اسرائيل أوقعت “الجهاد” في الفخ؟

مدة القراءة 5 د

حقّقت إسرائيل من حرب الأيام الثلاثة في غزّة هدفاً كبيراً، وهو تصفية أبرز قيادات “حركة الجهاد الإسلامي” العسكرية والميدانية، أبرزها إلى جانب قائد المنطقة الشمالية في غزّة منذ 2019  تيسير الجعبري، كلّ من خالد منصور ورأفت الزاملي وزياد المدلل، نجل القيادي في “الجهاد” أحمد المدلل.

واعتبر رئيس الحكومة يائير لابيد اغتيال عضو المجلس العسكري لسرايا القدس خالد منصور “إنجازاً غير عادي”، باعتباره “المطلوب الأول في الحركة”، والثاني في غزّة بعد قائد كتائب القسّام محمد الضيف، وهو قائد لواء المنطقة الجنوبية، وأحد أعضاء المجلس العسكري لسرايا القدس.

مارس الجيش الإسرائيلي عملية تضليل كبيرة قبيل اندلاع جولة القتال، ومنح الجهاد الإسلامي فرصة للاسترخاء، بينما كانت تل أبيب تستعدّ لتوجيه ضربة موجعة له، والكلام لبن شاي

بعد تحقيق هذه الأهداف، مع عشرات الضحايا المدنيين في غزّة، بينهم أطفال، أوصى الجانب العسكري، خلال اجتماع الكابينت أمس الأوّل، بإنهاء العملية فوراً. وتوصّلت الوساطة المصرية إلى وقف متبادل لإطلاق النار مساء اليوم نفسه.

أما حركة “حماس”، فحقّقت ما كانت تخشاه إسرائيل، وهو تسويق رواية أنّها لا تسيطر على الفصائل الفلسطينية، ما يجعلها في حِلّ من أيّ التزامات أمنيّة، في ما يشبه سيناريو توزيع الأدوار بين حركة حماس وفصائل المقاومة، ومنها الجهاد الإسلامي.

هذا ما حذّر منه الرئيس السابق للدائرة السياسية والأمنيّة في وزارة الأمن الإسرائيلية، عاموس غلعاد، ورئيس قسم الدراسات الفلسطينية في معهد السياسة والاستراتيجية في جامعة “رايخمان”، ميخائيل ميلش. فقد دعا إلى عدم إنهاء المعركة مع إبقاء إمكانية عمل الفصائل ضدّ إسرائيل مفتوحة، وإلى التأكيد أمام “حماس” على أنّ قواعد اللعبة هي التالية: استمرار السياسة المدنية، وخاصة خروج العمّال إلى العمل في إسرائيل، مقابل العمل بحزم ضدّ الذين يخرقون التهدئة.

الفخّ الإسرائيلي

أما “حركة الجهاد الإسلامي”، فيمكن القول إنّها وقعت في الفخّ. على الأقلّ هذا ما أعنت عنه النخب الإسرائيلية.

المحلّل العسكري رون بن شاي، المعروف بقربه من الدوائر الأمنيّة الإسرائيلية، كتب التالي: “في بعض الأحيان، عليك أن تقوم بالاحتيال لإيقاع عدوّك في الفخّ، وقد تمّ كلّ هذا من قِبل قادة وجنود الجيش الإسرائيلي بهدوء وصبر الصيادين ذوي الخبرة. على الرغم من أنّهم عانوا من نوبات من الازدراء من وسائل الإعلام الإسرائيلي، كان الجيش في الواقع يستعدّ حتى تصطفّ النجوم، وفي الواقع اصطفّت النجوم، وتمّ اغتيال تيسير الجعبري”.

اعتبر رئيس الحكومة يائير لابيد اغتيال عضو المجلس العسكري لسرايا القدس خالد منصور “إنجازاً غير عادي”، باعتباره “المطلوب الأول في الحركة”، والثاني في غزّة بعد قائد كتائب القسّام محمد الضيف

مارس الجيش الإسرائيلي عملية تضليل كبيرة قبيل اندلاع جولة القتال، ومنح الجهاد الإسلامي فرصة للاسترخاء، بينما كانت تل أبيب تستعدّ لتوجيه ضربة موجعة له، والكلام لبن شاي.

كان تتابع الأحداث بشكل دراماتيكي، واغتيال الجعبري بشكل صاخب ومباغت، يدفعان نحو هذا السؤال: هل أوقعت إسرائيل “الجهاد” في الفخّ؟

لقد كانت تل أبيب تصنع مناخات الحرب، وتجهّز المسرح لعملية عسكرية ضدّ غزّة. اعتقلت الشيخ بسام السعدي من حركة الجهاد الإسلامي في جنين بشكل مهين ومستفزّ، ثمّ منعت تجوّل سكّان مستوطنات غلاف غزّة، وأوقفت حركة القطارات، وأغلقت ساحل زيكيم، بحجّة الخشية من صواريخ الجهاد الإسلامي، وجعلت “الجهاد” يشعر بالفخر والنصر، ودفعت إسرائيل بالوساطة المصرية إلى الواجهة، ليسود شعور بالاسترخاء لدى قيادة تنظيم الجهاد، ولدفعها إلى الخروج من مخابئها والتحرّك أمام عيون “الشاباك” الذي قام باصطيادها.

“تحييد” حركة حماس

في هذه الأثناء كانت إسرائيل تعدّ العدّة، وتنقل معدّات عسكرية إلى الحدود مع قطاع غزّة. وفي الحقيقة كانت الاستعدادات لتوجيه ضربة قاسية لحركة الجهاد تتمّ قبل أسابيع من بدء العملية العسكرية، وهي التي تصفها تل أبيب بأنّها الذراع العسكري لطهران في فلسطين. لقد قرأت تل أبيب جيّداً طبيعة اللحظة، وأنّ آخر ما تريده حركة حماس هو الحرب، بعد سيل التسهيلات الماليّة والاقتصادية لقطاع غزّة من قبل تل أبيب، والسماح لآلاف العمّال بالعمل في إسرائيل، وبدا الأمر وكأنّه شراء لسكوت “حماس” وتحييدها عن المعركة.

إقرأ أيضاً: غزّة: لابيد يعلن الحرب… ليربح الانتخابات؟

حين اندلعت جولة القتال، كان الانطباع في المؤسّسة الأمنيّة الإسرائيلية أنّ قيادة “حماس” ليست متحمّسة لمحاولة قيادة الجهاد جرّها إلى داخل النيران في توقيت غير مريح بالنسبة إليها، وفي ظلّ الحديث عن انفراجات اقتصادية

رئيس الشاباك رونين بار أشار خلال اجتماع الكابينت إلى أنّ الهجوم حقّق غاية استراتيجية وهي الفصل بين حركتَيْ حماس والجهاد. هذار ما وافق عليه كبار المحلّلين العسكريين، بينهم في صحيفة “هآرتس” عاموس هرئيل. لكنّ التوصية كانت بأنّ “هذه المهمّة ستصبح أصعب كلّما طالت المعركة، وخصوصاً إذا تسبّبت بخسائر واسعة بالأرواح الفلسطينية”.

*كاتبة فلسطينية

مواضيع ذات صلة

مشاورات “الأعياد”: لا 65 صوتاً لأيّ مرشّح بعد!

تَجزم مصادر نيابية لموقع “أساس” بأنّ المشاورات الرئاسية في شأن جلسة التاسع من كانون الثاني قد تخفّ وتيرتها خلال فترة الأعياد، لكنّها لن تتوقّف، وقد…

السّيناريو البديل عن الانتخاب: تطيير الجلسة تحضيراً لرئاسة ترامب!

في حين يترقّب الجميع جلسة التاسع من كانون الثاني، يحتلّ عنوانان أساسيّان المشهد السياسي: من هو الرئيس المقبل؟ وهل يحتاج موظّفو الفئة الأولى، كقائد الجيش…

1701 “بضاعة” منتهية الصّلاحيّة؟

لا شكّ أنّ ما يراه المسؤولون الإسرائيليون “فرصة لا تتكرّر إلّا كلّ مئة عام” في سوريا تتيح، بعد سقوط نظام بشار الأسد، اقتطاع منطقة من…

الثنائي وترشيح عون: سوياً ضده… أو معه

كعادته، وعلى طريقته، خلط وليد جنبلاط الأوراق عبر رمي قنبلة ترشيحه قائد الجيش العماد جوزف عون لرئاسة الجمهورية، ليحرّك مياه الرئاسة الراكدة. قبيل عودته إلى…