شيرين أبو عاقلة… هنيئاً لكِ العروج والحياة وكلّنا أموات!

مدة القراءة 3 د

هنا القضيّة والمحور!

هنا تعرج الأرواح فور سقوطها إلى عرش الرب، لا تسكن القبور كباقي الأموات، ولا تنتظر القيامة!

فهنا القدس والحياة والرجاء!

هنا الموت حياة!

هنا فلسطين!

هنا ارتقت شيرين أبو عاقلة شهيدة، وسارت في زفاف ملكيّ نحو الفوز الأكيد، وفي عرسها اختلطت الدموع بالزغاريد لتلخّص كلّ الحكاية، حكاية جهاد العروس المُغتصَبة “فلسطين”!!

هولٌ وويلٌ وصريخ وعويل…

رصاصٌ منهمر، دماءٌ تتفجّر، بطش، وبأس شديد…

كلّها لم تثنِها طوال أكثر من عشرين عاماً عن الوقوف في وسط الدمار لتنقل صوت الحقّ وصوت الإجرام، صوت الشهداء وبطش الصهاينة، صمود الأمّهات، وتضعضع الجنود ليرى العالم أجمع أنّ فلسطين لا تزال قويّة، تنبض بدماء الشهداء وتناضل لأجل الحرّيّة.

اختارت الصحافة كي تكون قريبة من الإنسان، قالتها بالفم الملآن: “ليس سهلاً ربّما أن أغيّر الواقع، لكنّني على الأقلّ كنت قادرة على إيصال ذلك الصوت إلى العالم… أنا شيرين أبو عاقلة”!

الفلسطينية المشرقيّة وقفت في الصفوف الأماميّة طواعية. نقلت حكاية وطن نصفه لاجئ ونصفه شهيد، وفيه الباقي ينتظر…

لم ترتعب يوماً من فوهات البنادق، ولا من بطش العدوّ. ثبتت في مواجهة الموت أثناء تغطية أحداث الانتفاضة الفلسطينية التي بدأت في عام 2000، والاجتياح الإسرائيلي لمخيّم جنين وطولكرم عام 2002، والغارات والعمليات العسكرية الإسرائيلية المختلفة التي تعرّض لها قطاع غزة وغيره، لتسمو على الحياة بحبّها لفلسطين، بعشقها للقضيّة. وفي وداعها قالت كلمتها الأخيرة “إهدأوا جميعاً! تمعّنوا بلون دمي، فهذا اللون أبلغ من كلّ ما أفنيت عمري في سبيله! إهدأوا! سوف تنتصر!”.

وحين ذهبت إلى كأسها الأخيرة وحياتها الجديدة أيقظت أرواحنا من جديد لنصحو على أمل، على حبٍّ وعلى عشق أكبر لفلسطين، للهويّة، للنضال.

سرقتنا من وقتنا الضائع، لتقول لنا إنّ هناك الوقت، وهناك يقف الزمن، وهناك ألف مذبح على مأدبة التاريخ علّ الإنسانية المصطنعة في الدول المدّعية تستيقظ على الياسمين النابض من دم الشهداء، وعلى بلادٍ تنزف يسكنها الشهداء.

فسلامٌ إلى روحكِ التي استشهدت على الأرض التي خُلقت للسلام وما رأت يوماً سلاماً…

سلامٌ لدمائك التي ستزهر الليمون، وتنبت السنابل والزيتون.

إقرأ أيضاًَ: القتل أمام الكاميرات: في وداع شيرين أبو عاقلة

سلامٌ لعينيك التي شهدت مذبحة وأَسْراً وقصفاً ودماراً. أعادت كلّها إلى الذاكرة تاريخ فلسطين وعروبة فلسطين وجرح فلسطين الدامي.

سلامٌ على نصركِ الأخير! فالشهادة في فلسطين خلود وعروج!

 

 

* ناشط سياسيّ – مدريد 12/5/2022

مواضيع ذات صلة

حكاية دقدوق: من السّجن في العراق إلى الاغتيال في دمشق! (1/2)

منذ أن افتتحَت إسرائيل سلسلة اغتيالات القيادات العسكريّة للحزبِ في شهرَيْ حزيْران وتمّوز الماضيَيْن باغتيال قائد “قوّة الرّضوان” في جنوب لبنان وسام الطّويل وبعده قائد…

فتح الله غولن: داعية… هزّ عرش إردوغان

ثمّة شخصيات إسلامية كثيرة في التاريخ توافَق الناس على تقديرها واحترامها، مع ظهور أصوات قليلة معترضة على نهجها أو سلوكها أو آرائها، لكنّها لم تتمكّن…

مصرع السنوار في مشهد لا يحبّه نتنياهو

مات يحيى السنوار، رئيس حركة حماس منذ اغتيال سلفه إسماعيل هنية في 31 تموز الماضي، وهو يقاتل الجيش الإسرائيلي، في إحدى أسخن جبهات القتال في…

الحزب بعد “السّيّد”: الرأي الآخر… ومشروع الدّولة

هنا محاولة لرسم بورتريه للأمين العامّ للحزب، بقلم كاتب عراقي، التقاه أكثر من مرّة، ويحاول في هذا النصّ أن يرسم عنه صورةً تبرز بعضاً من…