بلسان من تحدّث رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي معلناً تأييده ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية؟ وهل طرح تأييد فرنجية على زملائه في نادي رؤساء الحكومة السابقين؟ وما كان موقف الرئيس فؤاد السنيورة وتمام سلام من ذلك؟ ميقاتي ليس بنائب ولا رئيس كتلة نيابية، فهل دخل على خطّ الوساطة لتسويق ترشيح حليفه حيث يستطيع إلى ذلك سبيلاً؟
لم يتردّد ميقاتي في الإعلان عن أمنيته في أن يصل سليمان فرنجية إلى سدّة رئاسة الجمهورية. هو كما شقيقه رجل الأعمال طه ميقاتي لا يفوّتان أيّ فرصة ممكنة لدعمه، فكيف إذا كان وصوله سيصدّ الباب رئاسياً في وجه رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل؟!
لكنّ العالمين بخفايا رئيس حكومة تصريف الأعمال يجزمون أنّ “ميقاتي متأكّد أن لا حظوظ لباسيل في الرئاسة، ويرتاح إلى ذلك، وهو سبق أن تبلّغ بالواسطة أنّ عودته إلى رئاسة الحكومة غير واردة بتاتاً
يرتاح ميقاتي لسليمان فرنجية ويعتبر دعمه للرئاسة منطقياً وواجباً تمليه عليه العلاقة التاريخية. هنا تتقاطع المصالح إلى جانب العلاقة التاريخية بين الرجلين. وإلى هذا وذاك، فإن فرنجية هو مرشّح رئيس مجلس النواب نبيه برّي لذا كان من الطبيعي أن يسعى ميقاتي إلى دعمه، فيشكّلا مجتمعين مع رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط ترويكا برأس ماروني. وميقاتي الذي يتصرّف كوريث لسعد الحريري سياسياً وحكومياً يريحه الحليف الذي خاض وإيّاه الانتخابات على متن لائحة واحدة في عام 2000.
جهود ميقاتي المحلية والإقليمية
حيث يستطيع ميقاتي فإنه سيساعد حليفه فرنجيّة لجهة توفير الغطاء السنّيّ العربي والمحلّي. وهو يسعى منذ فترة إلى جمع كتلة نيابية سنّيّة من حوله، لكنّ العشاء الذي دعا إليه لم يتجاوز عدد النواب الذين حضروه عشرة، وقد تفرّقوا بعده كلٌّ بما يتناسب وحساباته السياسية.
أمّا عربياً فيسعى رئيس حكومة تصريف الأعمال إلى الاستفادة من افتراض “علاقته” مع جامعة الدول العربية لتسويق صديقه المُرشح. وليس معلوماً مدى صحّة المعلومات المتداولة عن أنّ ميقاتي دبّر اجتماعاً بين فرنجية وموفد الجامعة العربية حسام زكي الذي زار لبنان للمشاركة في أعمال ورشة عمل لرؤساء المحاكم العليا للسلطات القضائية العربية التي عُقدت برعاية ميقاتي، وكان هدف الأخير تبنّي الجامعة العربية لترشيح فرنجية وتسويقه عربياً.
يكمل ميقاتي بشتّى الوسائل حربه في مواجهة الوزير السابق جبران باسيل، وقد نجح في قطع الطريق على أيّ تغيير حكومي يعزّز حضورالأخير. كما أنه لا يتردّد في اغتنام الفرصة لقطع الطريق على الطموح الرئاسي لرئيس التيار الوطني الحر، إن استطاع، وإن كان يدرك ضمناً أنّ الناخب الأكبر في لبنان هو كلمة السرّ الخارجية، وهذه لها ظروفها ومعطياتها، ولذلك يبدو صحيحاً أنّ أشخاصاً يمكن أن يساعدوا فرنجية، لكن ضمناً يبدو الأمر أبعد من هذا الاعتبار.
تكشف مصادر معنيّة عن أنّ ميقاتي يضع علاقته مع الفرنسيين في خدمة فرنجية ويزكّي وصوله، لكنّ كلمته ليست بالحجم الذي يجعله لاعباً مرجّحاً في الشأن الرئاسي يمكنه أن يستثمر في مستقبل الرئاسة السياسي، فضلاً عن تراجع التأثير الفرنسي إلى حد كبير.
يرتاح ميقاتي لسليمان فرنجية ويعتبر دعمه للرئاسة منطقياً وواجباً تمليه عليه العلاقة التاريخية. هنا تتقاطع المصالح إلى جانب العلاقة التاريخية بين الرجلين
حظوظ ميقاتي بالعودة للحكومة؟
في المبدأ، يشكّل فرنجية حاجة ضرورية لبقاء ميقاتي على قيد الحياة الحكومية، الرجل وإن كان لا يتوقّف عن تكرار القول أمام زائريه إنّه لن يكون رئيس حكومة مجدّداً، وإنّه بصدد أخذ قسط من الراحة والتفرّغ لأشغاله في المستقبل، إلا أنّ غياب الحريري سيكون عاملاً مساعداً، ولا سيّما في ظلّ السعي إلى إعادة إحياء الترويكا السياسية القديمة بحيث يحلّ سليمان محلّ الياس الهراوي ويتمرّس ميقاتي في رئاسة الحكومة.
لكنّ العالمين بخفايا رئيس حكومة تصريف الأعمال يجزمون أنّ “ميقاتي متأكّد أن لا حظوظ لباسيل في الرئاسة، ويرتاح إلى ذلك، وهو سبق أن تبلّغ بالواسطة أنّ عودته إلى رئاسة الحكومة غير واردة بتاتاً، والأهمّ أن لا مونة لديه على أيّ جهة دولية، عربية كانت أو غربية، ولنفترض أنّه يسعى مع مصر، فهل يمكن لمصر أن تحلّق بعيداً عن رغبة السعودية ومن دون التنسيق معها؟” ولمن؟ لصالح ميقاتي.
وإذا كان فرنجية يسعى إلى اعتراف سعوديّ علنيّ بترشيحه ولا يوفّر فرصة لإظهار حجم علاقة عائلته التاريخية مع المملكة، لكنّ الدعم السعودي لا يزال محجوباً عنه ولا يستطيع ميقاتي خدمته في هذا الملف وإلا كان الأولى أن يخدم نفسه، ومصر ليست قادرة على حسم مسألة دعم الرئيس في لبنان وحدها دون السعودية. لذلك لا يزال ترشيح فرنجية يصطدم بعدّة عقبات، أولاها والأهمّ الصمت السعودي الثقيل على الرغم من كلّ محاولاته ومحاولات المقرّبين منه في هذا المجال.
إقرأ أيضاً: قطر خارج الصفقة: الكلمة لـ “توتال”
لا يعدّل جهد ميقاتي في حظوظ فرنجية ولا يغيّر مجرى الأوضاع، لكنّ المؤكّد أنّ مثل هذا الجهد قد يكون بمنزلة ردّ جميل لبرّي وتسليفة لحزب الله ولفرنجية نفسه، الذي يساهم مرات عدّة في اصلاح ذات البين بين بشار الأسد والأخوين ميقاتي، وربّما تبدأ الحكاية الجديدة من هنا، فتأييد فرنجية ووصوله إلى سدّة الرئاسة، وهو الحليف والصديق الصدوق للرئيس السوري، قد يعيد ميقاتي مجدّداً إلى العرين السابق. من يدري؟