نقلت مصادر موثوقة أنّ النائب جبران باسيل خلال زيارته دار الفتوى نهار الثلاثاء الفائت، بادر مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان بالقول: “سماحة المفتي قل للرئيس سعد الحريري أنا أحبّه وأتمنّى عودته لرئاسة الحكومة..”.
السكين والشتيمة
جعل جبران باسيل إسقاط سعد الحريري وإخراجه من الحياة السياسية هدفاً له منذ تقديم الرئيس الحريري استقالة حكومته في 29 تشرين الأوّل 2019 بعد اندلاع ثورة 17 تشرين من العام نفسه. رأى صهر العهد أنّ هذه الاستقالة بمنزلة السكّين التي طُعنه بها حليفه في الحكومة، فيما كان نشيد الثورة والناس الغاضبين في حينه تلك الشتيمة لشخص باسيل وحده دون سواه من السياسيّين، وإن كان الشعار العامّ للثورة: “كلّن يعني كلّن”.
بعد فشل مصطفى أديب في تشكيل الحكومة، أعلن الرئيس سعد الحريري أنّه مرشّح طبيعي للعودة إلى السرايا الكبيرة. وعندما سُمِّي انقضّ عليه باسيل مستشرساً: “إمّا معاً داخل الحكومة أو معاً خارجها”. وتُرك الرئيس الحريري وحيداً في مواجهة باسيل وسط صمت حليفَيْه الأخيرين المطبق: حزب الله وحركة أمل. فانتهى الحريري إلى ما انتهى إليه.
من المؤكّد أنّ جبران باسيل صهر العهد ورئيس للتيّار الوطنيّ الحرّ ولكتلة نيابية كبيرة، لكن من المؤكّد جدّاً أنّه “مهرّج” الجمهورية الذي ينفخ في الأشياء السلبيّة لأجل الظهور والشهرة
الصهر ودلّوع الحزب
يعتقد باسيل أنّه قادر على مخاصمة الجميع متى أراد، وقادر على المصالحة والتحالف مع الجميع متى أراد. هكذا تعود. والأصحّ هذا ما مكّنه منه حزب الله حليفه الأول والأخير، الدائم وطوال تلك السنوات.
يشتم الرئيس نبيه برّي واصفاً إيّاه بالبلطجي بالصوت والصورة، ثمّ ينزل إلى قصر عين التينة بعد أسبوع مؤكّداً التحالف معه. يتباهى بخروج الرئيس سعد الحريري من لبنان بعد إسقاط حكومته في 12 كانون الأول 2011 واستبدالها بحكومة القمصان السود برئاسة نجيب ميقاتي. ثمّ يعقد مع الحريري تسوية رئاسية ويسبقها بزيارة منزله في الرياض حيث يتسلّق الدرّاجة الناريّة الخاصّة بالشيخ سعد ملتقطاً الصور وموزّعاً الابتسامات. عقد اتفاقاً مع القوات اللبنانية، ثمّ انقلب عليه، ويغازل معراب اليوم من جديد.
توجّه باسيل إلى دار الفتوى الثلاثاء الفائت، ليس إكراماً لعيون المفتي دريان، ولا لسُنّة لبنان، بل “نكايةً” بحليفه “الثنائي الشيعي” حزب الله وحركة أمل. وقد استبق زيارته بالتصريح قائلاً إن السيّد حسن نصر الله لا يمون عليه في انتخاب سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية.
وقال باسيل عند خروجه من اللقاء بالمفتي دريان، أمام الإعلاميين المحتشدين في دار الفتوى: “متمسّكون بالدستور ووثيقة الوفاق الوطني، اتفاق الطائف”. وقال بعد سنتين، وتحديداً في 13 تشرين الأول من قوله 2020 في ذكرى هروب عمّه من قصر بعبدا: “لا إمكانية للعيش والاستمرار مع هذا الدستور النتن والعفن الذي أتانا بالدبّابة”.
أقوال في المهرجين
رجل التناقضات والمتناقضات هو جبران باسيل، وأشبه بوجه “مهرّج” رُسمت عليه دمعة تسقط من عينين حزينتين، فيما رُسمت أسفلها ابتسامة عريضة على فمه.
قال المحاضر في جامعة “ديربي” البريطانية الدكتور فرانسيس ماراتوس ردّاً على سؤال “لماذا يخاف الناس من المهرّجين؟”: “أحد أسباب الخوف من المهرّجين هو حقيقة أنّ الناس يدركون أنّهم يجب أن يكونوا مثل البشر، لكنّهم في الواقع لا يبدون على ما يرام”. وعلّق عالم السيكولوجيا الأميركي بيتر لودفيغ برغر على عمل المهرّج قائلاً: “يظهر أنّه من الجدير بالتصديق أنّ الحماقة والحمقى مثل الدين والسحر، يقابِلون احتياجات متجذّرة جدّاً في المجتمع الإنساني”. أمّا عامّة الناس فيعرّفون المهرّج بالقول إنّه “مَن يقوم بأعمال من قبيل العبث كمن يقوم بالنفخ في الأشياء أو الأمور التي تعدّ أموراً سلبيّة لأجل الظهور والشهرة”.
إقرأ أيضاً: برّي يُحرج الجميع وجبران يبتزّ الحزب
من المؤكّد أنّ جبران باسيل صهر العهد ورئيس للتيّار الوطنيّ الحرّ ولكتلة نيابية كبيرة، لكن من المؤكّد جدّاً أنّه “مهرّج” الجمهورية الذي ينفخ في الأشياء السلبيّة لأجل الظهور والشهرة.