الشخصيات والأحداث والوقائع الواردة أدناه حقيقية وليست من نسج الخيال.
(1)
فراغ مديد..
على نحو غير معتاد فاجأ ديفيد هيل حلقةً ضيّقةً ممّن التقاهم خلال زيارته الأخيرة لبيروت، فقال إنّ كرسي رئاسة الجمهورية في لبنان ستظلّ شاغرة بلا جليس لأشهر، إن لم يكن لسنوات!
“لا تتوقّعوا عروضاً ولا تستَجْدُوا صفقات، فالتسوية التي تنتظرونها من الخارج لن تأتيَ في القريب ولا في العاجل!”
استرجع أحدُ الحاضرين المشهد في ذهنه مستهولاً الكلام:
1-هيل، وهو الآن رئيس مركز دراسات، كان أحد أبرز وأعلم سفراء الولايات المتحدة في تاريخ لبنان الحديث.
2 -لعب أدواراً وخاض في تفاصيل لم تُتَح لغيره في المسألة اللبنانية، وظلّ مهتمّاً وممسكاً بالملفّ بصفته وكيلاً للخارجية الأميركية للشؤون السياسية حتى العام الفائت.
3- سفراء الدول الكبرى لا يتقاعدون ولا تنتهي أدوارهم بنهاية وظائفهم في السلك، بل يبقون على صلة واطّلاع ومعرفة عميقة بما يجري في ما كانوا معنيّين به.
يُصرّ الأستاذ نبيه برّي على التدخّل لضبط انفلات الدولار. فالناس ما عادوا يتحملون والخطر على أبواب بيوتهم، قال برّي علناً خلال أحداث تشرين 2019 إنّه “لولا الطائفية في هذا البلد لسحبنا الناس من بيوتنا”
(2)
رياض سلامة باقٍ في مصرف لبنان:
“لست في هذا الوارد. ومنتصف ليل الإثنين في 31 تموز أتخذت قراراً نهائيّاً بطيّ ملف حاكميّة مصرف لبنان في ما بقي من حياتي”. “آمَلُ ذلك”، قال محدّث رياض سلامة هاتفياً، مضيفاً: “الأمر قد لا يكون قرارَك وحدك، وقد تضطرّ إلى البقاء إذا استمرّت الأمور على حالها… سمعت أنّهم قد يمدّدون لك.”
سلامة يردّ: “معي اتصال لا بدّ من استقباله.. نتكلّم لاحقاً..”. وانتهى الاتّصال.
(3)
هذه لم تعد شراكة بل “سلبطة”:
تفاهم مار مخايل قامَ على 3 أساسات:
1- الاستراتيجية الدفاعية قد ساندناكم فيها إلى النهاية وصولاً إلى اعتبار الترسيم البحري تتويجاً لها وترسيخاً لبقاء السلاح!
2- بناء الدولة والإصلاح ومحاربة الفساد لم نلْقَ فيها تجاوباً حقيقياً منكم في عهد الجنرال عون.
3- والآن يُدَقُّ مسمارٌ آخر في نعش الاتفاق عبر انتهاك مبدأ الشراكة الوطنية والميثاقية بالمشاركة في عزلنا عبر حضور جلسة مجلس الوزراء التي دعا إليها نجيب ميقاتي..
يردّ الطرف الآخر المحسوب على حزب الله على هذا الحديث بالقول للنائب في التيار العوني الذي يدور السجال معه:
“ألا ترى أنّكم تبالغون وترفعون السقوف إلى حدود غير مسبوقة، فأنتم من بدأتم بلغة التخوين وطال حديث جبران مقام السيّد نصرالله.. أعتقد أنّ عليكم إعادة النظر بكلّ شيء وإلّا فكلانا خاسر”.
على نحو غير معتاد فاجأ ديفيد هيل حلقةً ضيّقةً ممّن التقاهم خلال زيارته الأخيرة لبيروت، فقال إنّ كرسي رئاسة الجمهورية في لبنان ستظلّ شاغرة بلا جليس لأشهر، إن لم يكن لسنوات!
(4)
ميقاتي يستعين بالرموز البلاغية:
من منبر بكركي يقول رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بيتاً من الشعر معناه أنّ دماءً قد تسيل وعذاباً قد يطول ويتمدّد، وأنّ فوضى قد تتطوّر إلى ما لا تُحمَد عُقباه في أمن وأمان البلد.. خصوصاً إذا استكمل مسار الانحدار خطَّه البياني المتدهور وقام القاعدون على مقاعد المتفرّجين، وهم أكثرية اللبنانيين، بفعلٍ من خارج كلّ الفرضيّات المتوقّعة:
“*إنّ حالي كدقيقٍ فوق شوكٍ نثروه ثمّ قالوا لحفاة يوم ريحٍ اجمعوه”.
(5)
قِصَرُ النظر حدَّ العمى!
رئيس البرلمان نبيه برّي يُفضي أمام أحد نواب اللقاءات الأسبوعية أنّ كلام اللامركزية الإدارية الموسّعة التي يريد أن “يفرضها بالقوّة” كلامٌ يستدعي لطالبه ومَنْ وراءه الشفاء! ما يزال يتصرّف وكأنّه في قصر بعبدا. وقِصر النظر هذا لا يخلّصنا منه على ما يبدو سوى الدعاء إلى الله.. رحم الله امرأً عرف قدرَ نفسه فوقف عنده. هذا كلام لا يُصرَف إلّا في مزيد من الشعبوية التي تقود نحو الانفجار الاقتصادي الاجتماعي، فيما البلد في أسوأ حالاته.
الخلاصة بالدولار الأميركي:
ترويكا الأستاذ والحاجّ والحاكم:
إذا لم يستجدّ جديد خارج الصندوق اللبناني الأسود فإنّنا متّجهون إلى مزيد من تدهور قيمة الليرة اللبنانية (مع طباعة المزيد من أوراقها) ومزيد من التضخّم المفرط (ارتفاع جنوني لأسعار البضائع على قلّتها، والخدمات من اتصالات وكهرباء ونقل على تردّيها…).
بناءً على المعطيات والمعلومات والأحداث الواردة أعلاه:
يظهر حتى الساعة أنّ بدايات وأواسطَ العام المقبل ستكون على الشاكلة التالية:
يُصرّ الأستاذ نبيه برّي على التدخّل لضبط انفلات الدولار. فالناس ما عادوا يتحملون والخطر على أبواب بيوتهم، قال برّي علناً خلال أحداث تشرين 2019 إنّه “لولا الطائفية في هذا البلد لسحبنا الناس من بيوتنا”.
يوعز حاكم المصرف المركزي رياض سلامة بالتدخّل بيعاً للدولار لضبط السوق حسب ما يراه متناسباً مع قدرات مصرف لبنان.. حتّى لو اضطُرّ إلى البقاء أو تسليم الدفّة لنائبه الأول (وسيم منصوري وهو شيعي بالمناسبة) واستكمال الإدارة من خلف الكواليس بعد نهاية ولايته.
إقرأ أيضاً: من يملك شجاعة القبول؟
يمشي الحاجّ نجيب ميقاتي على رؤوس أصابعه في مجلس الوزراء تحسّباً لمزيد من الضجيج والانزلاقات غير المحسوبة..
إذاً: ترويكا مجلس رئاسيّ حاكم للفراغ الرئاسي المستدام في العام المقبل باقية، شاءت أم أبَت النيّات والإرادات.
وكلّ ما سيحصل هو المزيد من الأمر نفسه:
تعاميم ومراسيم وتشريعات تمليها الضرورات.. القصوى.