بعد كشف موقع “أساس” قبل أسبوعين عن توجّه حكومة الرئيس نجيب ميقاتي إلى عقد جلسة حكومية ثانية، عقب انعقاد جلسة 5 كانون الأول، التي تصدّرها بند ترقيات الضبّاط، لا تزال القضية تتفاعل في الأروقة الداخلية من دون حَسم التوجّه حتى الآن بسبب الضغط الباسيليّ المُضادّ والرافض لجلسة السراي الأولى في ظلّ الشغور الرئاسي والمُحذّر من “عواقب” أيّ جلسة شبيهة بها!
دخان الترقيات لم ينبعث بعد ومراسيمها لم تصل حتى الآن إلى السراي من وزراتّي الدفاع والداخلية، وليس على جدول أعمال الأمانة العامّة لمجلس الوزراء أيّ بند بصفة “ملحّ وطارئ”
في الوقائع، تنقسم أزمة مراسيم ترقيات الضبّاط إلى جزءين:
– الأول: ترقيات الضبّاط من رتبة ملازم إلى عقيد التي تصدر بمرسوم عاديّ لا يتطلّب انعقاد الحكومة، لكن بسبب عدم وجود رئيس جمهورية فإنّ الأمر يتطلّب التئام مجلس الوزراء، وفق “دفتر شروط” السراي، والموافقة على إصدارها داخل الجلسة بأكثرية الحضور ثمّ صدورها بمراسيم يوقّعها بحسب الاختصاص وزيرا الدفاع والداخلية والمال، إضافة إلى توقيع رئيس الحكومة ثمّ توقيع الأخير وكالةً عن مجلس الوزراء الذي يوافق عليها ويُصدِرها وكالةً عن رئيس الجمهورية بناء على الصيغة المتوافَق عليها بين ميقاتي والثنائي الشيعي ووليد جنبلاط.
– الثاني: ترقيات الضبّاط من رتبة عقيد إلى عميد العالقة منذ ثلاث سنوات بسبب خلاف الرئيسين نبيه بري وميشال عون في شأنها، تتطلّب أيضاً انعقاد الحكومة بسبب عدم وجود رئيس للجمهورية. لكن لا يزال موقف الرئيس برّي حتى الآن غامضاً حيالها وأقرب إلى التردّد، ويتّضح ذلك من موقف وزير المال يوسف خليل الذي لم يمهرها بتوقيعه بعد، وهو معبر إلزامي قبل أن تسلك طريقها إلى مجلس الوزراء.
السؤال هنا: هل تلتئم الحكومة لإقرار هذه الترقيات؟ وهل تُقرّ جميعها أو تمرّر ترقيات من رتبة ملازم إلى عقيد من دون ترقيات عقيد إلى عميد؟ وبأيّ صيغة مرسوم جوّال أم عبر التئام الحكومة؟
وفق المعلومات، دخان الترقيات لم ينبعث بعد ومراسيمها لم تصل حتى الآن إلى السراي من وزراتّي الدفاع والداخلية، وليس على جدول أعمال الأمانة العامّة لمجلس الوزراء أيّ بند بصفة “ملحّ وطارئ”، وهذا ما يتماهى مع قول ميقاتي قبل أيام إنّه “في الوقت الراهن لا شيء طارئاً يستدعي عقد جلسة”، لكن مع إصراره على التمسّك بصلاحيّاته التي تسمح له بتحديد جدول الأعمال والدعوة إلى جلسة لمجلس الوزراء عند الضرورة والحاجة!
يقول مطلعون: “الأمور قد تبقى مفتوحة على كل الاحتمالات في حال وصول مراسيم الترقيات إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء، لذلك الحديث عن تسوية لا يزال ناشطاً في الكواليس”.
في الوقائع، مسألتان أساسيّتان تتفرّعان عن ترقيات الضبّاط من رتبة ملازم إلى عقيد:
1- في قوى الأمن الداخلي يحتاج إقرار هذه الترقيات من رتبة ملازم أول إلى عقيد إلى انعقاد مجلس القيادة الفاقد للنصاب، وذلك بعد دراسة ملفّ كلّ ضابط على حِدة.
لكنّ معطيات “أساس” تؤكّد توجّه المدير العام لقوى الأمن الداخلي، عملاً بسابقة حصلت أيام اللواء إبراهيم بصبوص في أثناء الشغور الرئاسي، إلى دعوة مجلس القيادة للالتئام بأعضائه الأصيلين وبالوكالة وإقرار الترقيات ثمّ رفعها بمرسوم إلى وزير الداخلية الذي يرفعها بدوره إلى مجلس الوزراء، وذلك بغضّ النظر عن انعقاد الحكومة أو لا.
يلقى هذا التوجّه معارضةً شديدة من قائد الدرك العميد مروان سليلاتي المحسوب على باسيل، ويُنقل عن عثمان قوله في هذا السياق: “الترقيات ستصدر وسأدعو مجلس القيادة إلى الاجتماع بكلّ أعضائه الأصيلين وبالوكالة. فهل ممنوع على اللواء عثمان ما سُمح أن يَحصل في مرحلة سابقة؟”.
في المعلومات يضغط وليد جنبلاط لإقرار الترقيات، التي سيكون من نتائجها ترقية أحد العقداء الدروز من المحسوبين عليه إلى رتبة عميد، الأمر الذي سيجنّبه مشكلة البديل بعد إحالة رئيس الأركان اللواء أمين العرم إلى التقاعد
يُذكر أنّ الأعضاء بالأصالة، إضافة إلى سليلاتي، هم: قائد جهاز أمن السفارات العميد موسى كرنيب، المفتش العام العقيد فادي صليبا، قائد وحدة الخدمات الاجتماعية العقيد فرنسوا رشوان. وأمّا الضبّاط بالوكالة فهُم: رئيس الأركان العميد خالد حمود (رئيس شعبة المعلومات)، قائد المعهد العميد معين شحادة، قائد وحدة الإدارة المركزية العميد حسين خشفة، قائد الشرطة القضائية العميد زياد قائد بيه، قائد شرطة بيروت العقيد أحمد عبلا، قائد القوى السيّارة العقيد جان عوّاد.
2- في قيادة الجيش التأم المجلس العسكري وأقرّ الترقيات ورفعها إلى وزير الدفاع. لكنّ السؤال هو: هل يوقّع الوزير موريس سليم مرسوم ترقيات ضبّاط الجيش؟ وهل يبقى مصرّاً على أن يرفق بتوقيع الـ 24 وزيراً وفق شرط النائب باسيل؟
التمديد لثلاثة ضبّاط
في المعلومات يضغط وليد جنبلاط لإقرار الترقيات، التي سيكون من نتائجها ترقية أحد العقداء الدروز من المحسوبين عليه إلى رتبة عميد، الأمر الذي سيجنّبه مشكلة البديل بعد إحالة رئيس الأركان اللواء أمين العرم إلى التقاعد.
في السياق نفسه برزت معضلة التمديد لضباط في المجلس العسكري. فأمس وقّع قائد الجيش العماد جوزف عون، رغم عدم حماسه للتمديد، طلب تأجيل تسريح العرم إضافة إلى المفتش العام اللواء ميلاد اسحق لمدة ثلاثة أشهر قابلة للتجديد (هما من أعضاء المجلس العسكري).
في العلن علّل قائد الجيش طلبه بعدم صدور قرار قانون التمديد سنتين للضبّاط فلجأ إلى طلب تأجيل التسريح لتفادي الشغور في المجلس العسكري.
لكن ثمّة تساؤلات حول ما إذا وزير الدفاع سيوقّع على اقتراح قائد الجيش كي يُصبِح نافذاً كون الرئيس ميشال عون كما باسيل، يجاهران برفض التمديد لأي ضابط في موقعه.
كما أنّ التوقيع على التمديد يكتسب أهمية مضاعفة اليوم بسبب النزاع الحاصل حول جلسات الحكومة. وحتى الآن هناك اعتكاف من جانب الوزير سليم للتوقيع على اقتراح التمديد الصادر عن قائد الجيش إضافة إلى مرسوم الترقيات ومرسوم احتساب الزيادات للعسكر ربطاً بأزمة جلسة 5 كانون.
أزمة مرسوم احتساب الزيادات للعسكر
في الشقّ العسكري أيضاً لم تُحلّ بعد أزمة مرسوم احتساب الزيادة للعسكريين في الخدمة الفعلية والمتقاعدين على أساس الراتب الأساسي مع متمّماته، التي أُقرّت في جلسة 5 كانون الأول، بسبب عدم توقيع المرسوم حتى الآن من قبل وزير الدفاع موريس سليم الذي يَطلب توقيع الـ 24 وزيراً على المرسوم التزاماً بموقف التيار الوطني الحر، وهو أمر “غير وارد” بحسابات ميقاتي، خصوصاً أنّ المراسيم الأخرى سلكت أو تسلك طريقها إلى التنفيذ، إضافة إلى رفض ميقاتي بشكل قاطع صيغة المراسيم الجوّالة “لأنّنا لسنا في حالة حرب”. ولم تنفع حتى الآن عدّة اقتراحات عُرِضت على وزير الدفاع، ومنها توقيع المرسوم (وقّع عليه سابقاً وزيرا الداخلية والمال) وإرفاقه برسالة تحفّظ. وكان وزير الدفاع، وهو أحد المستفيدين من الاقتراح بوصفه ضابطاً متقاعداً، وافق عليه بداية، ثمّ عَدَلَ عن رأيه “مُرغماً” مُردّداً أمام القريبين منه بأنّه “مُحرَج بين قناعته بتوقيع المرسوم لفائدته المباشرة على العسكر وبين الموقف السياسي لباسيل”.
إقرأ أيضاً: الشرخ الحكوميّ يتوسّع: الحزب يَعزل باسيل؟!
أُقرّت الموازنة من دون تعديل المادّة 111 منها (نصّت على إعطاء زيادة قدرها شهران إضافيان على الراتب الأساسي الذي يتقاضاه الموظف في القطاع العام) لناحية استثناء العسكر باعتماد الزيادة على أساس الراتب ومتتمّاته، ووفق المعطيات اقترحت الأمانة العامة لمجلس الوزراء تخريجة من خلال عرض موضوع الزيادة على مجلس الوزراء، لكنّ وزير الدفاع لم يوقّع المرسوم حتى الآن، مع العلم أنّ اعتماداً بقيمة ألف مليار رُصِد في احتياطي الموازنة لتمويل هذه الزيادة.