ضجّت وسائل التواصل الاجتماعي يوم الاثنين الفائت بحملات استنكار قرار وقعه وزير التربية والتعليم العالي في حكومة تصريف الأعمال عباس الحلبي يقضي بفصل رئيسة لجنة متعاقدي التعليم الأساسي الرسمي في لبنان نسرين شاهين وإلغاء التعاقد معها بعد 11 سنة من عملها الفاعل في اللجنة. وإلى جانب استنكار قرار الوزير برزت حملة تضامن مع شاهين.
دوافع القرار
ما هي دوافع وخلفيّات هذا القرار؟ هل الأمر انتقام من شاهين المعروفة بدفاعها عن حقوق المدرسين وكشفها ملفّات الفساد في الوزارة في كثرة من مقابلاتها التلفزيونية؟
حصل “أساس” على معلومات تفيد أن نسرين شاهين تلقت اتصالاً هاتفياً من مدير مدرسة شكيب أرسلان الرسمية علي خطّاب أخبرها فيه بضرورة حضورها إلى المدرسة لتسلّم القرار الصادر عن وزارة التربية، والذي طلب فيه الحلبي من إدارة المدرسة عدم تجديد التعاقد معها للعام 2022-2023 وللأعوام التالية بسبب عدم الحاجة إلى خدماتها التربوية.
اعتبرت لجان نقابة التعليم أنّ “قرار الوزير يحمل الكثير من التساؤلات، وليس من المنصف أبداً أن يعتبر الوزير أنّه لم يعد بحاجة إلى خدمات السيدة شاهين التربوية
وقالت شاهين لـ”أساس”: “اليوم نسرين شاهين، وغداً أنتم زملائي المتعاقدون. الوزير رفض استقبالي في الآونة الأخيرة في وزارة التربية، بسبب مطالبتي المستمرّة بحقوق المعلّمين المتعاقدين وزيادة أجورهم، وبسبب إطلالاتي الإعلامية التي تكلّمت فيها عن الفساد المستشري في وزارة التربية. وقرّر عدم دعوتي إلى لقائه الأخير مع الروابط التعليمية، يوم الأربعاء الفائت، لأسباب غير معروفة”.
فضائح مالية؟
واعتبرت شاهين أنّ أسباب قرار الوزير بطردها أتى لعدّة أسباب. فهي طالبته بتفعيل منصّة واضحة وشفّافة تتيح معرفة الأموال المقدّمة للطلاب اللاجئين في لبنان من الدول المانحة، وتكشف طريقة توزيعها. والسبب الثاني أنّها طلبت منه توضيحاً حول موضوع المساعدة المالية التي وصلت من اليونيسيف للأساتذة، وبلغت 37 مليون دولار أميركي، والتي أكّد حينها الوزير، حسب شاهين، أنّها قُسّمت على كلّ الأساتذة، فحصل كلّ واحد منهم على 90$، إلا أنّها أكّدت له أنّ أكثر من 3 آلاف أستاذ لم يتلقَّوا هذه المساعدة الماليّة. أمّا المشكلة الأخيرة، التي تعتقد أنّها كانت السبب الأساسي في هذا القرار، فهي اعتراضها على زيادة مبلغ 871 ألف ليرة على أقساط التعليم الثانوي، بعد تأكيد الوزير وصول مساعدات بلغت 30 مليون دولار إلى صناديق المدارس الرسمية.
واعتبرت شاهين أنّ مشاركتها المستمرّة في وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام والساحات، ومطالبتها بحقوق كلّ الأساتذة، باتتا تزعجان الوزير. ولم تجد أيّ أسباب أخرى، ولا تعتقد أنّ هذا القرار يحتاج إلى توضيح. فالأمور بدت اليوم على حقيقتها. ولفتت إلى أنّها لن تتواصل مع وزارة التربية، لكنّها ستتابع هذا الموضوع من خلال القضاء.
حاول “أساس” التواصل مع المدير العام لوزارة التربية عماد الأشقر للحصول على توضيح، إلا أنّه لم يحصل على أيّ إجابة، فيما الصمت سيّد الموقف حتى اللحظة
وعود إعلامية
وأشارت إلى أنّه بعد عام مليء بالهالات الإعلامية والوعود بدفع حقوق الأساتذة المتعاقدين والمستعان بهم في المدارس الرسمية، في حين أنّ مستحقّات وبدل نقل وعقداً كاملاً ونصف الحوافز لم تُدفع. أطلّ الوزير عباس الحلبي بوعود جديدة للعام الدراسي 2022-2023، ومنها أنّه سوف يدفع متأخّرات وبدل نقل وعقداً كاملاً، لكنّه لم يذكر شيئاً عن الدفع الشهري المنظّم، إذ إنّ الأساتذة عادة ما ينتظرون شهوراً ليقبضوا رواتبهم. أمّا الجديد فهو تحديد أجر الساعة بـ100 ألف، إضافة إلى 130$ شهرياً تمّ إغراء الأساتذة بها للعودة إلى التعليم. عاد الأساتذة اليوم إلى المدارس، لكن عليهم أن يدرّسوا 6 أشهر من دون أن يقبضوا رواتبهم، لأنّ الراتب الأوّل الذي سيحصلون عليه سيكون في شهر آذار.
في المقابل، حاول “أساس” التواصل مع المدير العام لوزارة التربية عماد الأشقر للحصول على توضيح، إلا أنّه لم يحصل على أيّ إجابة، فيما الصمت سيّد الموقف حتى اللحظة.
إجراءات قانونيّة
من جهته، المحامي رفيق غريزي، وهو وكيل نسرين شاهين، أصدر بياناً أكّد فيه أنّه سيباشر أوّل الإجراءات القانونية الذي سيكون وفق خطوات متعدّدة. الخطوة الأولى إرسال بيانٍ رسميّ إلى الوزير لتوضيح هذا القرار والتراجع عنه. وتبعاً لردّ الوزارة على البيان، ستكون الإجراءات المقبلة، و”سنتّجه إلى إجراءات قانونية بسبب الطرد التعسّفي، وسنستعين أيضاً بالضغط السياسي من خلال مجموعة من النواب الذين سيتعاونون معنا في طلب التوضيح من الوزير ومساءلته. وسنلجأ طبعاً إلى وسائل الإعلام للضغط الشعبي على هذا القرار”.
كما أعلنت اللجنة الفاعلة للأساتذة المتعاقدين في التعليم الأساسي في بيان لها أنّ “نسرين شاهين أوكلت 22 محامياً ومحامية، وقد باشروا بالاجراءات القانونية للطعن بقرار الوزير أمام مجلس شورى الدولة. وأكدوا هم و 43 محامياً داعماً، ومسانداً، أنّ القرار سيتخذ حكم وقف التنفيذ بأسرع وقت، لأنه غير قانوني”.
إقرأ أيضاً: ركام الملاهي الليليّة: معرض بيروتي للحنين والأسئلة الصعبة
تحرّكات نقابيّة
نُظّمت وقفات استنكار أمام وزارة التربية تضامناً مع نسرين شاهين، واعتراضاً على قرار الوزير، إذ اعتبرت لجان نقابة التعليم أنّ “قرار الوزير يحمل الكثير من التساؤلات، وليس من المنصف أبداً أن يعتبر الوزير أنّه لم يعد بحاجة إلى خدمات السيدة شاهين التربوية. وما حصل يوحي بأنّ حرّية العمل النقابي اليوم في خطر، وأنّنا أمام سياسة ونهج جديدين في كمّ أفواه الأساتذة لإجبارهم على العودة إلى التعليم وعدم المطالبة بحقوقهم”. وأكّدت اللجان أنّها ستلجأ إلى تحرّكات حاشدة على الأرض خلال الأيّام المقبلة.