ميقاتي و”فضيحة” الكهرباء: باب العودة إلى السراي؟

مدة القراءة 4 د

الفضيحة التي فجّرها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي حول خطّة الكهرباء، تطاله وتمسّه قبل أن تطال غيره. أهمّ ما في ميزات السياسي هو حسن اختياره للتوقيت.

ربما اختار نجيب ميقاتي توقيتاً مناسباً لمصلحته بتفجير تلك الفضيحة في آخر جلسة حكومية عقدها، ليفتح بازار التفاوض والعودة إلى المشهد بقوّة، انطلاقاً من أنّه يختلف مع رئيس الجمهورية ميشال عون وفريقه بسبب خطة الكهرباء. ما قد يمنحه تأييداً داخلياً وخارجياً باعتباره تصدّى لرئيس الجمهورية. لكنّ سوء التوقيت هنا يتعلّق بأنّ ما قام به ميقاتي لا يصبّ في مصلحة اللبنانيين. إذ إنّه طوال تولّيه رئاسة الحكومة، كان يساير عون في كلّ الملفّات باستثناء ملفّ واحد هو إقالة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة.

لم تكن مواقف ميقاتي التصعيدية والسجال المفتعل مع وزير الطاقة إلا لتصبّ في خانة واحدة، وهي استدراجه العروض الحكومية، والحصول على رضا خارجيّ وداخلي باعتبار أن لا أحد غيره مؤهّل لرئاسة الحكومة حالياً. وبعدها يعود إلى لعبة التفاوض التي يبدو فيها ماهراً مع عون. بالإضافة إلى تقديم التزامات يطالب بها رئيس الجمهورية كما كان الحال عندما أقدم ميقاتي على تشكيل حكومته الحالية.

إذاً لا يزال ميقاتي يسعى للعودة إلى رئاسة الحكومة. فيُجري اتصالات في اتجاهات متعدّدة، لجسّ النبض والسعي إلى تكريس عودته وتحتيمها. وقد اتّخذ خطوات متعدّدة بهذا الصدد:

– أولاها عدم الترشّح للانتخابات.

– وثانيتها عدم الدخول بشكل مباشر على خطّ دعم اللائحة التي كان عرّاباً لها.

– ثالثتها الحفاظ على علاقته الجيّدة مع الرئيس سعد الحريري واستمرار التواصل معه.

– أمّا رابعتها فالحظوة التي يتمتّع بها لدى الفرنسيّين، وحتى مع الأميركيين، وفق ما تقول المعلومات.

الفضيحة التي فجّرها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي حول خطّة الكهرباء، تطاله وتمسّه قبل أن تطال غيره. أهمّ ما في ميزات السياسي هو حسن اختياره للتوقيت

الخيار الفرنسي الأوّل

يتمسّك الفرنسيون بخيار ميقاتي. فيما لا مؤشّرات إلى وجود موافقة سعودية عليه. في المقابل فإنّ حالة التشرذم تتوسّع على مختلف الأصعدة، ولا سيّما في مسألة انتخاب رئيس مجلس النواب وهيئة مكتب المجلس. وعلى الرغم من أنّ الرئيس نبيه بري ضَمِن عودته، إلا أنّ المسار الذي تسلكه الكتل يشير إلى الإقدام على المزيد من التعقيدات في المرحلة المقبلة، وهو ما سيشمل الحكومة وآليّة تشكيلها، في ضوء معارضة قاسية يتعرّض لها ميقاتي من نواب سُنّة، القوات اللبنانية، وحتى من قبل نواب التغيير والنواب المستقلّين.

هذا التشرذم قابل لأن يطول، ووحده حزب الله سيكون قادراً على اختراقه في حال قرّر ذلك، وقد يلجأ إلى أساليب متعدّدة لإنتاج حكومة جديدة، على طريقة إنتاجه حكومة حسان دياب.

إقرأ أيضاً: الصدر وشمس الدين وفضل الله.. يجتمعون مجدّداً

في هذا الإطار تدور في الكواليس والأروقة مواقف متعدّدة من بعض الأسماء التي قد تكون مطروحة، سواء اسم وزير الداخلية السابق محمد فهمي الذي تتداوله أوساط قريبة من قوى الثامن من آذار، أو اسم الوزيرة السابقة ريّا الحسن التي يقترحها بعض المستقلّين ممن يعتبرون أنّ لديها تجربة في وزارتَيْ المال والداخلية، وقد تشكّل نوعاً من التوازن، فيما الاسم الثالث الذي يتمّ تداوله هو عبد الرحمن البزري، الذي يحسبه البعض على المستقلّين أو التغييريين، ولديه علاقة جيّدة بحزب الله وبالتيار الوطني الحرّ. وقد طُرح بشكل أو بآخر من قبلهما سابقاً لرئاسة الحكومة. بهذا الخيار ينجح حزب الله بشقّ صفوف النواب المستقلّين والتغييريّين، وبالتالي ينقل الحزب المنتشين بالفوز في الانتخابات إلى مرحلة أخرى ستكون مشابهة بنتائجها لحقبة حكومة حسان دياب. 

مواضيع ذات صلة

الصراع على سوريا -2

ليست عابرة اجتماعات لجنة الاتّصال الوزارية العربية التي عقدت في مدينة العقبة الأردنية في 14 كانون الأوّل بشأن التطوّرات في سوريا، بعد سقوط نظام بشار…

جنبلاط والشّرع: رفيقا سلاح… منذ 100 عام

دمشق في 26 كانون الثاني 2005، كنت مراسلاً لجريدة “البلد” اللبنانية أغطّي حواراً بين وليد جنبلاط وطلّاب الجامعة اليسوعية في بيروت. كان حواراً باللغة الفرنسية،…

ترامب يحيي تاريخ السّلطنة العثمانيّة

تقوم معظم الدول التي تتأثّر مصالحها مع تغييرات السياسة الأميركية بالتعاقد مع شركات اللوبيات التي لها تأثير في واشنطن، لمعرفة نوايا وتوجّهات الإدارة الأميركية الجديدة….

الأردن: 5 أسباب للقلق “السّوريّ”

“الأردن هو التالي”، مقولة سرت في بعض الأوساط، بعد سقوط نظام بشار الأسد وانهيار الحكم البعثيّ في سوريا. فلماذا سرت هذه المقولة؟ وهل من دواعٍ…