عون سيغادر بعبدا: خوف رئاسيّ من فوضى أمنيّة!

مدة القراءة 5 د

تزخر أجندة استقبالات رئيس الجمهورية ميشال عون يوميّاً تقريباً بلقاءات مع ناشطين ومسؤولي مناطق وقيادات في التيار الوطني الحرّ، يقيّم عون من خلالها تجربته الرئاسية التي، كما يقول، “اجتمع الكلّ ضدّي لإفشالها ومحاصرتي بما في ذلك قوى الخارج”.

يحصل ذلك في ظلّ قرارات بالطرد الجماعيّ من صفوف التيّار، يطال نوّاباً وقيادات ارتأى باسيل استبعادها في الأسابيع الأخيرة من الولاية الرئاسية وليس بعدها، للإيحاء بوجود غطاء ومباركة من “الجنرال” المؤسّس للتطهير الحزبي. وهي في الواقع بمنزلة رسالة مباشرة و”دَرس” لنوّاب آخرين باتوا على مسافة فاصلة واضحة من رئيس التيار، ويتعزّز الاعتقاد بأنّهم قد يغادرون تكتّل لبنان القويّ بعد انتهاء ولاية عون الرئاسية.

يجزم مصدر مُطّلع لـ “أساس” أنّ “عون يأخذ بالحسبان موقف المجتمع الدولي حيال احتمال بقائه في بعبدا في ظلّ وجود حظر فرنسي – أميركي – خليجي على خيار كهذا

وصايا الجنرال الأخيرة

آخر علامات الاستياء الحزبي الداخلي من أداء باسيل رفض الأخير تبنّي ترشيح أحد النواب الموارنة ضمن التكتّل لرئاسة الجمهورية، في ظلّ استحالة التوافق على اسمه، مفضّلاً المناورة عبر طرح اقتراح التوافق مع سمير جعجع أو سليمان فرنجية على مرشّح تسوية فيما يعلم أنّ مطلبه مرفوض سلفاً.

يحمّل عون أيضاً زوّاره من “شباب التيّار” ما يشبه “الوصايا” بالالتزام بتعليمات وتوجّهات رئيس التيار جبران باسيل “الذي تعرّض بدوره لشيطنة منظّمة واغتيال معنوي لم يتعرّض له أيّ مسؤول سياسي في تاريخ لبنان”، على حدّ تعبير عون.

إعلاميّاً تحدِّد رئاسة الجمهورية مواعيد للالتقاء بصحافيين يحاول عون من خلالهم توجيه رسائل مع علامات استفهام مقصودة عن قراره النهائي في حال الفشل في انتخاب رئيس جمهورية وتأليف حكومة قبل 31 تشرين الأول المقبل. وفوق ذلك يكشف عن خوفه من أيّ عمل أمنيّ قد يُدخل لبنان في فوضى حقيقية تبيح المحظورات.

في أحاديث إعلامية قال عون حرفيّاً: “إذا أصرّوا على أن “يزركوني”، فهناك علامة استفهام تحيط بخطوتي التالية وبالقرار الذي سأتّخذه عندها”، مؤكّداً: “لن أقف مكتوف الأيدي في حال وجود مؤامرة وانقلاب على النظام والدولة والرئاسة والدستور. ومن مؤشّرات ذلك حتى الآن تعطيل تأليف الحكومة والجزم بحصول الفراغ الرئاسي. قلت مراراً إنّني سأترك قصر بعبدا في اليوم الأخير. أزيد الآن: سأترك القصر إذا كان يوماً طبيعياً لا أحد يضمر فيه شرّاً”.

شعب الجنرال يتهيأ

في الساعات الماضية أثار موقف عون موجة من ردود فعل عزّزت الاعتقاد باحتمال عدم مغادرته قصر بعبدا، خصوصاً أنّ باسيل طرح أخيراً معادلة “الفوضى الدستورية تقابلها فوضى دستورية”.

مع ذلك، تجزم المعطيات أنّ عون سيغادر نهائياً قصر بعبدا بعد ظهر 31 تشرين الأول الذي يصادف يوم إثنين. سيحصل ذلك وفق أسلوب ميشال سليمان وليس إميل لحود الذي غادر ليلاً القصر الجمهوري في الدقائق الأخيرة التي سبقت انتهاء ولايته الرئاسية الممدّدة.

يشير مصدر مُطّلع لـ “أساس” إلى أنّ عون ما يزال يتمسّك بصيغة الثلاثين وزيراً، أي إضافة ستّة وزراء إلى تركيبة الـ 24، ويكون لعون وبرّي وحزب الله حقّ تسمية أربعة وزراء من أصل ستّة، وميقاتي يسمّي وزيرين

ينهمك محازبو التيار في الاستعدادات العملانية للاحتفاء الشعبي بـ”جنرالهم” المتقاعد من الرئاسة، مع العلم أنّ في داخل التيار رأياً يفضّل أن يترك الرئيس في 30 تشرين الأول الذي يصادف يوم أحد، من أجل توفير حشد شعبي كبير لمؤيّديه في لحظة المغادرة من قصر بعبدا إلى فيلا الرابية. هذا، ويوم 30 تشرين الأول هو المتمّم لولاية رئاسية من ستّ سنوات، وليس 31 تشرين.

يقول مطّلعون إنّ عون يستخدم ورقة “مواجهة المؤامرة”، كما سمّاها، وهي قد تُترجم من خلال بقائه في بعبدا لسببين أساسيَّيْن:

– الاستثمار الشعبوي في الشارع المسيحي في مواجهة معطّلي تأليف الحكومة، وعلى رأسهم نبيه برّي ونجيب ميقاتي. وهو استثمار يُجيَّر تلقائيّاً في رصيد باسيل الساعي إلى تعويم نفسه مسيحيّاً ووطنيّاً.

– ابتزاز حزب الله أو الضغط على حليفه الشيعي للعب دور في تسهيل ولادة الحكومة الثلاثينية وإقناع برّي وميقاتي بها.

هاجسا الحكومة والقصر

يشير مصدر مُطّلع لـ “أساس” إلى أنّ عون ما يزال يتمسّك بصيغة الثلاثين وزيراً، أي إضافة ستّة وزراء إلى تركيبة الـ 24، ويكون لعون وبرّي وحزب الله حقّ تسمية أربعة وزراء من أصل ستّة، وميقاتي يسمّي وزيرين.

يجزم المصدر أنّ “عون يأخذ بالحسبان موقف المجتمع الدولي حيال احتمال بقائه في بعبدا في ظلّ وجود حظر فرنسي – أميركي – خليجي على خيار كهذا. لذلك أفضل المخارج بذل الجهد لتأليف حكومة”، مؤكّداً أنّ “حزب الله ما يزال الناشط الأكبر على هذا الخط، إضافة إلى اللواء عباس إبراهيم”.  

يُقابل هذا المشهد، وفي ظلّ الفراغ الرئاسي الهائل على مستوى الأسماء المُعلنة، مسعى من نوّاب قوى التغيير بالتنسيق مع أحزاب المعارضة للتوصّل إلى اسم تخوض من خلاله هذه القوى معركة انتخاب رئيس الجمهورية، الذي يبقى مفتاح الدعوة إلى جلسة انتخابه بيد الرئيس برّي وحده.

إقرأ أيضاً: باسيل يخوض معركة العهد الأخيرة.. وحيداً

البارز في جولة نواب التغيير هي اللقاءات التي جمعتهم أمس مع النائب باسيل ثمّ الرئيس برّي وحزب الله والنائب جميل السيّد منفرداً.

وفق المعلومات أعاد نواب التغيير طرح مقاربتهم الرئاسية التي سبق أن أعلنوها أمام المرجعيّات السياسية، فيما كان بارزاً تكرار باسيل أمامهم “شرط” تمتّع المرشّح للرئاسة بحيثيّة مسيحية ووطنية واطّلاع كافٍ على الملفّ المالي والاقتصادي، مع “نصيحة” باسيليّة بعدم الرهان على الخارج في استحقاق يجب أن يكون داخليّاً محضاً، معيداً التذكير بتجربة انتخاب ميشال عون عام 2016.

مواضيع ذات صلة

مشاورات “الأعياد”: لا 65 صوتاً لأيّ مرشّح بعد!

تَجزم مصادر نيابية لموقع “أساس” بأنّ المشاورات الرئاسية في شأن جلسة التاسع من كانون الثاني قد تخفّ وتيرتها خلال فترة الأعياد، لكنّها لن تتوقّف، وقد…

السّيناريو البديل عن الانتخاب: تطيير الجلسة تحضيراً لرئاسة ترامب!

في حين يترقّب الجميع جلسة التاسع من كانون الثاني، يحتلّ عنوانان أساسيّان المشهد السياسي: من هو الرئيس المقبل؟ وهل يحتاج موظّفو الفئة الأولى، كقائد الجيش…

1701 “بضاعة” منتهية الصّلاحيّة؟

لا شكّ أنّ ما يراه المسؤولون الإسرائيليون “فرصة لا تتكرّر إلّا كلّ مئة عام” في سوريا تتيح، بعد سقوط نظام بشار الأسد، اقتطاع منطقة من…

الثنائي وترشيح عون: سوياً ضده… أو معه

كعادته، وعلى طريقته، خلط وليد جنبلاط الأوراق عبر رمي قنبلة ترشيحه قائد الجيش العماد جوزف عون لرئاسة الجمهورية، ليحرّك مياه الرئاسة الراكدة. قبيل عودته إلى…