كورونا.. جدري القردة.. التهاب الكبد الوبائيّ. يبدو أنّ البيئة المجتمعية والصحيّة في لبنان تساعد على تكاثر الفيروسات.
دخل “جدري القردة” لبنان عبر حالة وافدة من الخارج وصلت إلى مطار رفيق الحريري الدولي، مثلما دخل فيروس كورونا من قبل. لم يكن هذا الأمر مفاجئاً على الرغم من أنّ الفيروسين مختلفان جدّاً، وطريقة انتقالهما كذلك. لكن بدت لافتةً الحالة الصحية المستجدّة أخيراً والأخطر مقارنة بكورونا وجدري القرود، مع انتشار التهاب الكبد الوبائي، خصوصاً في مناطق الشمال والبقاع.
في المقابل، يعوّل المعنيّون على موسم سياحيّ واعد لتنشيط الحركة الاقتصادية في البلد، وهو ما قد يوقعنا مجدّداً في معضلة مستمرّة وسط مأساة انقطاع الأدوية، تتمثّل في تعرّض “صحّة المواطن للخطر فيما السياحة عند البعض تعلو فوق كلّ شيء”.
حالات جدري القردة ترتفع
لا تزال حالات “جدري القردة” آخذة بالارتفاع في جميع أنحاء العالم. فقد أُبلغ عن 2,580 إصابة مؤكّدة حتّى 19 حزيران. ويُشير تقرير منظّمة الصحّة العالمية إلى تسجيل 2,103 حالات مؤكّدة في العالم، من ضمنها حالة وفاة، وحالة وفاة أخرى محتملة أُبلغ عنها في 15 حزيران. لكنّ المؤكّد أنّ الحالات آيلة إلى الازدياد، وقد تمّ الإبلاغ عن الحالات في 42 دولة، منها 84% كانت في الإقليم الأوروبيّ لمنظّمة الصحّة العالمية.
كورونا.. جدري القردة.. التهاب الكبد الوبائيّ. يبدو أنّ البيئة المجتمعية والصحيّة في لبنان تساعد على تكاثر الفيروسات
المؤشّرات الوبائيّة لا تدعو إلى القلق
تُطمئن مصادر في وزارة الصحة اللبنانيين إلى أن “لا داعي للقلق والهلع، فالحالة المصابة بجدري القردة وافدة من الخارج، ووضعها مستقرّ، وتتابعها الوزارة. لكن علينا أن نقلق من إصابات كورونا التي تعاود الارتفاع بعدما شهدنا انخفاضاً في عدّاد الحالات”. وتعلّل ذلك “بغياب الإجراءات الوقائيّة التي كانت مفروضة سابقاً. لكنّ الخوف اليوم هو من تحوّل هذه السلالة الموجودة، ولا يُمكن لأحد التكهّن أو معرفة مدى احتمال ذلك، وعليه يجب التشدّد في بعض الإجراءات كارتداء الكمّامة والتباعد الاجتماعيّ، خصوصاً أنّنا مقبلون على موسم سياحيّ واعد، وعلينا أن نكون على قدر المسؤوليّة والوعي لتفادي أيّ موجة قويّة”.
هذا ما أكّده رئيس اللجنة الوطنية للقاح كورونا النائب عبد الرحمن البزري بقوله إنّه “لا داعي للخوف من تفشّي جدري القردة، فالمريض قيد الحجر المنزلي، والأمور تحت السيطرة”.
وأشار البزري إلى أنّ ما شهدناه أخيراً من انخفاض شديد في أعداد الإصابات لا يعني أنّ الجائحة انتهت. وعزا أسباب ارتفاع الأعداد إلى عوامل ثلاثة:
1- تخلّي المواطن عن كلّ البروتوكولات والإجراءات المعتمدة من أجل الحماية الشخصية.
2- انطلاق الموسم السياحي مع ما ينتج عنه من احتكاك وتجمّعات في المطاعم وكلّ الأماكن العامّة.
3- الارتفاع العالمي في عدد الإصابات الناتج عن ظهور تحوُّل جزئي داخل أوميكرون نشأ عنه المتحوِّلان 4 وBA.5 اللذان من المحتمل أن يكونا قد دخلا الأراضي اللبنانية على الرغم من رصدهما بشكل مؤكّد.
وتوجّه البزري إلى اللبنانيين قائلاً: “الجرعة الرابعة من اللقاح متوافرة لِمَن يرغب، من دون الحاجة إلى موعد مسبق”.
تضيف المصادر أنّه “التزاماً بقرار وزير الصحّة، تمّ حصر إجراء فحص جدري القردة بالمستشفيات الجامعية فقط، ويستغرق صدور النتيجة نحو ساعتين. وتبلغ تكلفة الفحص نحو 300 ألف ليرة لبنانية، ويتمّ إجراؤه عبر سحب عينة من البثور أو الحبوب المنتشرة على الجسم، ويمكن تشخيصه أيضاً عبر فحص الدم. وبالتالي يكون فحص جدري القردة عبر فحص PCR كما كانت الحال مع فيروس كورونا، لكن بطريقة مختلفة”.
مع ذلك، لم توصِ منظمة الصحّة بفرض قيود على السّفر، بل اكتفت بحثّ “أيّ شخص يشعر باعتلال صحّيّ أثناء السّفر إلى بلدان غرب ووسط إفريقيا، حيث يستوطن المرض، أو في أعقابه، على أن يُبلّغ أحد العاملين الصحيّين بذلك”.
إقرأ أيضاً: أول وفاة بجدري القرود: من منكم مُحَصّن؟
بدوره، يتخوّف رئيس “التجمّع الطبّي الاجتماعي اللبناني”، وممثّل “الرابطة الطبية الأوروبية الشرق أوسطية الدولية في لبنان” البروفسور رائف رضا من “حدوث موجة قويّة من الإصابات بفيروس كورونا في منتصف شهر تموز نتيجة غياب إجراءات الوقاية واستقبال أعداد كبيرة من السيّاح، فيما تشير الأرقام الصادرة عن وزارة الصحة إلى ارتفاع أعداد الإصابات التي لا تعكس الواقع الوبائيّ المحلّيّ، إذ تُقدّر الإصابات بأضعاف هذه الأرقام، خصوصاً أنّ عدداً كبيراً من الناس لم يعودوا قادرين على إجراء فحص PCR، وبالتالي الإصابة بكورونا في زيادة مطّردة، وأخشى ما أخشاه أن نسجّل أرقاماً جنونيّة في منتصف شهر تموز”.