ثمان وأربعون ساعة تفصل بين كلام الأمين العام للحزب حسن نصر الله حول أزمته مع دول الخليج العربي، والتهديدات التي أطلقها المواطن السعودي المطلوب للقضاء السعودي علي هاشم، المختبئ في الضاحية الجنوبية لبيروت، ضد السفارة السعودية في بيروت، فيما هو ويحظى بحماية حزب الله الأمنية.
كان لافتاً كلام السيّد في خطابه في الذكرى الأربعين لتأسيس الحزب، عن الأزمة مع دول الخليج العربي، حيث تناسى كلّ الملفّات التي كان يتناولها في السابق ضمن هذا السياق، وهي اليمن، والبحرين، والكويت، وسوريا وصولاً إلى العراق، حاصراً الأزمة برمّتها بسبب واحد ألا وهو الحرّية الإعلامية، حتى يخيّل للمستمع أو القارئ للخطاب أنّ الحزب أو سيّده منظمة حقوقية تهتمّ بحرّية الرأي والتعبير، وأنّ دول الخليج وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، جهة قمعيّة لحرّيّة الرأي والإنسان. ثمّ يطلّ المطلوب للقضاء السعودي علي هاشم بتسجيله الصوتي مطلقاً التهديدات بالويل والثبور والتفجير والقتل بحقّ السفارة السعودية في بيروت، وسفيرها وليد البخاري، وكأنّنا عدنا أدراجنا إلى العام 1984 حين اقتحم أتباع للنظام الإيراني تحت مسمّى “تجمّع العلماء المسلمين” مبنى السفارة السعودية في بيروت في منطقة الحمرا برأس بيروت، وقاموا بمحاولة إنزال العلم السعودي عن مبنى السفارة، لكن كتبت الأقدار حينذاك أن يسقط متسلّق السارية ملاقياً حتفه. فالراية راية الإسلام، والله راعيها.
تسجيل علي هاشم الذي يهدّد فيه السفارة السعودية في بيروت وسفيرها، هو إخبار برسم حكومة تصريف الأعمال، رئيساً ووزيراً للداخلية ووزيراً للدفاع، ومعهم كلّ الأجهزة الأمنيّة التي تتبع لهم مباشرة أو بالوصاية عليها
على خلفيّة المشهدين المذكورين، هل حقّاً يريد الأمين العام للحزب أن يُصحّح العلاقات بينه وبين دول الخليج، واستتباعاً بين لبنان الذي يقبض عليه ودول الخليج العربي وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، كما قال في خطابه الأخير؟! هل تهديدات علي هاشم فرديّة أم هي تهديدات من الحزب وأمينه؟
قد يقول قائل: كيف يكون ذلك وقد أرسل المطلوب علي هاشم مهدّداً ومتوعّداً؟! لكن من يعرف الحزب وسلوكه يدرك تماماً أنّه لا يفاوض إلا تحت أزيز الرصاص والنار. أمّا حرّية الرأي التي تكلّم عنها السيّد في خطابه الأخير، فهي حرّية التهديد بالتفجير وإطلاق النار. هي دعوة إلى حماية حرّية القاتل وحرّية المهدِّد، وتجاوز حرّية الضحايا كلّ الضحايا.
تسجيل علي هاشم الذي يهدّد فيه السفارة السعودية في بيروت وسفيرها، هو إخبار برسم حكومة تصريف الأعمال، رئيساً ووزيراً للداخلية ووزيراً للدفاع، ومعهم كلّ الأجهزة الأمنيّة التي تتبع لهم مباشرة أو بالوصاية عليها. كلّ هؤلاء مطالَبون بالتحرّك وفقاً للقانون ولمصالح لبنان. ليس ترفاً التحرّك لمواجهة هذه التهديدات، بل هو واجب على كلّ هؤلاء إن كانوا ما يزالون ضمن صلاحيّة الفعّاليّة وإلّا فإنّ السكوت عجز حتى في مرحلة تصريف الأعمال. فكيف لعاجز عن مواجهة مطلوب للعدالة يهدّد دولة شقيقة كبرى أن يكون قادراً على تصريف أعمال دولة برمّتها يهدّدها الفراغ الرئاسي، وقبل كلّ ذلك يهدّدها المغامرون بمصير الناس والعباد؟
بين كلام السيّد وتهديدات علي هاشم قلقٌ يعبّر عن نفسه تارةً برفع الإصبع، وتارةً أخرى بالتهديدات الجوفاء، وكلّ الوقت بالتعطيل وتجاوز القانون والدستور.
إقرأ أيضاً: الأمين العامّ للحزب: 3 نقاط لبنانية… ننتظرُ الرابعة..
تواجه أرض الحرمين الشريفين التهديدات والتحدّيات منذ “أبرهة وفيلته وكانت طيور أبابيل كفيلة به”، فكيف اليوم بإيران وأذرعتها؟