هل أسقط “الثنائي الشيعي” “الفيتو” عن نواف سلام؟

مدة القراءة 5 د

المفترض أن تتبلّغ رئاسة الجمهورية في غضون اليومين المقبلين لائحةً بالكتل النيابية لتحدّد في ضوئها مواعيد الاستشارات النيابية. في المرّة الماضية كان حجم الكتل معروفاً والاصطفافات واضحة عكس هذه الدورة تماماً حيث ستكون الفوضى هي سمة العمل النيابي بامتياز. وكما في الشكل كذلك في المضمون، فإنّ ملامح الحكومة لم تتوضّح بعد.

لأنّ انتخاب رئيس المجلس النيابي ونائبه لا يشكّل المؤشّر الكافي إلى انفراجات المرحلة المقبلة التي ستكون على ما يبدو مفتوحة بقوة على احتمال المواجهة في اختيار رئيس للحكومة. والأمر الأكثر صعوبة هو أن تتألّف، في ظلّ اللهجات الحادّة التي تلجأ إليها الأطراف المكوّنة للمجلس النيابي، بقديمها وجديدها .

ما يدور في الأفق وتطوّرات المنطقة ينذران بأنّ المخاض سيكون عسيراً وصعباً، وأنّ التصعيد يسابق أيّ حديث عن تسوية تلملم الأوضاع اللبنانية أو تؤسّس لانطلاقة جديدة موعودة مع انطلاق المجلس النيابي الجديد في أعماله. ويقف اللبنانيون حيارى أمام النتائج التي يزعم الكلّ أنّه رابح فيها، وأن لا خاسر على ما يبدو إلا المواطن اللبناني المتروك ليواجه قدره وحيداً.

لا تجد مصادر سياسية معنيّة مؤشّرات إيجابية تشي بأنّ استحقاق تشكيل الحكومة سيكون سهلاً في لبنان المقبل “على أسوأ أيامه مع تزايد الضغوطات الاقتصادية عليه لإجباره على الركوع”

إذا كان تشكيل الحكومة في ظلّ ظروف طبيعية تعتريه عقبات بالجملة فيستغرق شهوراً تقارب السنة، فكيف في خضمّ تغيير موازين القوى النيابية والسياسية ولم يتبقَّ من عمر العهد إلا شهور والبلد عرضة لفراغ رئاسي سيحوّل أيّ حكومة إلى حكومة بصلاحيّات رئاسية.

من غير المتوقّع أن يدعو رئيس الجمهورية ميشال عون إلى استشارات نيابية ملزمة في غضون أقلّ من أسبوعين على أقلّ تقدير. كما لم تتوضّح الأكثرية في مجلس النواب، ولا كيف ستكون الاصطفافات النيابية داخل المجلس.

فهل يتمثّل نواب التغيير في الحكومة؟ وماذا عن مواقف القوات والتيار الوطني الحر؟ وهل أكثرية الـ65 نائباً، بمن فيهم “مكتومي القيد السياسي”، مؤهّلة لتكون أكثرية 65 نائباً يعلنون من سيسمّون؟ ومن “هرّبوا” أصواتهم إلى الرئيس نبيه برّي، مسايرةً أو في “صفقات” غير معلنة، أو نزولاً عند طلب حزب الله، هل يجرؤون على إعلان “انتسابهم” إلى حلف إيران في تسمية رئيس الحكومة؟

ولا تجد مصادر سياسية معنيّة مؤشّرات إيجابية تشي بأنّ استحقاق تشكيل الحكومة سيكون سهلاً في لبنان المقبل “على أسوأ أيامه مع تزايد الضغوطات الاقتصادية عليه لإجباره على الركوع”. يركن أصحاب هذا الرأي إلى غياب أيّ قرار دولي بشأنه بسبب انشغال العالم بالحرب الأوكرانية الروسية ومعالجة تداعياتها. لكنّ الرهان يبقى على تدخّل فرنسي في لحظة مفصليّة بفضل وجود إرادة فرنسية بتجنيب لبنان عواقب الفراغ الحكومي .

تقول معلومات موثوقة إنّه خلافاً للمرّات السابقة، فإنّ رئيس الجمهورية ميشال عون ليس بوارد الدعوة إلى استشارات نيابية ملزمة قبل التوافق مع المرشّح لرئاسة الحكومة على التأليف قبل التكليف

“الثنائي” ونواف سلام

تفيد المعلومات أنّ الجانب الفرنسي باشر تحرّكاً باتّجاه جهات محلّية معنيّة عن قرب بالاستحقاق لتبادل وجهات النظر حول الترشيحات لرئاسة الحكومة في محاولة لجسّ النبض. يستفيد “الفرنسي” هذه المرّة من هامش أميركي متروك لتحرّكه حيال هذا الملفّ. وفي حين تحدث مطلعون عن عدم وجود حماسة فرنسية لإعادة تكليف رئيس الحكومة الحالي نجيب ميقاتي على رأس السلطة التنفيذية، متلطّين خلف الرفض السعودي لرئاسته الحكومة مجدّداً، جزمت مصادر التقت السفيرة الفرنسية مؤخراً أنّ فرنسا صارت تميل إلى استمرار ميقاتي على رأس الحكومة وهي ستسعى في هذا الاتجاه. وكانت لافتة زيارة السفيرة الفرنسية في لبنان آن غريو الأولى بعد الانتخابات إلى رئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل، مفتتحةً بذلك سلسلة لقاءاتها المتعلقة بالوضع الحكومي.

سواء من قبل الفرنسيين أو من قبل جهات سياسية محلّية، فقد بدأ التداول بأسماء المرشّحين خلف الكواليس، وكلّها من خارج النادي المتعارَف عليه. البارز بينها هو شخصية اقتصادية تقيم في الخارج، إلى جانب اسم السفير نواف سلام المؤهّل لدخول نادي المرشّحين مجدّداً مع فارق تحوّل جوهري في موقف الثنائي الشيعي من ترشيحه. إذ تفيد التداولات أنّ طرحه كرئيس مكلّف لم يعُد يواجه رفض الثنائي، لكنّ سلام نفسه قد لا يكون بوارد قبول المهمّة بالنظر إلى صعوبة الأزمة.

بخلاف المراحل السابقة لم يعد يشكّل اسم الرئيس المكلّف هاجساً لدى الثنائي. أيّاً كان المرشّح فالمهمّ أن يفضي التشاور معه إلى اتفاق على نقطتين: شكل الحكومة وبيانها الوزاري. يستعجل حزب الله تشكيل حكومة بأيّ ثمن لأنّ أزمة البلد تتفاقم بشكل واسع والمطلوب حكومة تلبّي حاجات الناس وتوقف عجلة الانهيار من دون أن يعني ذلك التوافق على برنامجها مع الرئيس المكلّف أقلّه حول العناوين الأساسية .

تقول معلومات موثوقة إنّه خلافاً للمرّات السابقة، ومنعاً لتجرّع الكأس المرّة مراراً وتكراراً، فإنّ رئيس الجمهورية ميشال عون ليس بوارد الدعوة إلى استشارات نيابية ملزمة قبل التوافق مع المرشّح لرئاسة الحكومة على التأليف قبل التكليف. وذلك بسبب الخشية من محاولة تقطيع الوقت حتّى نهاية عهد ميشال عون كيلا تتشكّل حكومة في ما تبقّى من ولايته. بينما لن يقبل عون حكماً تمرير كلّ تلك الفترة من دون حكومة، ولن يقبل تسليم صلاحيات رئاسة الجمهورية لحكومة تصريف الأعمال، وسيعمل جهده لضمان تشكيل حكومة جديدة.

إقرأ أيضاً: بهدوء: حكومة الأكثرية… تعيدنا إلى مرحلة 5 أيّار 2008

هاجس وقوع البلد في الفراغ الحكومي والرئاسي هو الطاغي مع الخشية من أنّ الخارج، وإن ضغط، فقد يصطدم بتعطيل داخلي وخلاف على الحصص.

يقول مسؤول في مؤسسة مالية دولية إنّ وضع لبنان لم يعد مريحاً. في الماضي كان يمكن التعاطي مع عدد من الكتل، أمّا اليوم فالتعاطي صار مع أشخاص، والبوصلة غير واضحة، وهو ما يبشّر بالخلاف على كلّ الاستحقاقات المقبلة.

مواضيع ذات صلة

لبننة “الحزب”؟

منذ نشأته كانت لبنانية “الحزب” مسألة إشكالية، في الشكل كما في المضمون. والمضمون والشكل هنا متلازمان متساويان في الدلالة والمعنى. اليوم لم يعد من هامش…

“سمفونيّة الأمل” في السعوديّة.. والقوّاس: لعودة لبنان للحضن العربي

“لبنان جريح، وشفاؤه بالعودة إلى الحضن العربي”. هذه خلاصة كلمة رئيسة المعهد الوطني اللبناني العالي للموسيقى السوبرانو هبة القوّاس في حفل موسيقي ضخم نظّمته في…

الياس خوري: 12 تحيّة لبنانية وعربية (2/2)

في الجزء الثاني من هذه التحية إلى المثقف الراحل الياس خوري، يكتب كلٌّ من: علوية صبح، وواسيني الأعرج، ويوسف المحيمد، وليانة بدر، وطالب الرفاعي، وسمر…

نداءٌ ثانٍ ودائم إلى دولة “النبيه”

هو صاحب الفكرة، حامل القلم، إبرة الميزان، والممسك بخيوط كثيرة. لا تخطئ بوصلة نبيه بري. السياسة عنده احتراف. أحد أبرز صنّاع الاستثناء في التاريخ اللبناني…