نحن نسعى دائما الى تطوير هذه العلاقة وضبطها وفق معيار المصلحة الوطنية والقومية، وأنا لا أنكر وجود بعض السلبيات، فلا يمكن للبنان أن يكون مرتاحاً إذا كانت سوريا غير مستقرّة، والعكس صحيح. والواضح أنّ في لبنان من لا يريد أن تطبّق بنود اتفاق الطائف ليس فقط من ناحية العلاقات المميزة مع الشقيق، بل أيضاً هناك من يقف عقبة في وجه تطبيق البنود الإصلاحية في الاتفاق كإنشاء مجلس الشيوخ، ولا المركزية الادارية وانتخاب مجلس نيابي على أساس وطني لا طائفي.
– الآن بعض الأفرقاء اللبنانيين يطالبون باتفاق طائف مع حذف العلاقات المميزة مع سوريا؟
ما هي المصلحة في حذف العلاقة المميزة مع سوريا؟ وأين المصلحة بالعداء مع سوريا؟ أنا مقتنع تماماً بأنه يجب أن تكون العلاقة مميّزة مع سوريا، لأنّ مصلحتنا في هذا العلاقة أكثر من مصلحة الاخوة السوريين.
كنا في لبنان نصدّر عبر سوريا ما يوازي مليارين ونصف مليار دولار من منتوجاتنا الزراعية والصناعية، ولكن اليوم أصبح لبنان يرمي التفاح في البحر، وعندما كنا نعتمر في المملكة العربية كنا نجد المنتجات اللبنانية تملأ أسواقها لأنّ التصدير عبر المعبر السوري هو القناة الأقلّ كلفة الموصلة إلى الاسواق العربية.
– يُنظر دائماً الى شخصيتك بأنك قادر على جمع نوعين من الصداقة، صداقة مع السعودية وعلاقة خاصة مع حزب الله من جهة ثانية، كيف تستطيع أن توفّق بهذه العلاقة في زمن الاصطفاف العمودي؟
في خضم الصراعات وفي ظل المطامع الصهيونية في لبنان، يستقوي لبنان بعلاقات الأخوة العرب لمواجهة العدوانية الصهيونية المتكررة على سيادته وأرضه. فالعلاقة مع المملكة العربية السعودية بما تحمل من دور كبير في مساعدة لبنان، واحتضان الكفاءات اللبنانية، هو تتوييج لما يجمع لبنان مع المملكة من روابط. والمملكة العربية السعودية تاريخياً لم تتخلَّ عن لبنان، في كل أزماته السياسية منها والاقتصادية، فجسدت الأخ الشقيق للبنان وبأنها مملكة الخير العميم. واتفاق الطائف الذي انعقد على أرض المملكة هو تعبير عن تلك العلاقات وهذا الإسهام أوقف الحرب اللبنانية، فكان اتفاق الطائف ثمرة جهود المملكة وسوريا معاً وأدّى إلى وقف الحرب اللبنانية. وعندما ذهبت بدعوة في العام 2016 إلى السعودية، لم يكن في برنامج هذه الزيارة لقاء مع سموّ الأمير محمد بن سلمان، لكن حدث اللقاء وكان وديّاً عبّرت فيه عن موقفي تجاه ما يدور من أحداث داخل الأمة ومنازعات مع الجوار العربي، أكّدت خلالها لسموّه على أهمية صيانة الأمن القومي العربي وضرورة حلّ النزاعات مع الجوار بالطرق السلمية. وأكّدت لسموّه على أهمية الاستقرار في لبنان كي لا يصبح جرحاً ينزف في الجسد العربي. أما فيما يتعلق بكيفية بالعلاقة مع المقاومة، فالمقاومة مكوّن لبناني لعب دوراً في مواجهة الاحتلال الصهيوني، وشكلت إنجازات المقاومة إحدى علامات القوّة للبنان، وفي هذا الإطار لا يمكن أن تكون هذه العلاقة نقيضة مع العلاقة مع المملكة التي نؤكّد على دورها في الشان اللبناني والعربي.
أهل البقاع هم مقاومون ويؤيدون كلّ بندقية وطنية أو عربية تقاوم الاحتلال الصهيوني لأنّه العدوّ الأساسي للوطن والأمة
– متى كانت هذه الزيارة؟
كانت هذه الزيارة منذ أربع سنوات تقريباً، أكدنا خلالها على ما جاء في اتفاق الطائف حول العلاقات الجيدة بين لبنان وكل الدول العربية، وبين الدول العربية نفسها.
كما نثمّن ما قامت به دولة الإمارات من فتح سفارة لها في سوريا، كما تمنينا تعزيز العلاقة مع مصر التي لها مكانتها على المستوى العربي كي لا تبقى الأمة مشتتة كما هو واقعها اليوم. وأي خلل في العلاقات العربية العربية يجعل سيادة واستقلال الأمة متاحاً لكلّ طامع وغاصب. وندعو الدول العربية إلى تحقيق التنسيق والتكامل فيما بينها بدل المنازعات والخلافات التي لا تخدم إلا أعدائها.
وندعو مصر والمملكة العربية السعودية إلى تقديم مبادرات لإصلاح ذات البين بين مختلف أقطار الأمة حمايةً لأمن العرب ووقفاً لمحاولات التلاعب في الأمن والاستقرار العربيين. كما ندعو الشقيقة مصر إلى القيام بالدور الرائد الذي حباها الله به، في الحياة العربية، ووقف النزاعات بين أقطارها، من هنا فإنّ مصر تحمل صفة الزعيم الذي يسهم برأب الصدع بين أقطار الأمّة ويحصنها ويعزز مكانتها.
– تقول يحكمها زعيم؟
نعم عندما يلتقي دور الزعامة التاريخية ومصر الموقع والمكانة، تستطيع مصر أن تلعب الدور العربي الكبير، فصلاح الدين الأيوبي، ومحمد علي باشا، وابراهيم باشا، وسعد زغلول وجمال عبد الناصر، قد لعبوا عبر التاريخ أدواراً ساهمت في إيقاظ الامة واستعادة مكانتها تجاه ما تعرضت له من هجمات خارجية.
– والسيسي؟
لقد ساهم الرئيس السيسي بلعب دور داخلي جيّد كما ساهم في القيام بأدوار عربية من منظور الأمن القومي المصري، لأنّ الواقع العربي والنزاعات القائمة داخله لم يمكنّا الرئيس السيسي من لعب الدور المطلوب من مصر في هذه المرحلة. والحقيقة أن الرئيس السيسي لعب دوراً متقدماً في مسألة التنمية الداخلية فتغيرت الشوارع في مصر، وأصبح هناك خمسة خطوط لكلّ مسلك من مسالك شوارعها، وأنشأ مدينة جديدة أكبر من القاهرة بمرّة ونصف المرّة خلال فترة قياسية.
واقع النزاعات والانقسامات العربية لم يمكّن الرئيس السيسي من القيام بمصالحة عربية عربية وقيام مرجعية عربية تحفظ أمن العرب واستقلالهم.
من هنا دعونا الى ضرورة أن تتكامل الأمة من خلال ركائز أربع عواصم عربية وهي:
1- عاصمة الراشدين: المدينة المنورة،
2- عاصمة الأمويين: دمشق،
3- عاصمة العباسيين: بغداد،
4- عاصمة الأيوبيين: مصر.
هذه العواصم الأربع إذا ما اجتمعت في إطار الروابط الجامعة للأمة، يمكن لها أن توقف واقع الانهيار الذي يسودها حالياً.
وعندما طالبت بتقوية مصر كي تستقوي الأمة بها، لأنّها تشكّل المرتكز الأساسي في الحفاظ على استقرار العرب وأمنهم.
فعندما يختلف الملك حسين مع الأخوة الفلسطينيين ومع لبنان كنّا نرى مصر في حركة دائمة لمعالجة هذا الاختلاف، وكذلك خلاف الأخوة الجزائريين فيما بينهم، فكان جمال عبد الناصر هو الراعي لحلّ تلك الخلافات ومهما كبرت تلك التناقضات.
وللأسف لقد فهم الغرب أهمية مصر جمال عبد الناصر بالنسبة للأمة وهو ما لم يستطع العرب فهمه.
– لكن يتحمل أيضاً الرئيس عبد الناصر مسؤولية عسكرة الأنظمة العربية، يعني البذلة الخضراء صارت موجودة في كل الدول العربية من ليبيا الى السودان، ألا تعتبر أنّ هذا الأمر فيه سلبية؟
لم يكن الرئيس جمال عبد الناصر يريد بعد قيام الثورة عام 1952 تولي الجيش مقاليد السلطة. لكنّ النزاعات بين القوى السياسية فرضت عليه أن تتولّى هذه المجموعة من الضباط الأحرار مهمة التغيير التي حررت مصر من الاحتلال البريطاني واستعادت قناة السويس إلى السيادة الوطنية المصرية. فكان الجيش أداةً للتغيير لأنّه يشكل القوة المادية لهذا التغيير بينما هناك دول كبيرة يحكمها العسكر والمخابرات، فمن يحكم روسيا الان اليس العسكر والمخابرات؟
لقد أوجد جمال عبد الناصر شخصية للأمة، كان يجلس بين زعماء أمثال سوكارنو وتيتو ونهرو وكان الجميع ينظر إليه بصفته قائداً محورياً لدول عدم الانحياز.
عندما ذهبت بدعوة في العام 2016 إلى السعودية، لم يكن في برنامج هذه الزيارة لقاء مع سموّ الأمير محمد بن سلمان، لكن حدث اللقاء وكان وديّاً عبّرت فيه عن موقفي تجاه ما يدور من أحداث داخل الأمة ومنازعات مع الجوار العربي
– الوضع العربي الآن مأزوم، حتى القضية الفلسطينية لم تعد هي القضية المركزية، الآن ما هي القضية التي يمكن أن نتطلع اليها؟
تشكيل مرجعية عربية واحدة تمسك بقضايا الأمة وفي طليعتها قضية فلسطين وتنشىء مؤسسات عربية موحدّة كسوق عربية مشتركة وحلّ النزاعات بين أعضائها .
سيأتي يوم القابض على دينه كالقابض على الجمر، وسيأتي يوم القابض على عروبته كالقابض على جمر، علينا أن نستمرّ قابضين على عروبتنا وعلى مبادئنا، مهما كان الثمن.
– إذا ذهبنا الى الملفّ العربي كيف هو حال اليمن؟
اليمن مظلوم. الحرب التي تدور رحاها على أرض اليمن ليست في مصلحة الأمة العربية والإسلامية وهي استنزاف لليمن وللأمتين العربية والإسلامية. نحن ضدّ استمرار هذه الحرب ومع حوار يمني يمني يحفظ وحدة اليمن وأمنه وعروبته ليعود اليمن عضواً فاعلاً في الحياة العربية. وندعو إلى حوار عربي – إسلامي لحلّ مشكلة اليمن ومشكلات المنطقة لأنّه باستمرار هذه الحرب سيكون الجميع خاسراً.
– هل قمت بوساطة ما في اليمن خلال فترة ما؟
حاولت كثيراً وليس مرّة واحدة، حاولتُ مع الرئيس علي ناصر محمد ومع 12 شخصية من الأردن ومن مصر القيام بوساطات، لكنّ المحاولات لم تنجح، وحتّى حاولنا مع عناصر تتحدث مع الحوثي ولم ننجح أيضاً، وحاولنا مرّة أخرى بالذهاب إليهم مباشرة لكنّنا لم ننجح.
إقرأ أيضاً: عبد الرحيم مراد: الرجل العالق في “إذاعة صوت العرب”