لم تعد العلاقة على ما يرام بين حزب الله وجبران باسيل الذي رفض أخيراً، في الجلسة الشهيرة التي جمعته بحليفه حسن نصرالله، دعم سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية. هذا ليس تفصيلاً في حساب الحزب. ثمّ ذهب باسيل بعيداً جدّاً، فالتقى الرئيس نبيه برّي، محاولاً معه التوافق على اسم ثالث للرئاسة، لقطع الطريق على فرنجية.
وهذا أيضاً ليس تفصيلاً في حسابات الحزب عينه، وقد يكون من الكبائر.
هل يبلّغ الحزب باسيل أنّه يُعدّ لتسوية دولية محلّية لإيصال فرنجية إلى الرئاسة، شاء أم أبى باسيل وسواه؟ هذا هو السؤال المطروح اليوم عن الخطوة المقبلة للحزب.
اللجوء إلى برّي
لم تنزل زيارة باسيل لعين التينة برداً وسلاماً على حارة حريك التي يضعها باسيل في الزاوية. لذا يبحث الحزب في كيفيّة خروجه من تلك الزاوية التي وضعه فيها حليفه، وقد يظهر ذلك في الأيام المقبلة.
تشير معلومات “أساس” التي تحدّثت عن خطوة سيقوم بها الحزب تجاه باسيل تتضمّن رسالة واضحة وحاسمة من مسألة انتخاب فرنجية
أصبحت وقائع اللقاء الذي جمع برّي بباسيل شبه معروفة. إنّ نفي المكتب الإعلامي لباسيل أن يكون بادر إلى طلب هذا اللقاء وترتيبه مع كريمة برّي سفيرة لبنان في قطر، ونفيه حصول اللقاء من دون علم حزب الله، لا يقدّمان ولا يؤخّران في مفاعيل الخطوة التي قام بها. ففي المعلومات أنّ باسيل لم ينسّق مضمون الزيارة مع حزب الله، وبعد انتهاء أرسل برّي موفده إلى الأمين العام للحزب ليطلعه على مضمون لقائه باسيل، الذي كان بصدد طرح أسماء على برّي، لكنّ هذا الأخير قطع على طرحه الطريق. ومن يعرف كواليس باسيل يعرف أنّ في جعبته أسماء يريد عرضها، ولا سيّما تلك التي تحظى بدعم بكركي، وأبرزها مدير المخابرات السابق جورج خوري وجهاد أزعور.
استياء حزب الله
عندما نصح برّي باسيل في هذا اللقاء بالعودة إلى حليفه الوحيد السيد نصرالله، لم يبالغ في عبارته هذه. يدرك حزب الله نفسه، المستاء جدّاً من طريقة تعاطي باسيل في الملفّ الرئاسي، ويرفض هجومه على سليمان فرنجية، أنّ باسيل استنزف علاقاته الداخلية لدرجة أن لا حليف له في الداخل سوى الحزب.
يُضاف إلى استيائه من سقف باسيل العالي في التوصيفات التي يطلقها على “العين الثانية للحزب” (أي فرنجية)، استياءُ الحزب أيضاً من العرض الذي قدّمه باسيل في عين التينة، وكأنّه يريد تطويق السيّد نصرالله وإحراجه في الملفّ الرئاسي. وهذا ما لن يقبله للحزب اليوم.
لن يسكت الحزب عن هذا السلوك. سيظهر ذلك في الأيام المقبلة، كما تشير معلومات “أساس” التي تحدّثت عن خطوة سيقوم بها الحزب تجاه باسيل تتضمّن رسالة واضحة وحاسمة من مسألة انتخاب فرنجية. فالحزب لا يزال حتى الساعة يراعي موقف باسيل الرافض لانتخاب فرنجية، لكنّه منزعج من أسلوبه في التعامل مع حرص نصرالله عليه. ولذلك على باسيل أن يدرك جيّداً أنّه لن يستطيع التصعيد كثيراً في وجه الحزب الذي قرأ في تسريب كلام باسيل في باريس رسالة له قبل أيّ طرف آخر.
هل باسيل مستعدّ لتحمّل أعباء مواجهته للحزب، حليفه الأخير؟ لا يُحسد باسيل على موقفه، فالقوى السياسية تعتبر أنّه فَقَد حلفاءه جميعاً ولم يبقَ له سوى حزب الله، وهو اليوم على علاقة سيّئة به، فإلى أيّ مدى يستطيع فرض شروطه الرئاسية بعد اليوم؟
إقرأ أيضاً: على من يقرأ ميقاتي “مزامير فرنجية”؟
ليس بسيطاً أن يعلن باسيل أنّه مرشّح رئاسي في حال لم يعجبه المرشّح الذي يتوافق عليه حلفاؤه. فهو يعتقد أنّ الانتخابات الرئاسية لا يمكن أن تتخطّاه. قد يكون على حقّ بفعل موقف الحزب الواضح تجاهه وتجاه الرئيس عون. لكنّ حسابات الأمس قد تختلف غداً بفعل إرادة الحزب انتخاب رئيس يطمئنّ إليه، وإصراره على فرنجيّة.
هل يذهب الحزب إلى انتخاب فرنجيّة بـ65 صوتاً كما انتُخب برّي رئيساً للمجلس، قافزاً بذلك فوق رغبة الثنائي المسيحي الأقوى باسيل وجعجع؟ هذا هو السؤال الجدّيّ الذي سيُناقش في المقبل من الأيام.
لمتابعة الكاتب على تويتر: josephinedeeb@