“جلسة حوار” للتوافق… على فرنجيّة

مدة القراءة 6 د

حتى يوم أمس لم يكن وزير الدفاع موريس سليم قد وقّع المراسيم المرتبطة بالبنود التي أُقرّت في جلسة “القرارات الطارئة” في السراي الحكومي.

يكتسب هذا التوقيع أهميّة استثنائية بالنظر إلى تأثيراته على العسكر المنكوب بالأزمة الماليّة الحادّة، وخصوصاً لجهة احتساب الزيادات للعسكريين في الخدمة الفعليّة والمتقاعدين على أساس الراتب الأساسي ومتمّماته، إضافة إلى زيادة تعويض النقل الشهري.

لا أزمة في ما يتعلّق بباقي المراسيم المرتبطة بالوزراء الآخرين المقاطعين ما دامت مشاريع المراسيم قد وُضعت على جدول الأعمال بعد توقيع الوزراء عليها. الأزمة الفعليّة هي في ردّة فعل التيار الوطني الحرّ التي تكبر ككرة الثلج مع “استدعاء” واضح للبطريرك بشارة الراعي لأخذ موقف من “السطو على الجمهورية ورئيسها”، كما تقول أوساط باسيل.

تفيد مصادر قريبة من الرئيس نجيب ميقاتي بأنّ “الجلسة الثانية مؤكّدة، لكنّ الأمر يرتبط بأهميّة المواضيع المطروحة، ولذلك مبدأ انعقادها قائم على الرغم من كلّ التردّدات السياسية التي أعقبتها ومصدرها بشكل أساس النائب جبران باسيل”

في المقابل، تؤكّد أوساط السراي أنّ “تردّد وزير الدفاع لن يطول لأنّه لن يجرؤ على عرقلة مراسيم مرتبطة بالتخفيف من معاناة العسكر”.

ما يوازي هذا الأمر أهميّةً احتمالُ توقيع الوزير سليم المرتقب على قرار تأجيل تسريح رئيس الأركان أمين العرم لمدّة ستّة أشهر قابلة للتجديد. وهو مطلب جنبلاطي ملحّ لا يزال رئيس الحزب التقدّمي الاشتراكي يضغط باتجاهه، وسيفتح المجال في حال عدم التئام مجلس النواب في جلسة تشريعية بالمدى المنظور لإقرار قانون التمديد للضبّاط وعدم تأليف حكومة، لتوقيع قرارات تأجيل تسريح أخرى مرتبطة بضبّاط المجلس العسكري، وإلا يفقد الأخير نصابه كما مجلس القيادة في قوى الأمن الداخلي. مع ذلك، حتى الآن لا مؤشّرات حاسمة في هذا السياق.

يُملي كلَّ هذه الحلول الترقيعية تراكمُ الأزمات التي “ولّعت” الجبهات بين باسيل وحزب الله وسط تأكيد قياديّين في الحزب وجود استياء عارم في حارة حريك من “نَفَس” باسيل وجنوحه نحو التضليل.

 في هذا الإطار تفيد المعطيات بأنّ قيادة حزب الله اعتبرت خطاب باسيل يوم الثلاثاء “إساءةً للسيّد حسن نصرالله شخصيّاً عبر تصويره حليفاً سياسيّاً غير صادق مع التيار الوطني الحر”، وهو ما استدعى صدور بيان عن الدائرة الإعلامية اطّلع عليه نصرالله قبل تعميمه. والأهمّ استعداد حزب الله للمشاركة في أيّ جلسة مقبلة تحمل عنوان الضرورة.

لا جلسة تشريعيّة قريباً

من جهة أخرى، تفيد مصادر قريبة من الرئيس نجيب ميقاتي بأنّ “الجلسة الثانية مؤكّدة، لكنّ الأمر يرتبط بأهميّة المواضيع المطروحة، ولذلك مبدأ انعقادها قائم على الرغم من كلّ التردّدات السياسية التي أعقبتها ومصدرها بشكل أساس النائب جبران باسيل”.

من يَرصد آراء الوزراء المقاطعين للجلسة و”خلفيّة” قرار المقاطعة لكلّ منهم يَسهل عليه الاستنتاج بأنّ لائحة المعارضين ستصغر في أيّ جلسة مقبلة.

لكنّ الزيارة المزدوجة لباسيل والرئيس ميشال عون لبكركي وفحوى كلامهما عكستا منحى تصعيديّاً حيال احتمال انعقاد مجلس الوزراء مجدّداً وصدور المراسيم بالصيغة التي ستصدر فيها في الجريدة الرسمية من دون توقيع رئيس الجمهورية وبتوقيعين من رئيس حكومة “هي بحكم المستقيلة”.

الرياشي لـ “أساس”: اجتماع لكتلة الجمهورية القوية يوم الإثنين المقبل للنقاش في دعوة برّي إلى الحوار والتأكّد من وجود أيّ تعديل على قرارنا، وعندئذ يُبنى على الشيء مقتضاه. وسيتمّ ذلك بالتنسيق مع جميع حلفائنا وعلى رأسهم الحزب الاشتراكي

مصير الحوار

هكذا بين استاتيكو الجلسات الرئاسية الفاشلة وتريُّث ميقاتي في دعوة مجلس الوزراء إلى الانعقاد وحرص التيار الوطني الحرّ وحزب الله على لملمة غسيل خلافهما القابل للاشتعال مجدّداً في حال تكرار سيناريو “الجلسة الطارئة”، تتقدّم دعوة الرئيس برّي المتجدّدة إلى الحوار على باقي الملفّات في ظلّ قبول عونيّ وشروط قوّاتية ستحوّل مجلس النواب إلى صالون حواريّ مفتوح بعد كلّ جلسة انتخاب فاشلة!

في الوقائع كانت دعوة برّي إلى الحوار في تشرين الأول الماضي قد فجّرت خلافاً كبيراً بين الرئيسين نبيه برّي وميشال عون عشيّة مغادرة الأخير قصر بعبدا. يومئذٍ قال عون “يحقّ للرئيس برّي أن يتشاور مع الكتل النيابية وليس أن يدعو إلى الحوار، وحتى إن انتهت ولايتي الرئاسية، فلا يحقّ له أن يحلّ مكان رئيس الجمهورية”، وتماهى عون وباسيل باعتبار “الحوار الرئاسي فاشلاً سلفاً، فيما التشاور قد يفضي إلى نتيجة لأنّه حوار بين اثنين، لكنّ المجموعة لا يحاور بعضها بعضاً”.

استُخدمت كلّ الأسلحة الثقيلة والتعابير غير المألوفة في حربٍ ولّدتها دعوةٌ إلى الحوار تحوّلت على شاشة NBN  إلى دعوة إلى رحيل ميشال عون و”خذْ صهرك معك”، مع اتّهام بعبدا بمحاولة حجب دور برّي في ملفّ ترسيم الحدود البحرية. حينذاك تكفّل صخب المبارزة الكلاميّة بتأجيل “المشروع” إلى أن جدّد برّي الدعوة إليه قبل أيّام من دون الاتفاق على آليّته ولائحة المدّعوين إليه، فيما النتيجة معروفة سلفاً.

في جولة الحوار-2 يقول النائب آلان عون لـ”أساس”: “لطالما أبدى تكتّلنا استعداده الإيجابي للحوار مع الكتل الأخرى بأيّ صيغة كانت، ثنائية أو جماعية. وفي خضمّ التوازن السلبي في مجلس النواب، من واجب جميع الكتل إعطاء فرصة للحوار مهما تفاوتت درجة تقديرها أو ثقتها بفعّاليّته”.

يضيف عون: “قد تكون نتيجة الحوار مجهولة حتى الآن، إنّما ما هو معروف ومعلوم هو نتيجة اللاحوار بين الكتل النيابية، وهو هذا المشهد العقيم المتكرّر كلّ خميس”.

أمّا لناحية “القوات اللبنانية” التي وضعت شروطاً على آليّة الحوار اعتبرها برّي غير منطقية، فهي تعيد تأكيد عدم رفضها لأيّ دعوة مع شرط واحد: حوار بين الجلسات الرئاسية كي لا نضرب المسار الدستوري.

إقرأ أيضاً: باسيل للحزب: فرنجيّة مقابل مار مخايل

يشير النائب ملحم الرياشي لـ “أساس” إلى “اجتماع لكتلة الجمهورية القوية يوم الإثنين المقبل للنقاش في دعوة برّي إلى الحوار والتأكّد من وجود أيّ تعديل على قرارنا، وعندئذ يُبنى على الشيء مقتضاه. وسيتمّ ذلك بالتنسيق مع جميع حلفائنا وعلى رأسهم الحزب الاشتراكي”.

في السياق نفسه، تجزم أوساط سياسية لـ “أساس” أنّه “في حال انطلق الحوار فقد يتحوّل إلى ورشة للتوافق على اسم سليمان فرنجية، وخصوصاً مع رفض محور 8 آذار ترشيح ميشال معوّض، فيما نقل زوّار الرئيس برّي عنه قوله إنّ انتخاب قائد الجيش العماد جوزف عون يحتاج إلى تعديل دستوري لسنا في صدده الآن حتى في ظلّ الشغور الرئاسي، والأهمّ لأنّ محور برّي-حزب الله لم يُسقط من يده بعد ورقة ترشيح فرنجية”.

مواضيع ذات صلة

بين لاريجاني وليزا: الحرب مكَمْلة!

دخلت المرحلة الثانية من التوغّل البرّي جنوباً، التي أعلنها الجيش الإسرائيلي، شريكة أساسية في حياكة معالم تسوية وقف إطلاق النار التي لم تنضج بعد. “تكثيفٌ”…

هل تملأ مصر فراغ التّسليم والتّسلّم؟

يترنّح المسار التفاوضي الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية تحت وطأة الضغوط العسكرية التي تمارسها الحكومة الإسرائيلية في عدوانها الوحشي بحقّ لبنان. في الأثناء، يواظب الموفد…

برّي ينتظر جواب هوكستين خلال 48 ساعة

تحت وقع النيران المشتعلة أعرب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب عن موافقته على أن يستكمل الرئيس جو بايدن مسعاه للوصول إلى اتّفاق لوقف إطلاق النار…

الجيش في الجنوب: mission impossible!

لم يعد من أدنى شكّ في أنّ العدوّ الإسرائيلي، وبوتيرة متزايدة، يسعى إلى تحقيق كامل بنك أهدافه العسكرية والمدنية، من جرائم إبادة، في الوقت الفاصل…