عكّار: بهاء الحريري يُجرّب وميقاتي يتسلّى والغدر ثالثهما..

مدة القراءة 6 د

رسا عدّاد اللوائح في دائرة الشمال الأولى على سبع لوائح، أربع منها تُصنّف تغييرية، وثلاث تقليدية، وإنْ كانت مطعّمة بوجوه من المجتمع المدني. وضمن اللوائح التغييرية، ثمّة واحدة حظيت ببركة داعية التغيير شربل نحاس، وأخرى مدعومة من حركة “سوا للبنان”.

 

الدخول الميقاتيّ

أولى الملاحظات التي يمكن تسجيلها في هذه الدائرة هي دخول الرئيس نجيب ميقاتي على خطّ الانتخابات في عكّار، للمرّة الأولى في تاريخه السياسي، بعدما كان يأبى ذلك سابقاً، حتّى في عزّ أيّام الخصومة مع تيّار المستقبل.

تضمّ لائحة “الوفاء لعكّار” مرشّحَيْن يدعمهما: مسؤول “العزم” في عكار هيثم عزّ الدين عن أحد المقاعد السنّيّة الثلاثة، وأحمد الهضّام عن المقعد العلوي. وتضمّ أيضاً عضو المجلس الإسلامي الشرعي في عكّار علي طليس، المقرّب من “تيار المستقبل”، وسبق له الترشّح في عقد التسعينيّات، بالإضافة إلى شخصيّات أخرى.

تستبعد جلّ استطلاعات الرأي حصول أيّ من اللوائح التغييرية على حاصل انتخابي، ولا سيّما أنّ الحاصل في عكار بلغ المرّة الماضية 15,960 صوتاً

حسب معلومات “أساس” فإنّ ميقاتي لا يعوّل على نجاح هذه اللائحة في بلوغ العتبة الانتخابية، وما أقدم على تشكيلها إلا بسبب إصرار مسؤول العزم هناك على الترشّح لثقته بالنتائج، وتهديده بالاستقالة من العزم في حال عدم دعمه. ما حدا بالأخير إلى الإذعان لرغبة عزّ الدين، حرصاً على الحالة الميقاتيّة المحدودة في عكّار. لا سيّما في ظلّ عدم رغبته في الإفراط بالاستثمار السياسي في المحافظة. لذلك لن يقدّم لها الكثير من الدعم، فإنْ نجحت في الحصول على مقعد فحتماً سيكون في كتلته، أمّا إذا فشلت فلن يُضيره ذلك.

 

المستقبل الأقوى حتّى في غيابه

الملاحظة الثانية أنّ تيّار المستقبل لا يزال الناخب والأبرز في عكّار حتّى في غياب حركته التنظيمية. وأغلب اللوائح تجتهد في خطب ودّ جمهوره بشتّى الوسائل. وتعمل لائحة “الاعتدال الوطني”، التي تضمّ ثلاثةً من نواب كتلة المستقبل، على اجتذاب جمهور التيار للاقتراع لها، خاصّة أنّه لم يُسقط عليها الحُرُم الانتخابي، ولم تواجَه بحملات تخوين، بل سرت الكثير من الأنباء عن دعم التيّار لها.

تهدف هذه اللائحة إلى الحفاظ على مقاعد نوابها الثلاثة، بالإضافة إلى الحصول على مقعد رابع للمرشّح سجيع عطية المقرّب من عصام فارس عن أحد المقعدَيْن الأرثوذكسيَّيْن، وإنْ كان ثمّة تضارب في المعلومات حول دعم فارس له.

في معلومات “أساس” أنّ عطية أبرم اتّفاقاً مع الحزب القومي السوري (فرع أسعد حردان) لتجيير أصواته له، ولا سيّما بعد “الضرب” الانتخابي الذي تعرّض له الحزب، بعدما نام حردان على حرير عضويّة مرشّحَيْه عبد الباسط طالب وسلفادور مطر ضمن لائحة “عكّار أوّلاً”، ثمّ فوجئ بإخراجهما منها لحساب مرشّح فرع القومي – الروشة”، شكيب عبود، في اليوم الأخير لتسجيل اللوائح. وهو ما خلّف غضباً لدى “الحردانيين” وإصراراً على الانتقام من “غدر حلفاء الخطّ الواحد”، استغلّه عطية لإبرام الاتّفاق، بعلم حردان وعدم ممانعته.

 

باسيل وغدر اللحظات الأخيرة

حسين السلوم، الذي حصل على 4,245 صوتاً تفضيليّاً في الانتخابات الماضية، وحلّ أوّلاً في الساحة العلويّة، نال نصيبه ممّا وصفه بـ”الغدر” أيضاً. فقد رشّح السلوم زوجته عوضاً عنه، بناء على نصيحة رئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل، لوجود حكم قضائي بحقّه يمنعه من الترشّح. لكنّ باسيل أخرج ليندا السلّوم من اللائحة في اللحظات الأخيرة، فأضحت خارج السباق الانتخابي برمّته. الأمر الذي حدا بزوجها إلى رفع رايات الانتقام عبر التصويت للخصوم. والحال نفسه تقريباً ينطبق على حزب البعث، بعدما خلت اللائحة من أيّ مرشّح له. وهو ما وصفه الأمين العام للحزب علي حجازي بـ”الغدر”، أيضاً وأيضاً.

كلّ ذلك يُصعّب مهمّة اللائحة في سباق الحواصل، وإنْ كان باسيل يعوّل على تدخّل حزب الله في اللحظات الأخيرة لنجدته وامتصاص غضب حلفاء الخطّ الواحد. وهو يرتكز أساساً على دعم الحزب لتجيير الأصوات المسلمة الحليفة، سواء من وادي خالد، أو من الساحة العلوية، أكثر من ارتكازه على الأصوات المسيحية.

حسب معلومات “أساس” فإنّ ميقاتي لا يعوّل على نجاح هذه اللائحة في بلوغ العتبة الانتخابية، وما أقدم على تشكيلها إلا بسبب إصرار مسؤول العزم هناك على الترشّح لثقته بالنتائج

ثلاث لوائح تتخطّى العتبة

تشير أغلب استطلاعات الرأي إلى أنّ لائحة “الاعتدال الوطني” ستفوز بثلاثة حواصل ستكون من نصيب النواب الثلاثة: وليد البعريني ومحمد سليمان (سُنّة)، وهادي حبيش عن المقعد الماروني الوحيد. في حين ستحصل لائحة “عكّار أوّلاً” على حاصلين: واحد للنائب السابق محمد يحيى صاحب الحضور الشعبي الوازن في وادي خالد، وآخر للنائب أسعد درغام عن أحد المقعدَيْن الأرثوذكسيَّين، وربّما حاصل ثالث أو كسر أعلى.

أمّا لائحة “عكار” التي تجمع مرشّح القوات وسام منصور والنائبين السابقين طلال المرعبي وخالد الضاهر، فيُرجَّح فوز منصور عن المقعد الأرثوذكسي، ولا سيّما في ظلّ صعوبة تفوّق الضاهر والمرعبي على محمد يحيى في الأصوات التفضيلية. وتؤكّد مصادر القوات امتلاكها حاصلاً في عكار، بفضل جهودها وحضورها في المحافظة خلال السنوات الأربع الماضية وعدم نومها على حرير المستقبل. وتؤكّد أيضاً أنّها تسعى إلى الحصول على حاصلٍ ثانٍ يمكن أن يذهب للمقعد العلوي.

 

أين لوائح التغيير؟

تستبعد جلّ استطلاعات الرأي حصول أيّ من اللوائح التغييرية على حاصل انتخابي، ولا سيّما أنّ الحاصل في عكار بلغ المرّة الماضية 15,960 صوتاً، وهو رقم يصعب الوصول إليه حتى لو انحفض إضافة إلى ضعف تأثير القوى التغييرية في الساحة العكارية، وهو ما بدا جليّاً في نُدرة التحرّكات الاعتراضية والتظاهرات، حتّى بعد انفجار “التليل”. ويغلب الطابع الاعتراضي أو تسجيل موقف على المشاركة الانتخابية للقوى التغييرية في عكّار.

بيد أنّ اللائحة التي يجب التوقّف عندها هي “النهوض لعكّار” المدعومة من حركة “سوا للبنان”. وتضمّ الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للدفاع سعد الله حمد، وسيم المرعبي مرشّح الجامعة المرعبية، علاوة على شائعات تتحدّث عن كونه مدعوماً من قِبل إحدى المرجعيّات الأمنيّة. وتضمّ أيضاً رجل الأعمال محمود حدّارة شقيق عضو هيئة الرئاسة في تيار المستقبل سامر حدّارة، وهشام شبيب شقيق محافظ بيروت الأسبق زياد شبيب. وتركّز هذه اللائحة جهودها على استقطاب جمهور المستقبل، وفي حال نجاحها في استنهاض الهمم الفاترة فقد تتمكّن من الفوز بحاصل.

إقرأ أيضاً: انتخابات المنية: العائلات أوّلاً

وتشكّل الانتخابات امتحاناً فعليّاً لمدى تأثير الحركة وداعمها بهاء الحريري في الساحة العكّاريّة التي اختارها لتكون مهد أولى إطلالاته السياسية، وإنْ كان عبر الشاشة، في ظلّ التعاطف الكبير الذي تحظى به أسرة الرئيس رفيق الحريري في المحافظة، و”تعليق” الرئيس سعد الحريري نشاطه السياسيّ.

ربّما تبدو الأمور محسومة ظاهرياً في عكّار، لكنّ المفاجآت تبقى دائماً واردة، والفترة التي تفصلنا عن الانتخابات ليست فقط للتحشيد الانتخابي، بل أيضاً لعقد الاتّفاقات تحت الطاولة بين المتنافسين، وهنا تكمن المعركة.

مواضيع ذات صلة

أميركا مطمئنّة.. ونتنياهو “يسرق الوقت”

عاد الموفد الأميركي آموس هوكستين من زيارته إلى المنطقة، ووصل إلى العاصمة الاميركية أمس. وقبل أن يصل إلى واشنطن كان قد طمأن عين التينة إلى…

مبعوث ترامب إلى الشّرق الأوسط: معجب “بروحانية” نتنياهو..

تشبه الشّخصيّات التي رشّحها الرّئيس الأميركيّ المُنتخب دونالد ترامب شخصيّته الجدليّة. فهو كما فاجأ المراقبين يومَ فازَ في انتخابات 2016، وبفوزه الكبير في انتخابات 2022،…

هوكستين موفد ترامب… فهل يضغط لإنجاز الاتّفاق؟

كثيرٌ من الضبابية يحيط بمصير المفاوضات التي قادها آموس هوكستين بين لبنان وإسرائيل، أو بالأحرى بين “الحزب” وإسرئيل، عبر رئيس مجلس النواب نبيه برّي. التفاؤل…

الاتّفاق Done: إعلانه خلال أيّام.. أو أسابيع؟

بين واشنطن وتل أبيب وبيروت أصبحت شروط الاتّفاق معروفة، ولا ينقصها سوى لمسات أخيرة قد تستلزم يوماً واحداً، وقد تطول لأسابيع، أربعة ربّما. لكن ما…