حتّى اليوم لا توجد إحصاءات محدّدة بشأن عدد الضحايا الذين قضوا غرقاً في رحلات الموت انطلاقاً من مدينة طرابلس. إلّا أنّه في غضون 3 أشهر فقط (نيسان وآب وأيلول من هذا العام)، مات أكثر من 100 شخص غرقاً، وحتّى الآن العشرات هم في عداد المفقودين، وفق الصليب الأحمر اللبناني.
هذا الواقع دفع المخرج وسيم عرابي إلى إخراج فيلم قصير بعنوان “طرابلس 06” الذي عكس أصداء كبيرة لأنّه يحاكي الواقع المرير الذي يعيشه أهالي مدينة طرابلس بكل تفاصيله، التي التقطتها كاميرا المخرج المبدع وسيم عرابي.
فيلم “طرابلس 06” سيكون له مشاركة في مهرجانات دوليّة عدة بحسب المخرج عرابي، ويرشحه نُقادٌ ليحصد الكثير من الجوائز، لما تضمنه من قصص تعبّر عن واقع أهالي مدينة طرابلس. وما يحعل من الفيلم ذي أهمية هو عين المخرج وسيم عرابي، وهو واحد من المخرجين الذين يهتمّون بالتفاصيل ويجعلك تتفاعل مع الحدث كأنّك تعيشه.
الفيلم من بطولة الممثّل سلطان ديب، والممثّلة المسرحيّة نور صابون، ومشاركة كلّ من الممثّلين شادي عرداتي، نزيه قمر الدين، سليم جوهر، مجد العمر، عمر المصري وغيرهم. حرفية تمثيلهم أثبتت كفاءتهم كما برهنت جدارة المخرج في صياغة الأدوار ما جعل من رسالة الفيلم سهلة الوصول. كانوا أدوات المخرج في وصول الرسالة التي حملها هذا الفيلم. وقد أحسن اختيارهم.
قصة الفيلم تتناول واقع المدينة، حيث الأوضاع المعيشية والاجتماعية لغالبيّة سكّانها مزرية للغاية ما دفعهم إلى التفكير في الهجرة غير الشرعية. ويُظهر الفيلم في الوقت نفسه النتائج الكارثية لتلك المغامرة أو المخاطرة عبر مراكب أو رحلات الموت.
ينقل لنا إبداع المخرج فكرة القصّة من خلال حبكة درامية تحاكي تلك الموجة الخطيرة التي تشهدها مدينة طرابلس، في إطار صرخة في وجه تلك المأساة، وسعياً إلى الدفع نحو الحدّ من تلك الظاهرة والحثّ على إيجاد الحلول.
رفاعي: الفيلم حمل عدّة رسائل عن طرابلس
قال المنتج التنفيذي لفيلم “طرابلس 06″ نبيل رفاعي لـ”أساس”: “العرض تمّ على مسرح الرابطة الثقافية بتاريخ 15/10/2022، وأصبح متاحاً أيضاً للمشاهدة على “يوتيوب”. كانت الفكرة لدى المخرج وسيم عرابي هي الإضاءة على قضيّة باتت سبباً في إزهاق أرواح الكثير من المواطنين، والفيلم قصّة مقتبسة من قصص حزينة عاشتها مدينة طرابلس”.
وتابع رفاعي : “كنّا نتمنّى لو أنّنا أضأنا على جوانب أكثر إيجابية في طرابلس، بيد أنّ الظرف الراهن يستوجب منّا الإشارة إلى ظاهرة خطيرة متفشّية في المجتمع بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة التي نعيشها، وهي اندفاع الكثير من الشباب إلى “ركوب البحر” بحثاً عن فرصة للعيش بكرامة”.
وأضاف: “تمكّن الفيلم من إيصال عدّة رسائل تتعلّق بالمدينة:
ـ أولها الواقع الصعب الذي تعيشه الطبقة الكادحة التي لا يمكنها تحصيل قوتها اليوميّ، ومنها بائع الكعك الذي اختار الهجرة ودفع ثمناً باهظاً هو وعائلته التي غرقت في البحر وتشرّد طفلان من أبنائه.
إقرأ أيضاً: معرض “ألو بيروت”: ركام أزمنة التباهي والتشاوف والإفلاس
ـ ثاني رسالة هي عن تعاضد أبناء المدينة إذ قام صاحب مطعم باحتضان أحد أبناء الغريق والتكفّل بتعليمه.
الهم الفني بالنسبة للمخرج والمنتج يتركز على لفت الانتباه لواقع طرابلس بما هي عاصمة ثانية للبنان لكنها من أفقر مدن العالم على المتوسط.