بعبدا تؤكد: عون يخرج “في اللحظة المناسبة”؟

مدة القراءة 5 د

ينقل زوّار رئيس الجمهورية ميشال عون عنه تصميمه على الخروج من قصر بعبدا فور انتهاء ولايته، لا بل يحرص عون على التأكيد أمام سامعيه أنّه “بدّو الصرفة ويفلّ”.

غير أنّ تأكيد عون هذا مراراً وتكراراً بدأ ينقضه مسار مختلف تماماً، يتحدّث عن سيناريو بقاء عون في بعبدا.

يقول بعض المطّلعين على جوّ فريق رئيس الجمهورية إنّ هذا الفريق السياسي بدأ يعمل على أكثر من مسار لمحاكاة المرحلة المقبلة. واحد من هذه المسارات يشبّهه البعض بمرحلة العام 1988، حين بقي العماد عون في بعبدا، إلى أنّ أخرجه الجيش السوري من القصر، بالقصف والهجوم. لكن السيناريو قد يحصل بلا العملية العسكرية هذه المرّة.

فهل فعلاً يتكرّر هذا السيناريو؟

المعلوم عن الوزير السابق، مستشار رئيس الجمهورية سليم جريصاتي، أنّه رافق الكثير من عهود رئاسة الجمهورية بعد الطائف. ولطالما كان في مسيرته السياسية صلة وصل بين قوى مختلفة، وأحياناً متعارضة.

رجّحت معلومات عن مصادر مقرّبة من التيار الوطني الحرّ أّن ميقاتي سارع يوم الثلاثاء إلى الاتصال بعون لتهنئته بعيد انتقال السيّدة العذراء، وخلال الحديث جرى الاتفاق على أن يزور ميقاتي بعبدا للتشاور في الشأن الحكومي

في نهاية عهد الرئيس إميل لحود المأزومة، جرى نقاش في إمكانية بقاء لحود في بعبدا. غير أنّ المعلومات تحدّثت يومها عن ضمانة قدّمها جريصاتي للأميركيين وللمجتمع الدولي بعدم بقاء لحود دقيقة إضافية واحدة بعد انتهاء عهده. وهكذا كان.

اليوم تتكرّر أزمة رئاسة الجمهورية ويتكرّر الكلام عن بقاء عون. وعليه، تحدّثت معلومات عن ضمانة مماثلة قدّمها جريصاتي هذه المرّة أيضاً للأميركيين، بعدم بقاء عون دقيقة واحدة في القصر بعد انتهاء عهده. وبناء على هذا التعهّد المستند إلى رغبة عون، تتحدّث بعض المعلومات عن خلافات حصلت بين جزء من فريق الرئيس وبين جريصاتي أحد أسبابها إشكالية بقاء أو عدم بقاء عون في بعبدا. وبرّر البعض غياب جريصاتي عن بعض الاجتماعات بأنّه “مجرّد إجازة له من العمل”، علماً بأنّ جريصاتي لا يزال في القصر ولم يخرج بسبب أي خلاف مع باسيل أو غيره كما أشيع. وما كان السجال العلني الأخير بين اللواء جميل السيد المقرّب من عون والوزير جريصاتي سوى دليلٍ على جديّة هذا الإختلاف.

 

إشارات “البقاء في القصر”

 تزامناً، توالت الإشارات التي تزيد من التساؤلات حول إمكانية بقاء عون في بعبدا:

1- أوّلاها مقال كتبه الزميل نقولا ناصيف في جريدة “الأخبار”، بتاريخ 12 تموز الفائت، يتحدّث عن مصير القصر في ظلّ غياب حكومة أصيلة وفراغ رئاسي: “مآل ذلك أن لا انتقال لصلاحيات رئيس الجمهورية إلى حكومة تصريف أعمال عند وقوع الشغور، إما بالحؤول دون اجتماعها بسحب الوزراء الموالين للثنائي الشيعي وحلفائه والتيار الوطني الحرّ، أو ببقاء رئيس الجمهورية في قصر بعبدا. في ذلك أيضاً ضرورة إضافية تبيح المحظورات”.

2- ثانيها إشارة قرّر رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل أن يرسلها بنفسه عبر تشكيكه في مدى دستورية تسليم البلاد إلى حكومة تصريف أعمال في حال الشغور الرئاسي، بعد 10 أيّام من مقال ناصيف، في 22 تموز الفائت.

3- ثالثة الإشارات عبر كلام صدر عن الوزير الكتائبي السابق سجعان قزّي أمس الأوّل، خلال حوار على شاشة otv العونية. فقد حذّر قزّي من التلكّؤ في السعي إلى تشكيل حكومة وإيلاء حكم البلد إلى حكومة تصريف أعمال تحت عنوان “للضرورة أحكام”، وإمكانية أن يكون ذلك سارياً أيضاً على رئاسة الجمهورية في حال الشغور الرئاسي.

قزّي المعروف بقربه من الصرح البطريركي، سرعان ما أوضح أنّ ما قاله ليس صادراً عن بكركي وإنّما هو رأيه الشخصيّ “كسياسي مستقل وحاضر في الحياةِ الوطنيّةِ منذ خمسين سنة وأعبّر عن أرائي التي لا تُلزم أحدًا”.

غير أنّ هذا الكلام، معطوفاً على كلّ ما سبق، يدلّ على مزاج مسيحي يرفض تسليم البلاد لحكومة تصريف أعمال لا يبذل رئيسها المكلّف “الجهد المناسب” لتشكيل حكومة أصيلة تحكم البلاد في زمن الشغور إن حصل، والأرجح أنّه حاصل.

 

ميقاتي و”غطاء بكركي”

من جهته، ينفي فريق رئيس الجمهورية الكلام عن خلاف مع جريصاتي، وينفي أيّ كلام عن نيّة عون  البقاء في بعبدا.

ومعروف أنّ ميقاتي شديد الحرص على علاقة ممتازة بالصرح البطريركي لعدّة اعتبارات، أهمّها أنّ تكليفه جاء من دون أصوات أيّ من الكتلتين المسيحيّتين الكبريَيْن في البرلمان، وبالتالي هو يرى في بكركي مظلّة سياسية مسيحية له.

بدا حرص ميقاتي واضحاً في الزيارة الأخيرة للديمان حين أعطاه الراعي غطاءه شرط استكمال مساعيه من أجل التشكيل.

ورجّحت معلومات عن مصادر مقرّبة من التيار الوطني الحرّ أّن ميقاتي سارع يوم الثلاثاء إلى الاتصال بعون لتهنئته بعيد انتقال السيّدة العذراء، وخلال الحديث جرى الاتفاق على أن يزور ميقاتي بعبدا للتشاور في الشأن الحكومي. وصباح أمس حطّ في بعبدا قائلاً إنّه تقدّم “بتشكيلة حكومية في 29 حزيران وكان النقاش اليوم حولها وللحديث تتمة”.

مصادر السراي ردّت على تسريبات فريق “التيار” بأنّ ميقاتي زار بعبدا بسبب التلويح بأنّ حكومة تصريف الأعمال لا يمكن أن تتسلّم صلاحيات الرئيس، بالقول إنّ من يرفض التشكيل ويعرقل التوافق هو جبران باسيل وليس ميقاتي. لأنّ جبران يريد البقاء في القصر.

إقرأ أيضاً: رئاسة الجمهوريّة: برّي يتقدّم… الحزب يتراجع

أمّا باسيل الذي يخوض معركة وجودية فهو يحاول قطع محاولات تطويقه في السياسة، سواء في الفراغ أو في الرئاسة، وهذا حديث آخر يأتي وقته لاحقاً، والكلام عن إشكالات في القصر بين فريق الرئيس عون تنفيه مصادر التيار الوطني الحرّ قائلة: “الجميع سيرى عون خارج قصر بعبدا… في اللحظة المناسبة”.

مواضيع ذات صلة

مشاورات “الأعياد”: لا 65 صوتاً لأيّ مرشّح بعد!

تَجزم مصادر نيابية لموقع “أساس” بأنّ المشاورات الرئاسية في شأن جلسة التاسع من كانون الثاني قد تخفّ وتيرتها خلال فترة الأعياد، لكنّها لن تتوقّف، وقد…

السّيناريو البديل عن الانتخاب: تطيير الجلسة تحضيراً لرئاسة ترامب!

في حين يترقّب الجميع جلسة التاسع من كانون الثاني، يحتلّ عنوانان أساسيّان المشهد السياسي: من هو الرئيس المقبل؟ وهل يحتاج موظّفو الفئة الأولى، كقائد الجيش…

1701 “بضاعة” منتهية الصّلاحيّة؟

لا شكّ أنّ ما يراه المسؤولون الإسرائيليون “فرصة لا تتكرّر إلّا كلّ مئة عام” في سوريا تتيح، بعد سقوط نظام بشار الأسد، اقتطاع منطقة من…

الثنائي وترشيح عون: سوياً ضده… أو معه

كعادته، وعلى طريقته، خلط وليد جنبلاط الأوراق عبر رمي قنبلة ترشيحه قائد الجيش العماد جوزف عون لرئاسة الجمهورية، ليحرّك مياه الرئاسة الراكدة. قبيل عودته إلى…