الأخوة يمّين يستأجرون من “حكومة ميقاتي” بأرخص الأسعار..

مدة القراءة 5 د

في العدد الأخير من الجريدة الرسمية، صدر مرسوم قضى الترخيص لشركة ليكويغاز بإشغال مساحة من الأملاك العامّة البحرية تبلغ 38,164 م² بمبلغ وقدره 252,198,000 ليرة، أي حوالي 6,600 ليرة للمتر المربّع الواحد سنوياً.

وسرعان ما تحوّل المرسوم الذي يعود تاريخه إلى 21 أيار 2018، ويتضمّن موافقة مجلس الوزراء الصادرة في قرار يحمل الرقم 44، إلى مضبطة اتّهامية بحقّ أصحاب العلاقة، أي الإخوة يمّين لأنّهم الجهة المستفيدة من “التهريبة”، وبحقّ الجهة السياسية التي توفّر الحماية لـ”الأخطبوط النفطي”. أمّا لماذا “تهريبة”، فتلك لها رواية.

كتب الإعلامي جان عزيز في تغريدة له: “طلع معكن إيجار المتر المربع هلق على البحر بزوق مكايل، 30 سنتاً سنوياً؟؟ 2.5 سنت بالشهر؟؟ ما كان فيكن تقولوا هيدا تخمين قديم وتصلحوه بعد تدهور الليرة؟؟ أو لأنو المستأجر بالصدفة شركة #ليكويغاز اللي بتعرفوها وبتعرفكن كلكن؟؟ البلد فلّس وانكسر وبعدكن مكملين هدر وفساد…”.

يقول أحد الخبراء الإداريين إنّ وزارة المال هي من تتولّى تحديد قواعد التخمين، ويكون بالعملة الوطنية، وذلك بالاستناد إلى الأسعار الرائجة في المنطقة العقارية وبالمقارنة مع عقارات مشابهة

لقد ورد في المرسوم أنّ البدل السنوي المفترض أن تدفعه الجهة المُرخّص لها، يبلغ حوالي 252 مليون ليرة، أي حوالي 12 ألف دولار إذا ما افترضنا أنّ سعر الدولار عشرين ألفاً، فيما كان المبلغ ذاته يُقدّر بحوالي 160 ألف دولار حين تمّت الموافقة على القرار في العام 2018، مع العلم أنّ هذا الترخيص هو لأهداف استثمارية لمصلحة شركة تحقّق أرباحاً تقدّر بالملايين من الدولارات من السوق اللبنانية.

تعود “ليكويغاز” إلى الإخوة يمّين (أوسكار، أنطونيو وإدغار)، وتشير المعلومات المنشورة عن الثلاثي إلى أنّهم تجّار نفط امتلكوا في البداية عدداً قليلاً من الصهاريج كانت تنقل المشتقّات النفطية من الشركات إلى الزبائن. لكن تغيّرت أحوال ‏العائلة فجأة دخلت مجال الاستيراد والتجارة، بعدما اشترت شركة “ليكويغاز” من آل ‏جبّور، ودخلت سوق النفط بملايين الدولارات‎.  وفي عام 2018، اشترت العائلة شركة “كورال أويل” بكامل موجوداتها. ولم تسدّد ثمنها بالكامل حتى الآن لأصحابها السعوديين.

وفي تقرير نشرته الزميلة نهلا ناصر الدين في حزيران الماضي في موقع “أساس” حول شركة “كورال”، يتبيّن أنّ الشركة المذكورة كانت أكثر الشركات نشاطاً في هذا المجال لأنّها كانت الأكثر حظوة في الحصول على اعتمادات من مصرف لبنان: “فالشركات بمجملها انخفض استهلاكها إلى حدود 30% في عام 2020، حالها في ذلك حال البلد الذي انخفض استهلاكه جراء أزمة كوفيد-19 والإقفال العام المتكرّر، إلا “كورال” ارتفع استهلاكها 70%. وفي عام 2020، استوردت ما يقارب 400 ألف طن إضافية عن عام 2019″.

وبحسب أرقام الجمارك، التي حصل عليها “أساس”، فإنّ كل البنزين الذي أُدخِل إلى البلد، في عام 2020، يُقدّر بمليون و200 ألف طن. كانت حصة كورال منه حوالي 320 ألف طن، أي 26% من كلّ السوق في لبنان. أمّا حصّتها من المازوت المستورد في عام 2020 فقاربت نصف السوق، أي 46%، إذ استوردت 720 ألف طن مازوت، مقابل 180 ألف طن لشركة توتال، و200 ألف طن لشركة مدكو (علماً أنّ هاتين الشركتين متساويتان في عدد المحطات أو يتجاوز عدد محطاتهما عدد محطات كورال)، و230 ألف طن ليونيترنال، و230 ألف طن لـMPC.

تشير المعلومات المنشورة عن الثلاثي إلى أنّهم تجّار نفط امتلكوا في البداية عدداً قليلاً من الصهاريج كانت تنقل المشتقّات النفطية من الشركات إلى الزبائن

ويتردّد أنّ المازوت الذي كان يتولّى التيار الوطني الحر تقديمه كمساعدة لمفاتيحه الانتخابية خلال الأشهر الماضية، كانت شركة “كورال” تستورده، وهذا ما يثبت بالدليل القاطع “الطبخة الباسيلية” التي تقف خلف الشركة.

فهل من تحايل على القانون؟

يقول أحد الخبراء الإداريين إنّ “وزارة المال هي من تتولّى تحديد قواعد التخمين، ويكون بالعملة الوطنية، وذلك بالاستناد إلى الأسعار الرائجة في المنطقة العقارية وبالمقارنة مع عقارات مشابهة، فيتمّ تحديد القيمة التخمينيّة. ولكنّ التخمين يشهد تعديلات دورية تأخذ بالاعتبار مرور فترة زمنية أو تغيّر القيمة الشرائية بشكل كبير، أسوة بما حصل بعد انهيار الليرة اللبنانية”.

ويشير إلى أنّ “مشروع الموازنة العامّة للعام 2022 يتضمّن تعديلاً لكيفيّة احتساب القيمة التخمينيّة ربطاً بانخفاض قيمة الليرة. لكنّ الأهمّ في هذا الموضوع هو أنّ هذه القيم تُحتسب على أساس أنّ قيمة العقار موضوع الترخيص أو البيع، تُحدَّد وفق سعر الصرف 1500، بمعنى أنّه في حال كانت قيمة العقار 50 ألف دولار، فإنّها تسجّل 75 مليون ليرة، وهو أمر مناقض للواقع، لأنّه يُفترض تسجيله على أساس السعر الحقيقي للدولار، خصوصاً أنّ الدفع يتمّ إمّا بالدولارات الطازجة وإمّا بالعملة الوطنية، لكن وفق سعر السوق الموازية. وبالتالي هناك عملية تحايل فاقعة تحصل تحت ستار أنّ السعر الرسمي للدولار هو 1500”.

ويضيف أنّ “الائتمان على الخدمة العامة لدى المرجع المعنيّ يقضي، في حال عدم وجود قيمة تخمينيّة جديدة تراعي الظروف والانهيار المالي، بتأجيل منح الترخيص، خصوصاً أنّ الموازنة الجديدة قيد الدرس ويُفترض إقرارها خلال أسابيع، لأنّ منح الترخيص وفق التخمين القديم سيؤدّي إلى هدر المال العام على نحو مفضوح”. وهذا ما حصل.

إقرأ أيضاً: بالأرقام: “كورال” يمّين باسيل: مصالح وشبهات تتجاوز حدود الوطن

وعليه، لماذا تمّ “تنييم” المرسوم من العام 2018 حتى اليوم؟ لماذا لم يُعَد إلى مجلس الوزراء لتقييم الرسوم التشغيلية من جديد لأنّ القرار صادر عن مجلس الوزراء؟ لماذا لم ينتظر إقرار الموازنة الجديدة؟

الجواب عند وزير المالية “الدكتور” يوسف خليل الذي يتحمّل مسؤولية التوقيع على مرسوم العام 2018 مجدداً قبل إقرار نشره ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي يتولى “ديوانه” نشر محتويات الجريدة الرسمية..

مواضيع ذات صلة

مشاورات “الأعياد”: لا 65 صوتاً لأيّ مرشّح بعد!

تَجزم مصادر نيابية لموقع “أساس” بأنّ المشاورات الرئاسية في شأن جلسة التاسع من كانون الثاني قد تخفّ وتيرتها خلال فترة الأعياد، لكنّها لن تتوقّف، وقد…

السّيناريو البديل عن الانتخاب: تطيير الجلسة تحضيراً لرئاسة ترامب!

في حين يترقّب الجميع جلسة التاسع من كانون الثاني، يحتلّ عنوانان أساسيّان المشهد السياسي: من هو الرئيس المقبل؟ وهل يحتاج موظّفو الفئة الأولى، كقائد الجيش…

1701 “بضاعة” منتهية الصّلاحيّة؟

لا شكّ أنّ ما يراه المسؤولون الإسرائيليون “فرصة لا تتكرّر إلّا كلّ مئة عام” في سوريا تتيح، بعد سقوط نظام بشار الأسد، اقتطاع منطقة من…

الثنائي وترشيح عون: سوياً ضده… أو معه

كعادته، وعلى طريقته، خلط وليد جنبلاط الأوراق عبر رمي قنبلة ترشيحه قائد الجيش العماد جوزف عون لرئاسة الجمهورية، ليحرّك مياه الرئاسة الراكدة. قبيل عودته إلى…