يبدو أنّ نهاية شهر أيلول الحالي وبداية تشرين المقبل، الذي يختتم فيه العهد مسيرة سنواتة الست الصاخبة، تحملان استحقاقين أساسيّين يمكن أن يؤسّسا لفراغ رئاسي لا أحد يدرك مداه بعد.
تقود كلّ المؤشّرات إلى أنّ عودة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي من نيويورك ستحمل معها تشكيلة حكومية يتوجّه بها إلى بعبدا. هناك يفترض أن يكون حزب الله قد دخل على الخطّ بقوّة وضغط ليفرج تقاطع بعبدا – ميرنا الشالوحي عن حكومة تحظى بثقة مجلس النواب الجديد.
وتقود المؤشّرات أيضاً إلى أنّ ملفّ الترسيم وصل إلى خواتيمه، على أن لا ينتظر الأميركيون والإسرائيليون الانتخابات الإسرائيلية لأنّها قد تطيح به.
تعديلات حكومية.. والغريب
بدءاً من الحكومة تشير المعلومات إلى أنّ حزب الله نجح في مسعاه إلى إقناع حليفه المسيحي بالسير بالحكومة من دون إضافة ستّة وزراء، بل الاكتفاء ببعض التعديلات. تتركّز التعديلات المطروحة على تعيين رئيس الجمهورية اسماً آخر بدل وزيرة الدولة لشؤون التنمية الإدارية نجلا الرياشي، وتعيين ياسين جابر وزيراً للمال مكان يوسف الخليل الذي لم يعد يريد منصبه، وتعيين وزير من تكتّل عكار بدل وزير الاقتصاد أمين سلام من دون حسم هذه النقطة حتى الساعة، وتعيين وزير درزيّ بدل وزير المهجّرين عصام شرف الدين.
بانتظار حسم الملفّ الحكومي، المتوقّع أن يكون لبنان في الأيام المقبلة على موعد مع التوقيع على ترسيم الحدود مع إسرائيل وسط تكتّم على الصيغة النهائية للاتّفاق حتى الساعة
وفي المعلومات أنّ الرئيس عون عندما سأله ميقاتي عن الاسم الدرزيّ أجاب من دون العودة إلى أحد بتسمية صالح الغريب الذي تربطه علاقة ممتازة بالرئيس عون منذ أن كان وزيراً سابقاً. ويعود تبديل الاسم في وزارة المهجّرين إلى خلاف شخصي بين الوزير الحالي عصام شرف الدين وميقاتي، فجرى الاتّفاق على الإتيان بوزير مقرّب من رئيس الحزب الديمقراطي طلال أرسلان وغير مستفزّ لوليد جنبلاط. وقد ووجِه طرح عون تعيين صالح الغريب باعتراضين، أوّلهما من الحزب التقدّمي الاشتراكي والثاني من رئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل. فاجأ اعتراض باسيل كثيرين بناء على أنّ حلفاً يجمع الرجلين. غير أنّ المعلومات تشير إلى أنّ الغريب اجتمع مع باسيل منذ حوالي أسبوعين وجرى الحديث في مسألة التوزير فكان جواب الغريب أنّه يفضّل أن يبتعد عن الحكومة وأن يعمل على خطاب سياسي مختلف.
لا ينفي كلام الغريب هذا أنّ باسيل يبحث عن وزراء يسهل التعامل معهم، وليست هذه هي الحال بين باسيل والغريب، على الرغم من وقوف الأخير مدافعاً شرساً عن باسيل في حادثة قبرشمون وسقوط مرافقيه ضحايا في تلك الحادثة التي لم تُقفل حتّى يومنا هذا.
الفراغ ونفوذ باسيل
يوحي التفاؤل الحكومي بأنّ اللمسات الأخيرة توضع على التشكيلة الحكومية، لكن البعض يراه مبالغاً به، لأنّ الشياطين تكمن في اللحظات الأخيرة، ولا سيّما أنّ المعلوم عن باسيل عدم تسليمه بسهولة. فهو الخارج من عهد عون إلى مرحلة أخرى، وإن اقتنع من حزب الله بعدم المطالبة بإضافة ستّة وزراء، فسيعود لمناقشة أسماء الوزراء المسيحيّين.
هذا الكلام يرافقه طرحٌ بدأ في الكواليس السياسية يتعلّق بعدم ولاء الوزراء جورج كلّاس ووليد نصّار وسعادة الشامي لفريق رئيس الجمهورية. وبالتالي إذا كانت الجهود المبذولة لتشكيل حكومة قبل نهاية العهد تنذر بفراغ طويل، فإنّ باسيل يريد أن يضمن وجوده بأكبر عدد من الوزراء المسيحيين في الحكومة لضمان نفوذه في مرحلة الفراغ. وفي هذه الحال يقول بعض المطّلعين إنّ الأمور ستعود إلى التعقيد.
واقع الترسيم
بانتظار حسم الملفّ الحكومي، المتوقّع أن يكون لبنان في الأيام المقبلة على موعد مع التوقيع على ترسيم الحدود مع إسرائيل وسط تكتّم على الصيغة النهائية للاتّفاق حتى الساعة.
إقرأ أيضاً: نهار طبيعيّ بمغادرتك القصر فخامة الرئيس..
المعلوم أنّ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي التقى الوسيط الأميركي آموس هوكستين في نيويورك، حيث ناقش ميقاتي الموقف اللبناني من المطلب الإسرائيلي باعتماد العوّامات. تزامناً كان رئيس الجمهورية ميشال عون يبشّر اللبنانيين بأنّ الملفّ وصل إلى نهايته.
في الأيام المقبلة، قبل خروج عون من بعبدا، سيوقّع لبنان وإسرائيل على ترسيم حدودهما البحريّة. وهذا توقيع يريده حزب الله أكثر من أيّ فريق آخر لأسبابٍ يأتي الكلامُ عنها في وقت لاحق.