إيران تهدّد.. وصمت الصدر يربك الإطار..

مدة القراءة 7 د

يبدو أنّ التيار الصدري قد بدأ مرحلة “الهجوم” السياسي على رئيس الوزراء العراقي الجديد محمد شياع السوداني، على الرغم من الإيجابية التي يمارسها في تعامله مع هذا “التيار”، إذ يحرص على عدم استفزازه، إلا أنّه لم يسلم من انتقادات حادّة واتّهامه بالخضوع للرغبات والإرادة الإيرانية، خاصة في الأسابيع الأخيرة، نتيجة تعامله مع تداعيات الخروقات التي تتعرّض لها السيادة والأراضي العراقية جرّاء الاعتداءات الإيرانية المتكرّرة التي تستهدف مواقع كردية داخل الأراضي العراقية في إقليم كردستان العراق.

لقد سرّبت قيادات وأوساط من التيار الصدري معلوماتٍ غير رسمية عن أجواء اللقاء الذي جمع السوداني مع قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني الجنرال إسماعيل قاآني، واتّهمت السوداني بالصمت عن التهديد الإيراني بإمكانية لجوء إيران إلى خيار القيام بعملية برّيّة داخل الأراضي العراقية في إقليم كردستان لمطاردة عناصر كردية تقوم بنقل السلاح ودعم التظاهرات داخل إيران بالتعاون مع الموساد الإسرائيلي.

وممّا قيل أنّ قاآني حمّل السوداني هذه الرسالة لإيصالها إلى قيادة الأحزاب الكردية في الإقليم، لأنّه يلقي عليها مسؤولية تسهيل عمل الجماعات المعارضة. وهذا ما تعتبره القيادات الصدرية محاولة لتصدير إيران أزمتها الداخلية إلى الجوار.

تحاول قوى “الإطار التنسيقي” أو السلطة الجديدة استشراف الخطوات التي قد يكون التيار الصدري وزعيمه يُعدّان لها في المستقبل

فضائح الفساد

في المقابل لا يتوقّف مسلسل الفضائح الماليّة العراقية التي تتكشّف يوماً بعد يوم، الذي يتحدّث عن حجم تورّط الحكومة السابقة فيه برئاسة مصطفى الكاظمي وفريق مكتبه وأدواته الأمنيّة في جهاز المخابرات.

وآخر “إعلان” في هذا المسلسل هو تمديد عقود شركات الهاتف الجوّال وتراخيص خدمة الإنترنت 4G الذي واكبته اتّهامات بالهدر لعائدات ضرائبية تقارب مليار دولار وإضاعتها على خزينة الدولة، مقابل رشوة قد لا تتجاوز قيمتها 150 مليون دولار من الشركات الثلاث (كورك وآسيا سيل وزين).

 

صمت وقلق سياسيّان

تسود حال من الترقّب المشهد السياسي العراقي، خاصة لدى “الإطار التنسيقي” التابع لإيران، الذي تحمّل مسؤولية تشكيل الحكومة، بعد خلوّ الساحة له نتيجة انسحاب التيار الصدري بقيادة مقتدى الصدر من الحياة السياسية واستقالة كتلته من البرلمان ورفضه المشاركة في الحكومة الجديدة.

قلق “الإطار التنسيقي” الممسك بالسلطة في هذه المرحلة مصدره التيار الصدري وسرّ الصمت المطبق الذي دخل فيه منذ تشكيل الحكومة، وعدم تعليقه على أداء الحكومة الجديدة، لا سلباً ولا إيجاباً، وخاصة صمت زعيم “التيار” السيّد مقتدى الصدر ونائبه صالح محمد العراقي. وبات من النادر العثور على تغريدة على مواقع التواصل الاجتماعي تتعلّق بالجانب السياسي العامّ، في مقابل الاكتفاء بالتعليق على الأحداث والمناسبات الدينية والرياضية، كما حصل في تغريدة الصدر المتعلّقة بمباريات كأس العالم التي تستضيفها دولة قطر.

دفعت حال الحذر لدى “الإطار التنسيقي” وترقّبه لأيّ خطوة محتملة من الصدر وتيّاره في المرحلة المقبلة، إلى تكرار توجيه الرسائل الإيجابية والتأكيد على التعاون مع التيار الصدري، وضرورة عودته إلى المشاركة في العملية السياسية والحياة العامّة وتفعيل نشاطه في إدارات الدولة، مع حرص “الإطار” على التأكيد للتيّار وأنصاره أنّه لن يلجأ إلى اتباع سياسة الانتقام أو الإقصاء أو الإخراج من دوائر الدولة.

أكّد “الإطار”، بإجماع أقطابه وأحزابه والفصائل والمكوّنات التي تنضوي فيه، أنّه لن يعمد إلى المساس بالمواقع التي يشغلها مقرّبون أو منتمون إلى تيار الصدر من الدرجات الخاصة وما دونها. ولم تعارض قوى “الإطار” أو ترفض الخطوة التي قام بها رئيس الوزراء محمد شياع السوداني في التعامل مع وزارتَيْ الصحّة والكهرباء واحتفاظه بالصلاحيّات المطلقة في إجراء أيّ تعديل فيهما. وهذا لا يخرج عن حال انتظار أن يعدل التيار الصدري عن قرار المقاطعة، لتُحال هاتان الوزارتان إلى من يختارهما الصدر لتولّيهما.

 

الصدر ينتظر

تحاول قوى “الإطار التنسيقي” أو السلطة الجديدة استشراف الخطوات التي قد يكون التيار الصدري وزعيمه يُعدّان لها في المستقبل: هل يكتفي الصدر بالصمت والانكفاء عن العمل السياسي؟ أم يقوم بالرصد والترقّب والإعداد لتحرّكات جديدة بعد إعطاء الحكومة الجديدة فرصة قد لا تتعدّى الأشهر الستّة تنتهي في شهر شباط المقبل من عام 2023؟

تنشغل دوائر “الإطار” بمحاولة معرفة طبيعة هذه التحرّكات: هل تكون ذات طبيعة سلميّة وتظاهرات مطلبيّة في جميع المحافظات من العاصمة بغداد مروراً بالفرات الأوسط وصولاً إلى الجنوب؟ وهل أمام الحكومة وقوى “الإطار” فرصة لإطلاق عجلة تنمية اقتصادية ونهوض في الاستثمارات والمشاريع الإنمائية والبنى التحتية؟

لا يتوقّف مسلسل الفضائح الماليّة العراقية التي تتكشّف يوماً بعد يوم، الذي يتحدّث عن حجم تورّط الحكومة السابقة فيه برئاسة مصطفى الكاظمي وفريق مكتبه

عسكرة الحرمان والنقمة؟

في هذه الأثناء يتراكم الحرمان في هذه المناطق وتتراكم النقمة.

هنا يلوح سؤال: هل يعيد “التيار” ترميم صفوف فصيله العسكري “سرايا السلام” ليكون على استعداد لخوض صراع ميداني عسكري وأمنيّ مفتوح في الشارع مع الفصائل “الإطارية” والميليشيات التابعة لها؟ وهل تعيد السرايا للتيار هيبته العسكرية بعدما تعرّضت للاهتزاز في المعركة التي خاضتها في بغداد أثناء محاولتها اقتحام المنطقة الخضراء؟

تفتح هذه المخاوف الباب للتوقّف عند ما يجري من صراع داخل التيار الصدري، الذي يبدو أنّه لا يمرّ في أفضل حالاته، خاصة بعد قرار الاستقالة البرلمانية والانسحاب من الحياة السياسية.

يبدو أنّ الجدل الداخلي والتراشق الكلامي بين صقور قياداته في ما يتّصل بالمسؤولية عمّا انتهى إليه وضع التيار السياسي وداخل السلطة، بات من الصعب على زعيم التيار مقتدى الصدر ونائبه صالح محمد العراقي ضبطهما ومنعهما من التسرّب إلى خارج الدوائر الخاصة والغرف المغلقة.

لم تتوقّف انتقادات قيادات الصفّ الأوّل السياسية في التيار عند سياسات التيار وما آلت إليه أوضاعه السياسية ومشاركته في السلطة، خاصة بعد النتيجة الكبيرة التي حقّقها في الانتخابات البرلمانية وتخلّى عنها نتيجة قرار شخصي غير قابل للنقاش اتّخذه زعيم التيار مقتدى الصدر، والخطوات التي تحوّلت إلى عبء وأخطاء استراتيجية وضعت “التيار” خارج دائرة التأثير وحرمته من القدرة على السيطرة على مفاصل السلطة والحكومة الجديدة وتشكيلها، بل انتقلت إلى تحميل قائد الجناح العسكري، المسؤول العام لسرايا السلام أبي مصطفى المحمداوي، المسؤولية عن الفشل الذي لحق بالتيار نتيجة التقديرات الخاطئة التي قاد بها معركة المنطقة الخضراء وأدّت إلى انعكاس الأمور سلبياً على “التيار” ومشروعه السياسي. وحين وصلت هذه الانتقادات إلى مستوى المطالبة بإقالة المحمداوي، دعا وزير القائد صالح العراقي قيادات “التيار” إلى أن يكون “حل خلافاتكم مو (ليس) بالعام وأمام أنظار العدو قبل الصديق. هناك أكثر من وسيلة لحلّها. إذا القائد عذر الموقف شنو يصير موقف الممتعضين بل المناهضين للمحمداوي؟ والذي يجب أن نراه ثقة القائد الصدر أعزّه الله وأمّنهُ على عشرات الآلاف من أبناء سرايا السلام في ربوع البلاد…”.

إقرأ أيضاً: إيران: العراق يتوسّط للأكراد… والقصف مستمرّ

يشكّل تصاعد الخلافات والصراعات الداخلية وتقاذف المسؤولية داخل التيار الصدري أخطر مخاوف قوى “الإطار التنسيقي” التي تتخوّف من أن تدفع هذه الخلافات “التيار” إلى نقل المعركة إلى خارج صفوفه، بإشعال حركة احتجاج جديدة، أو تصعيد ميداني لقلب الطاولة على الجميع وإعادة خلط الأوراق.

مواضيع ذات صلة

إيران “تصدّر” أوهامها إلى الحزب..

ما يدعو إلى القلق والخوف على لبنان قول نعيم قاسم الأمين العامّ الجديد لـ”الحزب” في خطابه الأخير إنّ “خسارة طريق الإمداد عبر سوريا مجرّد تفصيل”….

“العقبة” تكشف عقبات المشهد السّوريّ

يليق بمدينة العقبة الأردنية الواقعة على ساحل البحر الأحمر والمشهود لها بخصوصيّاتها في استضافة وتنظيم العشرات من المؤتمرات الإقليمية والدولية ذات الطابع السياسي والأمنيّ والاقتصادي،…

سرديّة جديدة: سلاح “الحزب” للحماية من مخالفات السّير؟

.. “عفكرة توقيف سحر غدار هو عيّنة كتير صغيرة، شو رح يصير فينا كشيعة إذا سلّمنا سلاحنا. طول ما سلاحك معك هو الوحيد يلّي بيحميك….

نخبة إسرائيل: خطاب نعيم قاسم “خالٍ من الاستراتيجية”

منذ تعيينه أميناً عامّاً لـ”الحزب” بعد اغتيال سلفه نصرالله، وخليفته السيّد هاشم صفيّ الدين، سيطر الإرباك على خطب الشيخ نعيم قاسم، فتارة حاول تبرير حرب…